فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      سلامٌ إلى أحبّائنا في الشام

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      ما أعجب أيام الناس وتصرفات الأقدار! أحداث تعود كأنها لم تبرح. التاريخ يعيد نفسه فيعتبر من يعتبر، ويسهو من يسهو، والله غالب على أمره.

      هذه الرائعة البيانية لأمير شعراء العربية أحمد شوقي، لا أجد أنسب منها يواسى جراحات أحبابنا في الشام، كتبها أبّان احتلال الفرنس الصليبيين لسوريا، وانتفض أهل الشام يومها، كما انتفضوا يومنا هذا، نصرهم الله على ملاحدة النصيرية.

      سَلامٌ مِن صَبـــــــا بَـــرَدى أَرَقُّ           وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشــــــــقُ 

      وَمَعذِرَةُ اليَراعَــــةِ وَالقَوافــــــي           جَلالُ الرُزءِ عَن وَصـــفٍ يَدِقُّ 

      وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبـــــي            إِلَيـكِ تَلَفُّتٌ أَبَــــدًا وَخَفـــــــــقُ 

      وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالــــــــــي            جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمــقُ 

      وَضَجَّ مِنَ الشَكيمَةِ كُلُّ حُـــــــرٍّ            أَبِيٍّ مِن أُمَيَّـــــةَ فيهِ عِتــــــقُ 

      لَحاها اللهُ أَنبـــــــــــاءً تَوالـــَتْ              عَلى سَمعِ الوَلِيِّ بِما يَشُــــــقُّ 

      يُفَصِّلُهـــا إِلى الدُنيا بَريـــــــــدٌ              وَيُجمِلُها إِلى الآفـــــــاقِ بَرقُ 

      تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيهــــــا              تُخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهيَ صِدقُ 

      وَقيلَ مَعالِمُ التاريخِ دُكَّــــــــتْ              وَقيلَ أَصابَها تَلَفٌ وَحَـــــرقُ 

      أَلَستِ دِمَشقُ لِلإِسلامِ ظِئـــــرًا          وَمُرضِعَJJJJةُ الأُبُوَّةِ لا تُعَــــــقُّ 

      صَلاحُ الدينِ تاجُكَ لَم يُجَمَّـــلْ              وَلَمْ يوسَمْ بِأَزيَنَ مِنهُ فَــــرقُ 

      وَكُلُّ حَضارَةٍ في الأَرضِ طالَتْ            لَها مِن سَرحِكِ العُلوِيِّ عِرقُ 

      سَماؤُكِ مِن حُلى الماضي كِتابٌ            وَأَرضُكِ مِن حُلى التاريخِ رَقُّ 

      بَنَيتِ الدَولَةَ الكُبرى وَمُلكًـــــا              غُبارُ حَضـــــــــارَتَيهِ لا يُشَقُّ 

      لَهُ بِالشامِ أَعلامٌ وَعُــــــــرسٌ                بَشائِـــــــــــــرُهُ بِأَندَلُسٍ تَدُقُّ 

      رُباعُ الخلدِ وَيحَكِ ما دَهاهــــا              أَحَقٌّ أَنَّها دَرَسَـــــــــت؟أَحَقُّ 

      وَهَل غُرَفُ الجِنانِ مُنَضَّداتٌ                وَهَل لِنَعيمِهِنَّ كَأَمسِ نَســقُ 

      وَأَينَ دُمى المَقاصِرِ مِن حِجالٍ              مُهَتَّكَةٍ وَأَستارٍ تُشَــــــــــــقُّ 

      بَرَزنَ وَفي نَواحي الأَيكِ نارٌ                   وَخَلفَ الأَيكِ أَفراخٌ تُــــزَقُّ 

      إِذا رُمنَ السَلامَةَ مِن طَريقٍ                  أَتَت مِن دونِهِ لِلمَوتِ طُرقُ 

      بِلَيلٍ لِلقَذائِفِ وَالمَنايــــــــــا                 وَراءَ سَمائِهِ خَطفٌ وَصَعقُ 

      إِذا عَصَفَ الحَديدُ احمَرَّ أُفقٌ                  عَلى جَنَباتِهِ وَاسوَدَّ أُفـــقُ 

      سَلي مَن راعَ غيدَكِ بَعدَ وَهنٍ               أَبَينَ فُؤادِهِ وَالصَخرِ فَــرقُ 

      وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانــــوا                 قُلوبٌ كَالحِجــارَةِ لا تَـرِقُّ 

      رَماكِ بِطَيشِهِ وَرَمى فَرَنســــــا              أَخو حَربٍ بِهِ صَلَفٌ وَحُمقُ 

      إِذاما جـــــــاءَهُ طُلّابُ حــــــقٍّ              يَقولُ عِصابَةٌ خَرَجوا وَشَقّوا 

      دَمُ الثُوّارِ تَعرِفُــــــهُ فَرَنســـــا                وَتَعلَمُ أَنَّهُ نــــــورٌ وَحَـــــقُّ 

      جَرى في أَرضِها فيهِ حَيــــاةٌ              كَمُنهَلِّ السَمـــاءِ وَفيهِ رِزقُ 

      بِلادٌ ماتَ فِتيَتُهــــا لِتَحيــــــا               وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقـــوا 

      وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها              فَكَيفَ عَلى قَنــاها تُستَـرَقُّ 

      بَني سورِيَّةَ اطَّرِحوا الأَمانـي              وَأَلقوا عَنكُمُ الأَحلامَ أَلقـوا 

      فَمِن خِدَعِ السِياسَةِ أَن تُغَـرّوا               بِأَلقابِ الإِمـــارَةِ وَهيَ رِقُّ 

      وَكَمْ صَيَدٍ بَدا لَكَ مِن ذَليـــلٍ                كَما مالَتْ مِنَ المَصلوبِ عُنقُ 

      فُتوقُ المُلكِ تَحدُثُ ثُمَّ تَمضي               وَلا يَمضي لِمُختَلِفينَ فَتــقُ 

      نَصَحتُ وَنَحنُ مُختَلِفونَ دارًا              وَلَكِن كُلُّنا في الهَمِّ شَـــرقُ 

      وَيَجمَعُنا إِذا اختَلَفَت بِــــلادٌ                 بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطـــقُ 

      وَقَفتُمْ بَينَ مَوتٍ أَو حَيـــاةٍ                   فَإِن رُمتُمْ نَعيمَ الدَهرِ فَاشْقَوا 

      وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ                    يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِــــــقُّ 

      وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا                 إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا 

      وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا                 وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحــِقُّ 

      فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَيــــاةٌ               وَفي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ 

      وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمـــــراءِ بابٌ                   بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُــــــــدَقُّ 

      جَزاكُمْ ذو الجَلالِ بَني دِمَشقٍ             وَعِزُّ الشَرقِ أَوَّلُهُ دِمَشــــقُ