فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      بيان رابطة علماء المسلمين .. شؤمٌ وجهلٌ وعدوانّ

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      اطلعت على بيان نشرته الخميس السادس من شهر فبراير 2014، ما أطلق أصحابها عليها "رابطة علماء المسلمين" بشأن الجهاد في الشام[1]. وقد تردّدت بعد قراءته في التعليق عليه، إذ قد يضفي هذا التعليق أهمية لهذا العبث المسمى "ببيان" وما هو إلا خلطٌ وجهل وعدوان. لكن الله المستعان، فلابد من أن يتحدث أحدٌ عن مثل هذا الهَرَج الرخيص الذي أصبح وسماً تخرج بها أمثال تلك الهيئات التي تصبغ على أنفسها أوصافاً ما أنزل الله با من سلطان[2] .

      وحديثنا اليوم عن "رابطة علماء المسلمين"، وما أعظمه من إدعاء، لو قامت عليه بيّنة! خاصة ولفظ "علماء" جاء مُنَكّراً، فدل علي حصر العلماء فيمن ينتمي لهؤلاء!! ثم عن بيانها الذي نراه b يخرج من طالبٍ بالصف الأول الأزهريّ، فضلا عن علماء "رابطة علماء المسلمين"!

      فعن البيان، أولاً، لا نجد فيه نفس علمٍ على الإطلاق، بل، كما ذكرنا، صيغة ضعيفة، وتتابع لا منطق فيه، يظهر فيه أنّ المقصود هو ما أوردوه في البندين الثالث والرابع والخامس، أما باقي البنود فهي حشوٌ يراد به إضفاء أهمية زائفة على البيان. قالوا:

      "ثالثا: لا يرد التحاكم للشرع مطلقا إلا منافق أو مفتون كما قال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ) [النساء : 60،61]، وقال تعالى في صفة اهل الايمان : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور: 51].

      رابعا: إن انفراد فصيلٍ من المسلمين أو المجاهدين في إعلان إقامة دولة إسلامية  ليس لها وجود حقيقي أو مقومات على الأرض وعقد البيعة العامة من غير أن يتم ذلك بطريقته الشرعية وبشروطه المرعية ؛ إنما هو استبداد وجهل بالشرع والواقع، جاء في الصحيحين ، ولفظه عند البخاري أن عمر رضي الله عنه قال: ( مَنْ بَايَعَ رَجُلاً مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تَغِرَّةَ أن يقتلا).

       ثم ماذا يكون الأمر لو قام فصيلٌ ثانٍ وثالث بنفس العمل وإقامة دول أخرى على نفس الأرض وبنفس الضعف؟! ومن هنا تنشأ إشكالات كثيرة يكفي تصورها في بيان بطلان وضرر تلك التصرفات على إقامة الدين والدولة معا

      خامسا: ومن أسوأ آثار إقامة هذه الدولة المزعومة فيما يتعلق بالدماء والحقوق ؛ الحكم على كل من لم يبايع أمير هذه الدولة بأنه خارجي، وسحب جميع أحكام الخوارج البغاة عليه، مما يسوغ محاكمةَ وأسرَ وتعذيبَ وقتلَ كلِّ من خالفها -كما يشهد لذلك الواقع الأليم - ، وفي هذا من الفساد والبلاء ما الله به عليم".

      وفحوى تلك البنود هي الدعوة لقتال الدولة، لا غير. هزّ هؤلاء أقلامهم المقصوفة عن قول الحق، وخرجوا بهذه الفتوى من غير مفتٍ، ليدعوا المجاهدين أن يستمرّوا في قتال تلك الطائفة بذاتها.

      في البند الثالث قالوا "لا يرد التحاكم للشرع مطلقا إلا منافق أو مفتون"، وهل تحقق ردّ التحاكم عند هؤلاء، أم طلبت الدولة تحرير الدعوى بتمييز الخصم؟ وهل لم يردّ غيرهم نداء الدولة للتحكيم قبلها، بل بوقف الاقتتال قبلها؟ أم دعوة المحيسني هي الدعوة الشرعية الوحيدة التي يُعتبر ردّها فتنة ونفاقٌ؟ أم كانت دعوة المحيسني بتوجيه جنود الدولة لتركها والانضمام إلى النصرة توطئة لهذا البيان بالتصريح بوجوب قتالها؟

      أمّا البند الرابع، فكله شغبٌ وافتراء، فإن الدولة قد أعلنت عن نفسها في العراق بلا مدافع، ثم مدّت سطوتها إلى الشام بإرسال الجولانيّ على رأس كتيبة إليها، ولو حفظ الجولاني البيعة ما حدث ما حدث، لكنها نعرة قومية أو حظوة نفس، لعل الله أن يزيحها عنه بما عرفنا عنه من إخلاص. ثم إدعاء أن ليس لها مقومات على الأرض!! ماذا يعنى هذا الحديث يا قوم؟ وما هي مقومات الدولة التي تقصدونها، فإنه يلزمكم البيان لا مجرد الإدعاء، فهلا بيّنتم لنا مقومات الدولة التي ترونها حتى يسعى الساعون لتحقيقها؟ أمِنْ هذه المقومات اعتراف الرمم المتحدة؟ أم اعتراف بني سلول بها؟ نبؤنا بعلمٍ إن كنتم صادقين.

