فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      المخطط المُرتقب في صراع الشام

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      لا يحتاج الناظر في أحوال الشام إلى كثير ذكاء أو دقة تحليل ليرى ما يحدث على الأرض هناك. هي مؤامرة ولا شك في هذا. وهي مؤامرة ذكرنا أطرافها من قبل، خارجية عربية وغربية، وداخلية عميلة، إعلامية وعسكرية، مغفلة وعامدة. كلها تصب في هدفٍ واحد، هو باختصار وقف امتداد المشروع الإسلاميّ الذي يجمع العراق والشام أولاً، ثم تحويل مسار الجهاد في الشام إلى صراع داخليّ ينتهى بالقضاء عليه، من خلال تبديل أهدافه وغاياته ثانياً.

      وفي سياق هذا الهدف الثاني، فقد ظهر أنّ القضاء على فكرة الدولة "المسلمة السنية" في الشام غير متاح في هذا الوقت، إذ هي فكرة تمكنت من عقول وقلوب الكثير من عامة المجاهدين، حتى بعض من ينتمى منهم لقيادات عميلة، قصداً أو تغفيلاً. وهو ما يجعل تكوين دولة علمانية صريحة واضحة أمرا صعب المنال في واقع هذا الصراع، من حيث ستنكشف المؤامرة وقد ينسحب ذلك سلباً على الغاية التي يسعى لها المتآمرون.

      الوضع الأمثل في هذه الحالة، هو أن يعمل المتآمرون على استغلال براءة عوام المجاهدين، في أيّ فصيل، وشدة ولائهم لقياداتهم، مهما رأوا من انحرافات، ليسيروا في طريق مرسوم ، يخدم الهدف الأول الذي أشرنا اليه آنفاً! ذلك أنّ الالتزام بالبيعة واجبٌ شرعيّ يؤكدون عليه في كلّ حين، وهو كذلك[1]. ثم من خلال هذا التعتيم والتضليل، عمداً أو تغفيلاً، يسعى هؤلاء إلى إقامة دولة "إسلامية سنية" على الطراز السلوليّ، تابعة لآل سلول في كلّ امورها، مالياً وشرعياً. ومن ثم، تصبح ولاية أمريكية أخرى، تتبع أختها الكبرى في دولة آل سلول، التي هي مرتكز الصهيوصليبية في شرقنا المسلم.

      وهذا المخطط يخدم، في حقيقة الأمر، كافة الأطراف المَعنية. فبالنسبة لأمريكا، يوقف إحتمال قيام دولة إسلامية حقيقية تقيم الدين كله لله، لا بعضه أو بعض مظاهره. ثم هو يقلل من النفوذ المجوسيّ في المنطقة، وإن بدا تقارب وتصالح بينها وبين المجوس، إلا أنّ ذلك لا يعنى أنها تريد سيطرة مجوسية كاملة في المنطقة كذلك. كذلك فأمريكا تأمن لربيبتها وخادمة أغراضها، دولة آل سلول لتكون حاضنة للدولة الناشئة في الشام، تقلّم أظفارها، وتضبط تصرفاتها، وتطلقها تنبح على من تريد، متى تريد.

      ثم إن هذه الدولة السلولية الجديدة ستكون خادمة تابعة مطيعة لآل سلول، فلا تتسبب الدولة الوليدة في أن يفكر بعض أبناء دولة آل سلول، ممن يريد أن تقوم في الجزيرة دولة سنية حقة تتخلص من التبعية الغربية، أن ينهج نهجها. وهو الهاجس الأكبر حقيقة لآل سلول. كما أنها تمنع من أن تقوم دولة سنية مجاورة تكشف الوجه القبيح لآل سلول إذا التزمت بالإسلام حقاً وصدقاً، فيسقط الخيال الواهم التي عملت على صناعته عقوداً، لتوهم المسلمين أنها حامية الإسلام، وراعيته وحاضنته، بما تبنى من مساجد، وما تطبع من كتب. دلالاتٌ لا يغترّ بها إلا المغفلون.

      ثم إن هذه الدولة السلولية، ستجد في الملتحين ممن شارك في الجهاد، كزهران علوش، الذي ما دخل الجهاد أولاً إلا من هذه الوجهة السلولية، أو ممن تبدلت وجهته، لسبب أو لآخر، فيقوموا بدور القيادة الجديدة، تحت الرعاية الغربية السلولية المشتركة.

