فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      حقائق ثابتة على طريق التمكين

      • التمكين
      • 3086 قراءة
      • 0 تعليق
      • 02:59 - 20 نوفمبر, 2013

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      أود أن أذَكّر القارئ الحبيب بعدة حقائق، تتسرب من العقل من حين لآخر، تحت ضغط الظروف وأحداث الواقع. وهي حقائق يجب ألا تغيب عن الأذهان، يشرحُها العالم والداعية ويكرّرونها، ويستمع لها العوام ويحفظونها، إذ ما جاءنا الخراب، وتداعت علينا الهوام والذباب، إلا بتجاهلها أو الجهل بها، وهو ليس بعذرٍ فيها

      إن كنت لا تدرى فتلك مصيبةٌ            أو كنت تدرى، فالمصيبةُ أعظم!

      هذه الحقائق منها ما هو من قبيل القواعد العقدية والشرعية، ومنها ما هو من قبيل تحقيق مناطات تلك القواعد وتطبيقها على واقعنا الأسيف، نذكرها من باب قوله تعالى "لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٍۢ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَىَّ عَنۢ بَيِّنَةٍۢ" الأنفال 42.

      1. أنّ الله سبحانه هو الحقيقُ بالطّاعة في تشريعه، وقبول كلِّ أمرٍ منه ونهيّ، قبولاً مطلقاً عَارياً عن القيد والشَرط، سواءً في حق الفرد أو الجماعة أو المجتمع، وأنّ دون ذلك كفر بواحٌ لنا فيه من الله برهان.
      2. أنّ ولاء المسلمين بعضهم لبعض، والبراء من المُشركين كلهم، هو حدّ من حدود التوحيد، وهو مظهره الخارجيّ في التعامل بين الناس. فمن والى مشركاً ونصره في حربه ضد المسلمين فهو كافرٌ مشرك حلال الدم والمال.
      3. أنّ إقامة الدين هي تطبيق شرعه واتباع تعاليمه كلها، وهي لا تتحقق إلا بتولى المسلمين الحكم في بلادهم، لا أن يتولاها كافرٌ مشركٌ، معادٍ للشرع، موالٍ للكفار، وإن تسمى بأسماء المسلمين وخالطهم، وأوهمهم بغير ذلك.
      4. أنّ فهم الواقع الحاليّ بدقة وبصيرة هو واجبٌ عينيّ اليوم على كل مسلمٍ، إذ إن هذا الوعي اليوم هو مناط الإسلام والكفر، ليس فيه اختلاط، لتمايز المُعسكرين على الأرض.
      5. أنّ التلاعبَ في مفاهيم الإسلام وتصوراته وأحكامه الثابتة المطلقة، وتمييع المصطلحات وتبديلها، تحت أي سبب من الأسباب، هو خيانة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، وهو مصدر البدع والكفر.
      6. أنّ مفهوم الجهاد وأصل الدفاع عن النفس ضِد الصائل المُعتدي، حقٌ مكفول وواجبٌ مفروضٌ على كلّ مسلمٍ، بل هو مكول لكل مخلوقٍ على الأرض، مسلماً أو كافراً، إنساناً او حيواناً. فمن تنازل عنه قصداً وطواعية فقد خرج من الدين، وانحرف عن الفطرة، بل فقد العقل رأساً.
      7. أنّ تمييز الحقّ من الباطل، وتحديد المسلم من الكافر، والسنيّ من البدعيّ، هو أمرٌ مشروعٌ في الدين، خاصة في عصر الفتنة وانتشار الكفر والفسق والبدع، لا يستقيم أمر الدين إلا به[1]. وهو واجبٌ لى العلماء أن يبينوه وعلى العامة أن يتبعوه، فيعاملوا كلّ إمرء بما هو عليه.
      8. أنّ التعلق بالمصالح والمفاسد التى يؤدى اعتبارها إلى مُضادة الثوابت الشّرعية هو محض تأوّل على الله، وخروج عن الدين، والتنصّل من أحكامه. فالمصالح المُعتبرة شرعاً لها شروطٌ وموانع، على رأسها أن لا تضاد نصّ شرعي ثابت.

      أما الثوابت التي أسدل عليها ليلُ الواقع الأسيف ستائر نسيانه، فمنها:

