فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أزمة الجهاد في الشام .. بين الإختراق والعمالة

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      لا نشك أنّ هناك أزمة مروعة في مسار الجهاد بالشام الحبيب. وهي أزمة دُبّرت بليل، تعاونت فيها أطراف خارجية وداخلية، لتضع العراقيل في طريق المشروع الإسلامي الوليد، الذي بدأته الدولة الإسلامية في العراق والشام، بعد أن حققت انتصارات جديرة بالذكر في العراق، ثم أتبعتها بالتمدّد لنصرة الشام وأهله، من خلال جبهة النصرة، ثم حدث ما حدث من عمالة واختراق.

      وقد كتبنا من قبل عن بعض أسباب هذه الأزمة، ولا بأس من أن نأتي عليها مرة أخرى للإفادة. فأولها الجَهد السّلولي الصهيو-صليبيّ المتربص بالإسلام وأهله ودعاته وجهاده وقيام أمته من وهدتها. وهؤلاء هم أسّ الفساد وأصل البلاء. ثم يتبعهم من ينتسب للدعوة من المخلّطين، من الأكاديميين السلوليين والسروريين والإخوان وخلافه، وهم يتراوحون بين من يريد إسلاماً نظرياً على الورق، لكن يقف في وجهه على الأرض، وبين من لا يريد الإسلام، كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بل "ديموقراطية إسلام" تتبع ما هو قائمٌ على الأرض، ولا تبدّله.

      ثم أدوات هؤلاء وأولئك في أرض الجهاد، هم أصناف متعددة. منهم العلمانيون الكفرة كبعض من ينتمي للجيش الحرّ والجبهة الوطنية (ومنهم جهال أو مخدوعون بلا شك)، وسائر فصائل العلمانية وأتباعها. وهؤلاء لا نسميهم عملاء، بل هؤلاء (من نقصد منه) كفرة مرتدون يجب قتالهم، ولو كانوا يقاتلون بشاراً وصحبه. ومن عرف مآلات ما يريد هؤلاء ما تردد لحظة في صدق ما نقرر هنا. إلا إنّ بعض أشباه العلمانيين من المتمسلمين، خاصة من السرورية، يرون أن التعاون مع هؤلاء حكمة ما بعدها حكمة، ومصلحة ما وراءها مصلحة، وأنهم بذلك أهل السياسة وحكماء الأمة الأريبون! وهم أكثر تغفيلاً من حمار الحكيم لو كانوا يعلمون! فإننا لم نقرأ فقط ما جاء عن ربنا، وفيه الكفاية، ولا ما جاء فقط في سيرة نبينا عن سيرة هؤلاء المنافقين، وفيها الكفاية، بل رأينا في عصرنا هذا غدرهم وكيدهم للمسلمين، وما أحداث مصر منّا ببعيد! ولكنه عمى النفوس التي تريد الراحة والدعة والمال والمنزل، مع ادعاء نصرة الدين وإحراز السمعة والشهرة بين متابعيها، والحظوة عند حكامها وملوكها، ومناصب رفيعة في وزارت "الشؤون الدينية والدعوة" وإدارات "الجامعات"!

      ثم من هؤلاء الأدوات من ضلّت أنفسهم وزاغت بصائرهم، إذ هم أصلاً من أتباع هؤلاء وأولئك الذين ذكرنا، مثل زهران علوش "السلفيّ على المنهج السلوليّ"، وأولئك الضالون من "جيش المجاهدين" الذين قاموا أصلاً لا لغرض الجهاد، بل لغرض قتال الدولة وإفشال الجهاد، كما جاء في بيانهم الأول. وهؤلاء يوصفون بالعمالة الصريحة. وهم يتحركون من خلال الجهاز السلوليّ الصهيو-صليبي، وتحت إمرته، ويريدونها دولة شبه سلولية عميلة أصلاً وفرعاً.

      ثم هناك من اخترقته أجهزة السلولية، ممن كان على حق، وذلك بسبب من غفلة أو دنيا، أو من كليهما. وهؤلاء وقعوا في الخيّة التي عقدها لهم هؤلاء وأولئك ممن ذكرنا سابقاً، من خلال دسّ بعض من يسمونهم بالشرعيين، ولا أدرى والله عن علم هؤلاء من قبل أن يولونهم أمر دينهم! والنفوس ضعيفة بطبعها، إن لم يؤازرها حبل الله المتين. فلعبت تلك الجهات بعقول بعض قادة النصرة من جهة الوطنية السورية، وضرورة إرجاع الأمر لأهل البلاد لا المهاجرين اليها! وهو صحيح إن كان في حيّز إمارة خاصة تنوب عن دولة أو عن إمارة عامة. أمّا بإطلاق، فوالله ما سمعنا بهذا في ملة الإسلام إلا من العلمانيين القوميين الوطنيين الديموقراطيين المشركين، لا من مجاهدين مسلمين. ثم لعبت الأهواء بالنفوس، وتواردت على النفس حظوظها  وتقسمت أغراضها، فقدت توحيد الروية للهدف والقصد، وهو شرط النصر. وكان أن صار إخراج الدولة وجنودها هدف أصيل توحدت عليه كافة الجهات، كفاراً وعملاءً ومخترقين! فسبحان الله رب العالمين.

      إذن، فإن ما نرى على الساحة اليوم هو نتيجة عمالة أو اختراق. وقد يسأل سائل، ما الفرق بينهما والنتيجة واحدة؟ فنقول الفرق كبير، حيث أن الإختراق لا يمكن أن يكون تامّا، بل يبقى قدر كبير من العاملين ممن هم تحت سطح السفينة، لا يعرفون وِجهة الدفة، ويحسبون أنها لا تزال تسير في طريقها إلى مرفأ الأمان. وهؤلاء يكونون على أصل صحيح من أول أمرهم، مقصداً وهدفاً، ومن ثم يجب توعيتهم وإعلامهم بانحراف الدفّة. أما في العمالة، فإنه غالباً ما يكون الأصل منحرفٌ في غالب من انضم من بداية الأمر، إذا العميل يتخيّر من هم على شاكلته، أو على منهجه العقديّ ابتداء، ويكون اتجاهه أصلاً مَرضياً من أتباعه، وإن غفلوا عن تسميته بحقيقته.

      قلنا، وسنظل نقول، إنه يجب على العقلاء أن يقفوا موقفاً  صلباً، وأن يكشفوا الحقائق قبل فوات الأوان، فالمتربصون كُثْر، شرسون، لن يرحموا نصرة ولا دولة، بل سيكون الكلّ هدف نهائيّ يجب الخلاص منه. وقد رأينا كيف كادوا لإخوان مصر، وهم من هم في التنازلات للغرب وللديموقراطية وللغض عن إقامة الشريعة، بل بمتابعتهم وإرضائهم للكنيسة التي طعنتهم في الظهر والقلب، وتركهم رؤوس الفساد بدعوى المشاركة لا المغالبة. ونُشهد الله أنه لا طريق إلا المغالبة كما يفعل المجاهدون لصد الصائل المعتدى.

      أفيقوا يرحمكم الله.