فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      خاطرة بلا عنوان ...

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      أشعر كأن يدا تمزق الكبد وتقتلع القلب من الصدر، حين أرى ما يكتب بعض المخلصين، من الصامدين أمام كفر المرتدين، من أنّ الإنقلاب يترنح، وأن النظام يتساقط، وأن السيسي مات أو قُتل، وشبه ذلك من أحلام اليقظة التي تعكس أملاً في خيرٍ يرادُ به أن يأتي دون أن نعمل عليه.

      والحقّ، أن الإنقلاب متوطدُ الأركان، قويّ الركائز، بما أتيح له من قوة شعبية بلغت بالغباء والفتنة عن الحق والدين مبلغا أذهل الأمم، وكشف معدن هذا الشعب الذي تعوّد الذّل وشاب في كنف الديكتاتورية والعبودية. وما كانت حركة دومة ونوارة في 25 يناير إلا غضبة عبدٍ على سيدٍ طال عهد استبداده، فأرادوا أن يستبدلوه بسيدٍ آخر، ولون جديد من الذل والعبودية. وتمحك الإخوان وغيرهم في هذه الحركة هو مجرد سطوٍ على حركة نشأت دون أن يقدّروا لها أو يخططوا لما قبلها أو بعدها، وليس للإسلاميين، بكافة اتجاهاتهم ان يتمسحوا في تلك الحركة اللاشعورية التي عكست تحركاً لاإرادياً غير مقصود. والدليل على ما نذكر هو موقف غالب من شاركوا فيه اليوم من ولاء للكفر وارادة للعبودية وتقدير للقاتل.

      ولعل البعض يسدل عذر الجهل أو الغباء على هذا الكمّ الهائل من مرتدي هذا الشعب، وأنّ الإعلام الكفريّ سيطر على عقولهم فحوّلها إلى "بالوظة". لكن، أي شعب هذا إذن الذي يقل عقله عن عقل الحمير، فالحمار يحاول، ولو بالغريزة، أن يبتعد عن لسعة السوط، حين يطرق ظهره، فيجرى، حاسباً أنه يبتعد عن الأذى. أما هؤلاء، فيسعون إلى تمجيد قاتليهم، وسارقي أرزاقهم، ومهدرى كرامتهم، فيقدمون له نساءهم ليجعلهن "حبلى" منه وبه وبنجومه! هؤلاء الذين وصفهم الله أنهم كالأنعام، بل هم أضلّ، أولئك هم الشعب المرتد من قاطنى مصر. وصدق شوقي رحمه الله في قوله يصف بها هذا الشعب

      اسمع الشعبَ دُيونٌ[1]         كيف يوحون اليــــــهِ

      ملأ الجو هتافـــــاً               بحياتـــــــي قاتليـــــهِ

      أثر البهتان فيـــــه               وانطوى الزور عليهِ

      يا له من ببّغَـــــاء               عقله في أذنيـــــــــهِ

      ثم الإنقلاب الكفريّ العلمانيّ، قد استباح دماء الأقلية المسلمة من ساكني بجيشٍ هم حفدة جيش فرعون، ديناً ونسباً، وشرطة انتقتها يدُ النجاسة والخسة على عينها من أفشل وأحطّ طبقات شعبها الغافل المرتدّ. فإذا بهذا الزخم النجس النكد، يتربع على عرش مصر، يسقى أهلها، عبيده اختياراً، وأسراه قصراً، جرعات الظلم والكيد.

      هذا هو المشهد اليوم، بلا أحلام يقظة أو أمانيّ حلم. وهذه التظاهرات التي انخفضت وتيرتها إلى عُشْرِها، ما هي إلا نوبات صداع لهذا النظام، يشفيها سريعا بعدة قنابل غاز أو طلقات خرطوشٍ وليقتل من يقتل، ولتستباح حرمة من تستباح حرمته، فليس لهؤلاء قوة يركنون اليها، في عالم الظاهر، في أيامنا هذه.

      صورة مظلمة حزينة بئيسة تُمزِق الكبد وتقتلع القلب من الصدر. لكنها الحقيقة العارية، وما أشدها وأقساها في دنيانا هذه.

      ما الحلّ إذن؟ أيكون الاستسلام هو الحل؟ أيكون سقوط أصحاب الحق هو الإطار الذي تتجلى فيه هذه الصوة الكئيبة؟

      لا، وألف لا. بل يجب أن يعرف أصحاب الحقّ، أنّ الحق باقٍ لا يموت، فهو الله سبحانه لا شريك له ولا كفوَ لقوته.

      لكنّ الألم يصنع الأمل. وإن أردنا أن نتحرك بأملٍ فيجب أن ندرك مدى الألم الذي نعانيه، لا أن نحيا بمنطق متعاطى المخدرات، تريحه بعض ساعة من ألمه، فيحسب أنها زالت، وهى قائمة بين جنبيه تمزقه دون أن يدرى.

      يجب أن ندرك حجم الكارثة على حقيقتها، وأبعاد الموقف على وضعه.

      يجب أن نكفّ عن تعاطى تلك المخدرات الذهنية لنشعر بالألم، فنصنع الأمل.

      يجب أن نتوقف عن استخدام النكتة والفكاهة، التي لا يبارينا فيها أحدٌ، لنشعر براحة ضميرٌ كأنها ردٌ على ما يكيله لما الكفار من أوجاع.

      يجب أن نأخذ الأمر أخذ جدٍ، بقوة، بصلابة، بتصميم، بعزم على الموت دون ديننا وعرضنا، فقد أُهين الدين وانتُهك العرض.

      يجب أن يلتمّ شملنا، نحن المسلمون، على حركة عصماء تقوّم المعوج، علماً وعملاً، وتقيم كتائب الحق، تدفع قوى الظالم المستبد الملحد، فكيدهم والله، إن وجد رجالاً يصدونه، كان ضعيفا.

      هي والله زفراتُ نفسٍ قبل أن تكن نفثاتُ عقل، لم أجد لها عنوان .. فتركتها للقارئ، يختَر لها ما يشاء!

      [1]  أبياتٌ من قصيدة كليوباترا لشوقي، ودُيونٌ هو وزيرها، وهي تصف كيف هتف شعب مصر بحياة كليوباترة، رغم عودتها مهزومة في حربها ضد الروم. فهو شعبٌ أعمى منذ فجر التاريخ.