فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      مفاهيم في طريق التمكين ..1

      • التمكين
      • 2864 قراءة
      • 0 تعليق
      • 22:53 - 27 نوفمبر, 2013

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      أول الطريق إلى النصر اكتشاف الواقع. هذه بديهية عقلية لا شك فيها، ولا مَعدل عنها، لمن أراد نصراً.

      من هنا فإننا يجب أن نبدأ طريقنا للتمكين بإزالة الأوهام التي تُعشّش في عقول الكثير من "الطيبين" التائهين في غيبوبة الوهم، وتصور المستحيل والتعلق بالأحلام. وهؤلاء الذين نصف أصنافٌ عدة، منها ما نذكر لاحقاً.

      (1)

      أولئك الذين يتصورون أنّ الولايات المتحدة أعطت الضوءِ الأخضر للمجرم السيسي لأنها لا تقبل قيام دولة إسلامية في مصر، تطبق الشريعة وحدودها. هذا مفهومٌ خاطئٌ لا يعرف أبعاد السياسة الخارجية اليوم. الولايات المتحدة هي سيدة عالم اليوم بلا جدال. والحديث عن انهيارها لا يزال حديث سابقٌ لأوانه بقرنٍ أو قرنين، إلا أن يشاء الله شيئاً من تصرفات الغيب. والقرار السياسيّ، في بلاد الدنيا اليوم خاضعٌ للإرادة الأمريكية، إلا في قليل من البلاد التي تتمَلمل في قراراتها بعداً أو قرباً عن صانعي القرار في أمريكا، ككوريا الشمالية، وكوبا.

      والمشكلة الأساسية التي حدثت في مصر هي أنّ "شخص" محمد مرسى، فكّ الله أسْره، أراد أن يحرّر القرار المصريّ، وتواً، من الإرادة الأمريكية. وقد كان هذا القرار بحت قراره، لا قرار الإخوان المسلمين كجماعة، إذ إن الفكر الإخوانيّ لا يمنع الخضوع للقرار الأمريكيّ "مصلحة" كما يرون في أصولهم الحديثة، وإن تحدثوا بغير ذلك. لكنّ محمد مرسى خرج عن منظومة الإخوان يوم تولى الحكم حقيقة، وأبت نفسيته إلا أن يُحرّر هذا القرار على التوّ. وهو ما حذرته منه السفيرة الأمريكية من قبل الإنقلاب.

      أمريكا لا تهتمّ كثيراً بتطبيق الشرع أو الحدود، أو ما شاء المسلمون أن يقيموا في بلادهم. أمريكا تهتم بالقرار المصريّ، حين إتخاذ القرارات الي تمس سيادتها من قريبٍ أو بعيد. هذا هو مربط الفرس في السياسة الأمريكية. وقد أمّنت أمريكا قرار الدول العربية النفطية بلا استثناء، بفضّ سيطرتها على منابع النفط، عسكرياً وتقنياً، وبحيازتها للأموال النفطية في بنوكها، حيث يفضّل أصحاب "العروش والكروش" العربية أن تكون أموال النفط تحت السيطرة الغربية من أن تستثمر في بناء بلادهم وتحريرها. كما أمّنت قرارها في مصر وتونس والعراق وليبيا والمغرب والجزائر والأردن وسوريا عن طريق عمالة حكامها، وخيانتهم لشعوبهم ووضاعتهم وخِسَّتهم التي تخرُج عن المِلة وترضى بالمَذلّة.

      والولايات المتحدة، حسب الحسابات الدنيوية التي تقوم على عالم الأسباب، لن تنهار اليوم أو هذا العام أو هذا العقد، إلا عند من لا يفقه قواعد قيام وسقوط الحضارات، فإنها لا تزال في عنفوان القوة العسكرية الطاغية الهائلة، على أشدّها، بلا خصمٍ حقيقيٍّ في واقع الأمر، وإن بدأ الإنهيار الخلقيّ والقيميّ يفعل فعله في بنيانها الإجتماعيّ.

      القوة، هي التى كانت، وستظل، ترتفع بها الأمم أو تتلاشى. وقد رأينا أنّ الأمة الإسلامية لم يعلو نَجمها إلا بعد أن واجهت، بالقوة العسكرية، القوى العالمية التي كانت سائدة وقتها. وهو ما لا يمكن تَخيّله في عالمنا اليوم، إلا بعد أن تعود السيطرة الإسلامية على أرض الإسلام، على أقل تقدير. وهذا ما لم تفهمه قيادات "الإسلاميين" ودَع عنك عوامهم.

      (2)

      أولئك الذين لا يزالون يعيشون وهْم الديموقراطية، ويعتقدون أنّ الإستفتاء على الدستور، أو الإنتخابات القادمة، يمكن أن تغيّر من أيّ وضع قائمٍ على الأرض، إنْ صوّت الناس بنعمٍ أو لا! هذا وهمٌ آخر يجب أن يفيق منه من لا زالت لديه بقية عقلٍ، في ؤبلدٍ غاب فيه العقل والمنطق والدين والخُلُق.

      هناك أكثر من مليون مُسلحٍ شَرسٍ عديم الدين والخلق، بين جيشٍ وشُرطة وأمنٍ مركزيّ وأمن دولةِ الكفر، وبلطجية تابعة لهم، تُموّلهم موارد الدولة بلا حدود، بل وموارد دول أصحاب "العروش والكروش"، مع ماكينة إعلاميةٍ هائلةٍ، وقضاءٍ فاسدٍ مرتشٍ، وشعبٍ مواز، يمثل الغالبية من سكان تلك الأرص، من كافة الطبقات، يتمنى قتل الإسلاميين، إخواناً وغير إخوان. السؤال لهؤلاء هو كيف يتصَوّرون، عملياً، أن يَخرج ممثلي نظامهم يوماً على الناس فيقرّرون إسقاط نظامهم، واستبدال قادتهم، وتسليم سُلطتهم إلى المسلمين؟ أيكون هذا بسبب نسبِ انتخاباتٍ تعلو وتَنْخَفض حسب عدد الصناديق التي يُرسِلها المُزَوّرون؟ أم بسبب السلاسل البشرية التي تخرج بمئات المخلصين من الرجال والنساء، أو التظاهرات التي أصبحت بالآلاف التي تُعدّ على أصابِع اليد الواحدة؟

      حلّ هذه الأزمة الحالية يكمن في طريقين، إما أن يَحلّ بهم عذاب قوم لوطٍ أو قوم عادٍ أو قوم صالحٍ، بهلاكٍ عامٍ، كأن يجف ماء النيل، أو أن يغزو اليهود البلاد، ويقسِمها بين الصهاينة والصليبيين، وهو السيناريو الأكثر توقّعاً.

      من الضروريّ أن يفهم المسلمون اليوم أنّ الصراع المسلح الذي بدأته قوى الظلام الكفريّ في مصر، لا يمكن أن يتبدّل إلا بحراكٍ موازٍ. هذا الحراك يكون باستمرار التظاهرات، وإن كانت لن تؤدى إلا إلى "صداع للسلطات"، ولن يكون بها إسقاط للنظام الفاشيّ السيسيّ الملحد.

      إنّ الوضع الحاليّ في مصر باق قائم، سنيناً وعقوداً، طالما لم يتحرك المسلمون في الإتجاه الوحيد الذي قامت به، وستظل تقوم به، سنن الله في الأرض، القوة والمغالبة والمواجهة المسلحة، بعد الإستعداد بالعدد والعدّة، والعلم اللازم لهما. وهو أمرٌ لا أرى عليه دليلاً في وقتنا هذا.

      يتبع أن شاء الله