      ولهذا فأنك تجد الغرب قد أسقط الجيش الحرّ من حساباته، لمّا ظهرت له حقيقة ما قلنا على الأرض. كما قللوا من دور جنيف 2 حيث أدركوا عبث المحاولة في هذا الاتجاه. واستبدلوا القوى السلولية السرورية الإخوانية بذلك الجيش العلمانيّ، فتكونت الجبهات والجيوش لتحقيق الهدف الأول والأهم، وهو طرد الدولة من الشام، ثم لتحقيق الهدف الثاني حيث لعبت الأموال السلولية، والخدع والتحايل والتآمر لإيجاد كيانٍ موّحد، تابع لآل سلول يمكن الاعتماد عليه في وقت التخلص من بشار وعصابته. وما الإبقاء على بشارٍ وعصابته اليوم إلا من باب انتظار الثمرة الموعودة في طرد الدولة من الشام، وتمكن السلوليون الشوام من الساحة.

      إذا، فقد زرعت السلولية السرورية الإخوانية الجامية ما يسمى "جيش المجاهدين" ليكون الذراع العسكريّ المُعلن لمحاربة الدولة وتحقيق الهدف الأول، بديلاً عن الجيش الحر. وأنشأت "الجبهة الإسلامية" لتكون الذراع السياسي لها على أرض الشام، بديلاً عن الجبهة الوطنية العلمانية الفاشلة، والتي سقطت في جنيف2، بلا رجعة.

      لكن، في الشهور القليلة الماضية، ثبُت للسلولية السرورية الإخوانية الجامية أنّ تحقيق الهدف العسكري الأول، بطرد الدولة من الشام، ليس سهلاً تحقيقه على الأرض كما تصوّروا. فما كان منهم إلا أنْ تحولوا إلى اختراق جبهاتٍ قيل بحيادها أولاً، بعد أن وعدوها بمناصرة غرضها في الشام، أن يحكم الشام شاميون، لا عراقيون ولا مهاجرون، وألانوا لها الحديث، بل لا يبعد أن مدّوها، من خلال طرفٍ ثالث، بمال أو عتاد. فشاركت بعض أجنحة تلك الجبهات في معاونة قواتٍ علمانية وسلولية في حربها على الدولة. ثم تدخلت الجبهة السياسية للسلولية "الجبهة الإسلامية" بالدعوة إلى نبذ البيعة للدولة، ثم جاء ذلك المحيسني، الذي ظَهر أنه من المؤمنين المخلصين للدولة السلولية وهيكلها وتوجهاتها، فأذكي نار الفتنة، وصبّ الزيت على النار، فأشعلها ناراً يحترق بها المجاهدون، بكافة فصائلهم. وتابعه في ذلك أذناب مغفلون قصيروا نظر كالقنيبي، أو مغرضون كالعرعور وخادمه دمشقية وكالمسعريّ وناصر العمر وغيرهم.

      السيناريو الذي يعمل عليه الغرب، بمساعدة آل سلول، وبتعاون كثيرٍ من الضالين والمضللين في ساحة الجهاد بالشام، هو إنشاء تلك الدولة "السنية" السلولية السرورية في الشام. لا شك في هذا. وحينئذ يحصل الكلّ على ما يريد. وسيكون الخاسر في هذه المعادلة طرفان، أهل السنة المخلصين المجاهدين، بسقوط مشروعهم لإنشاء دولة سنية على النهج المحمديّ لا السلوليّ السروريّ، ثم المجوس، الذين سيقنعوا بالدعم الأمريكي والاكتفاء بالعراق ولبنان في هذه المرحلة، ليكون هناك توازن في القوي بين المجوس والسلوليين في هذه المنطقة.

      فهل هناك من أملٍ في أن يفهم من بقي فيهم ذرة عقلٍ، وذرة إخلاص لله ورسوله ودينه، وأن ينتبه إلى هذا المخطط، وأن ينزع فتيل التعاون المُجرم مع الجبهة السلولية العسكرية "جيش المجاهدين" والسياسية "الجبهة الإسلامية"، لدحض خُططهم، وإفشال أهدافهم، بطرد المجاهدين من الشام، وإقامة دولة عميلة سلولية، قبل فوات الأوان؟

      رجاءٌ نتوجه به إلى من بقي فيه بعضٌ من تلك الذرات من الإخلاص في القيادات، وإلى كلّ مجاهدٍ على الأرض، أن لا تُطع قيادة تأمرك بقتل أخيك المسلم، فإنما الطاعة في المعروف، ولا عليك إن احتفظت ببيعتك، فنحن لا نعين على نقض بيعة، ولكن الطاعة في المنكر ليست من لوازمها، وإن أوحوا لك بذلك.

      [1]  ، إلا إذا تعلق بالدولة الإسلامية في العراق والشام، فلا قيمة لبيعة ولا يحزنون!