      1. أنّ الوضعَ العسكريّ الفاشيّ الحاليّ في مصر، هو حُكمٌ علمانيّ كافرٌ خارجٌ عن المِلة، سواءً نظامه (مؤسساته كالجيش والشرطة والقضاء والإعلام) أو القائمين عليه (كأعضاء المجلس العسكريّ والرئاسيّ والقضاة الموالين لهم وخلافه) أو منفذي خُططه (كضباط وجنود الجيش والشرطة وأمن دولة الكفر) أو داعميه ومُفَوّضيه (من العامة الذين يدعمون الإنقلاب ويؤيدون الحكم الحاليّ تحت أي سبب من الأسباب). هؤلاء كفارٌ خرجوا عن مقتضى التوحيد من كلِّ جهاته، ولا حُجة للتبرير لهم إلا من جاهلٍ بدينه، أو مُوالٍ لهم في كفرهم.
      2. أنّ هذا التصور ينطبق على كافة أنظمة وشعوب منطقتنا العربية التي حَكم فيها الإسلام يوماً، قبل أن تُسيطر عليها، كلها، العلمانية العميلة للغرب الصهيو-صليبيّ، فنحن "كُلُّنا في الهَمّ شَرقُ"، كما قال أمير الشعراء.
      3. أنّ نهج السلمية نهجٌ لا يصح أن يكون مبدأ عاماً لا يخرج عنه المسلمون، وكأنه دين الله الذي أنزله على رسوله، بل إن دين الله هو المدافعة والجهاد ودفع الصائل المعتدى على الأنفس والأموال والأعراض، ومن شكّ في ذلك فقد كفر بدين الإسلام وخلع الربقة، بأي تأويلٍ كان. أما السلمية، فقد تكون مناطاً في واقعٍ محددٍ، لا شعاراً دائماً كما يفعل أولئك الجمع من الإخوان، ومن يسمون أنفسهم "جبهة دعم الشرعية". إن هؤلاء يأخذون مناط الجهاد ودفع الصائل المعتدى بالقوة على أنه ليس من دين الإسلام، ويرسخون مبدأ السلمية في عقول العوام على أنه دين الله المفروض.
      4. أنّ هناك فرقٌ كبير بين "إعتماد السلمية" كمبدأ، وبين "التذرع بالصبر لحين القدرة". فالأول استسلام تامٌ، يؤدى بصاحبه إلى أن يتنازل عن ثوابته في أول موقفٍ، ويلجأ إلى التفاوضات والتنازلات، كما رأينا في سياسة الإخوان منذ حركة 25 يناير، زكما نرى اليوم من موقف "جبهة دعم الشرعية" المتخاذل المريض، الذي بدأ مسيرة التنازل بالفعل، كأن هذه هي سلميتهم التي أقوى من الرصاص، أحبط اللهُ خُططًهم إن شاء.
      5. أنّ الوضع في مصر، كما هو في شامنا الحبيب، قد وصل به الكفار من القائمين على السلطة اليوم إلى حدٍ لا يجوز معه أن يكون هناك سلمية بحالٍ من الأحوال، بل قد يسيغ صبرٌ على الوضع القائم لحين استكمال عدة المقاومة التي تقرع قوة السلاح العسكريّ الفاشيّ بمثله، دون هوادة.

      ومن يَسقى ويشربُ بالمَنايا   إذا الأحرارُ لم يَسقوا ويَسقوا

      1. أنّ أيّ تنازل عن شَرع الله، ولا أقول عن الشرعية الدستورية الديموقراطية الشركية، هو خيانة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ودينه وللمؤمنين وللشهداء الذين دفعوا دماءهم باسم الإسلام، وطعنٌ للأمة في ظهرها، وتمكينٌ للباطل. وهو ليس انسحابٌ مرحليّ كما قد يموّه به أصحاب التخاذل والتنازل والتراجع، إذ الإنسحاب التكتيكيّ لا يجوز فيه إقرار الكفر على كفره، بل يكون تحت مبدأ "َومَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍۢ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفًۭا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍۢ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَىٰهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ" الأنفال 16. وهو مبدأ قرآنيّ عام في القتال والسياسة والتعامل مع الأعداء بأي شكلٍ كان. وهؤلاء ليسوا منحرفين لقتال، بل هم وضعوا السلاح ابتداءً تحت شعار السلمية، ومَكّنوا العدو أن يأخذ كلّ مقياسٍ ليمنع أيّ تحركٍ في اتجاه القوة مرة أخرى. وليسوا متحيزين لفئة، إذ هم يتبرؤون أصلاً من الفئة التي ترى الحق حقاً، وتعتمد سنن الله في الجها ودفع الصائل والمقاومة، ويعتبرونهم "خوارج" كما يُشيع عنهم عدوهم! هؤلاء إذن هم قد ولوّا العدو الدُبر، إن قبلوا بمفاوضة لا تأتي بشرع الله حاكماَ، وتقتصّ من القتلة الكفرة الفجرة، وخانوا الشعب المسلم الذي لن يرضى عن مثل هذا التصرف الخائن، مرة أخرى، بعد أن تجرعنا منه غُصص كامب سليمان، ومحمد محمود وحصار مجلس الشعب وكافة التظاهرات التي خرجت ضد المجلس العسكريّ في 2011 و 2012، وتنحى عنها الإخوان ومن هم على نهجهم، واستعملوا نهج التظاهر "الماتينيه"، من "ستة لتسعة" لإفشالها!، وكان هذا النهجُ هو سبب هذه الكوارث كلها، بقدر الله الذي لا يرحم من يَغفلُ عن السنن.

      طريق التمكين طويل، شاقٌ، ملئ بالإبتلاءات والفتن، لا يسلكه إلا من يقدر عليه، ولا يقدر عليه إلا من عرف سنن الله في المدافعة والمغالبة، وكفر بما دونها من قواعد المشاركة والمفاوضة.


      [1]  فإن قال قائلٌ "لكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف أعيان المنافقين في المدينة ولم يكشف عنهم"؟ قلنا: ذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متمكناً في المدينة، صاحب الكلمة العليا، وكان الشرع هو الحاكم. والتلاعب اليوم بمثل هذه الأدلة هو ورع بارد ومحضُ جهل قد يؤدى بصاحبه إلى المروق من الدين.