      الدولة الحديثة، يا قوم، تعبيرٌ مُحدثٌ نشأ في علم الإجتماع. ولكن على أرض الواقع، وفي شريعتنا المطهرة، هو مصطلحٌ يدل على كيانٍ يقوم على "الشوكة فالقتال فالسيطرة أوالبيعة (أيهما يأتى أولاً)". فهي تقوم، كما هو الحال في كافة دول العالم "المتحضر" اليوم كأمريكا، على أساس جماعة مقاتلة، سيطرت على أرض وأحكمت عليها سطوتها، وفرضت أحكامها، ثم أعلنت استقلالها ودان لها غالب مواطنيها. وكيف تتميز دولة المالكي الرافضي عن دولة الإسلام في هذا المجال إلا باعتراف الرمم المتحدة؟ ولا محلّ للحديث عن مساحة أو تعداد، وواجب إقامتها فرضٌ على أية جماعة تتحقق فيها هذه الشروط بلا تردد ولا انتظار، وعلى البقية إمّا متابعتها أو مساعدتها، لا ثالث لهما. أما قتالها فهو فعل الخائنين المُغرضين أصحاب الهوى بلا نزاع. وإن أعلنت غيرها إقامة دولة، فإن الحَكَم هو التمكين، إذ في غياب الإمامة الكبرى تصح أكثر من ولاية، ولكن المحك هو في الحفاظ عليها على أرض الواقع، فالإعلان سهلٌ لكن الشوكة والتمكين فيهما فصل الخطاب. وقد رضيتم بتقسيم سايكس بيكو، فما لكم لا ترضون بأكثر من كيانٍ، إن حصل، حتى يأتي الله بنصره؟ أليس هذا أقرب مصلحة من التقاتل فيما بينهم؟ والإشكالات الكثيرة التي موّهتم بها هي وليدة تصرفاتكم وتوهماتكم وسيركم وراء مؤامرات سلولية صهيوصليبية خبيثة، لا وليدة إعلان دولة صارت شوكة في حلق أعداء الإسلام من مرتدين نفاقاً وكفار أصليين، من حيث رفضها أيّ تعامل تنازليّ أو تفاوضيّ أو تعاونيّ مع أعداء الإسلام، كما يفعل أولياؤكم من أنصار الإخوان والسرورية، فضحهما الله.

      أمّا البند الخامس، فهو عار وشنارٌ عليكم، وكذبٌ محضٌ لا حقّ فيه، فهذه بيانات الدولة كافة، وهذه خطبة أميرها أبو بكر البغداديّ الأخيرة، ليس فيها حرفٌ مما تقولون عن تكفير أو قتال الخارج، أفلا تتقون؟ شاهت وجوهكم.

      ونحن نلوم على الدولة أشدّ اللوم تقصيرها الشنيع في بيان حقائق ما يحدث على الأرض، وتركها الساحة الإعلامية لأمثال هؤلاء الجرزان، يعتدون بالقول توطئة للعدوان بالعمل. ولولا ما كتب الله علينا من واجب بيان الحق "لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُۥ" آل عمران 178، لامتنعنا عن التعليق، كما امتنع فضلاء من العلماء الأجلاء، حتى يخرج بيانّ واضح شاملٌ من الدولة.

      أمّ عن هيئة "علماء الرابطة" فوالله لا أريد أن أخوض في انتماءاتٍ لم أتحقق منها، لكنّ هؤلاء بلا استثناء، ما كانوا ليحتفظوا بكراسيهم في جامعاتهم، ولا بأمان في نشر بياناتهم وشرائطهم، إذ لم نعرف لأحدهم كتاباً أكاديمياً يتميز عمّا يكتب طلبة العلم في كل مكان، لولا معاونتهم للظالم الباغي في إدراك مقاصده، بقصد أو بتغفيل، أو بالسكوت عليها على الأقل، وها قد رأينا ما حدث لإمام المسجد النبويّ محمد بن ناصر السحيان نصره الله، حين تحدث بالحق عن فرعون مصر وكفارها، بينما أنتم تلقون الدروس وتعبئون الشرائط وتنثرون البيانات بلا ممانعة. 

      اخلعوا ثوبيّ الزور، اتركوا ساحة الجهاد للمجاهدين، اتركوا البيانات لأهلها من المخلصين الواعين. كفاكم التعصب إثماً ودعم قوى الكفر ضد من رفع لواء التوحيد معصيةً. فإن أخطأ من أخطأ بزعمكم، فهلا أصدرتم بيانات بشأن خطأ الآخرين، أم هم ملائكة يمشون في الأرض مطمئنين! ألا تستحون من هذا التعصب المقيت؟ ونحن والله لا نذب عن الدولة إلا لما نرى من ظلمٍ وشغبٍ واقع عليها من كلِّ ذئبٍ غدّار. ووالله ثم والله لو وقع هذا الغدر على جبهة النصرة أو غيرها ممن لم يتلبس بالعمالة لوقفنا ذات الموقف منهم، لكنها مؤامرة أنتم والسرورية الخبيثة والإخوان وآل سلول والأمريكان أضلاعها. كسر الله أضلاعها.

      [1]  http://www.muslimsc.com/site/index.php?option=com_content&view=article&id=1734%3A2014-02-06-15-45-26&catid=69%3A2012-01-30-05-37-07&lang=ar

      [2]  والتي يسمونها في الغرب علماء مصنعة ذاتياًّ self-made scholars