فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      علاء الأسواني .. علمانيّ آخر يُهرْطق في دين اللهّ!

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      والله إن أكرَه ما عليّ هو أن أصرِف دقائق ولو قليلة في الكتابة عن أحد أولئك الخبثاء الملاعين، الذي يُهرْطقون في دين الله، وهم كافرون به أصلاً، وكأنهم من علمائه ودعاته. خبثٌ فوقه نفاقٌ من تحته إلحادٌ، ظلماتٌ بعضها فوق بعض. لكن الشرّ لابد له ممن يتصدى له، والخَبَثَ لا يذهب إلا بمِجلاةٍ تزيحه وتلقى به في المزبلة.

      هكذا الأمر مع ذلك الزنديق الملحد، علاء الإسوانيّ، الذي أتشرف بتكفيره علناً دون مواربة ولا تردد.

      نشر المخذول مقالاً على الجريدة العلمانية "المصري اليوم" مقالاً بعنوان "قبل أن تقطعوا أيدينا!"، بثّ فيه باطلاً وتقيّأ غُثاءاً، وتلبّس بلباس العلم الشرعيّ، ويشهد الله وملائكته والناس أجمعين أنه أجهل الناس به، وأبغضهم له. هذا غير ركاكة أسلوبه وضعف بيانه.

      دارت تقيّحات المقال ذاك على نقاطٍ محددة، سأردّها على المخذول صاحبها، ليس ليَرتدع ويرجع، فهؤلاء قد باعوا أنفسهم للشيطان منذ زمنٍ بعيد، وقبضوا الثمن رخيصاً زهيداً، بل لعل هناك ممن يقرأ لهذا اللعين ويحسبه على شئ، أن يتضح له أمر زندقته وجهله، فهذا المقال عِظة لقرائه ممن يصدقه ويسير وراءه إلى الهلاك، وعملاً بقول الله تعالى "وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌۭ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًۭا شَدِيدًۭا ۖ قَالُوا۟ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" الأعراف 164.

      يقوم هذا الغثاء على فكرة واحدة، لا ثاني لها، ونتيجة ملتوية مسمومة بناء على تلك الفكرة. تلك الفكرة هي التفريق بين الشريعة والفقه. وتلك النتيجة هي ردّ كلّ أحكام الله الثابتة المُحكَمة الثابتة والرجوع عن دينه إلى دين الديموقراطية، والجاهل قد رجع إلى كتاب السيد سابق رحمه الله، بعد أن رجع إلى "المصادر المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة فلم أجد خيرا من كتاب «فقه السنة»"، كتاب فقه السنة، على أهميته، هو منتهى علمه وقمة مصادره العلمية! واستعان ببعض أحكام شرعية منه، ينتصر بها لفكرته التعيسة.

      وقد كتبت، وكتب كثيرٌ غيرى في هذا الموضوع، وقتلناه بحثاً وبيّنا وجه الحق فيه، لكنّ الجهل كالقط، بسبعة أرواح كما يقال!

      يقول المخذول "يجب أولا أن نشرح للناس الفرق بين الشريعة والفقه. الشريعة هى المبادئ الثابتة التى أنزلها الله علينا. الفقه هو العلم الذى يمكّننا من فهم الشريعة وتطبيقها على حياتنا اليومية. الشريعة إلهية ثابتة لا تتغير أبدا، لكن الفقه إنجاز بشرى يتغير بتغير الزمان والمكان"، وهذا كلام فيه حقٌ خلطه بباطل، وكنا لنقبل بحقه لو صدر من مسلمٍ نعرف عنه الإسلام وإرادة الحق. لكن هؤلاء يلبّسون الحق بالباطل كما قال الله تعالي "وَلَا تَلْبِسُوا۟ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَـٰطِلِ وَتَكْتُمُوا۟ ٱلْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" البقرة 42. فهم، كهذا المخذول يلبّس الحق بالباطل، ليكتم الحق، إذ الباطل الصرف تمُجّه النفس ولا يَقبله العقل.

      الشريعة لغة هي المواضع التي ينحدر الماء منها، أي مصادرها. وفي لغة القرآن "ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" الجاثية 18. أي جعلناك يا محمد، والمؤمنين، على مصدر تستقي منه أمر الله، وهو الشريعة، لتسير عليها وتتّبعها دون هوى النفس الذي يَبعُد بها عن أوامر الله.

      فالشريعة، إذن، هي مجموع أوامر الله التي وَردت نصّاً في القرآن والسنة، ومفهوماً من خلال طرق الإستنباط والإستدلال التي وضحتها نصوص الكتاب والسنة بمجموعها وهي القواعد الكلية والعامة. والفقه هو العملية الذهنية التي يمارسها العقل المسلم، المُسلِّم بأوامر الله، كيّ يعرف أمر الله، فيُسَلّم بالنصّ في حالة وروده، ويستنبِطه في حالة طلب الحكم الشرعيّ من مفهومه من خلال الأدلة الشرعية الثابتة[1]، التي استخرجها العقل الفقهيّ الشّرعيّ الجبار الذي حازَه علماء الشريعة المخلصون خلال القرون المتعاقبة، لا من أمثال هذا المَخذول الأسوانيّ.

      فالتفرقة بين الشريعة والفقـه من هذا المنطلق الخبيث، هو هوى النفس المجرمة المخذولة التي لا تريد إلا الباطل.

      يقول المخذول بعد ذلك "إن ما يدعو الإخوان والسلفيون إلى تطبيقه ليس مبادئ الشريعة التى أنزلها الله، وإنما أحكام فقهية كتبها بشر مثلنا، يصيبون ويخطئون، وكثير من هذه الأحكام كانت مناسبة للمجتمع فى القرن العاشر لكنها لم تعد ملائمة للمجتمع فى القرن الحادى والعشرين. إن الإخوان والسلفيين يسيطرون على لجنة كتابة الدستور من أجل تطبيق الأحكام الفقهية القديمة بأى وسيلة".

      وقد أوضحنا من قبل، في ردنا على مقال جاسر عودة[2]، أن تعبير "مبادئ الشريعة" لا معنى له أصلاً. فإن الحرية والعدالة والمساواة ليست مبادئ للشريعة، ولكنها مقاصد عامة مشتركة لبني الإنسان، لا تتعلق بأحكام الله في شرع الإسلام الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم. وقد اتفقت كل شرائع الله التي أنزلها على أنبيائه ورسله في التوحيد، وفي هذه المقاصد العامة وإلا فإن الصوم في شرع زكريا عليه السلام كان عن الكلام، فهل يا ترى نعود إلى هذا الشكل من الصيام اليوم، إن رأي أحد فقهاء الكوسة الليبرالية أنّ ذلك مناسباً لهذا العصر؟ قال تعالى "لِكُلٍّۢ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةًۭ وَمِنْهَاجًۭا" المائدة 48، وهو ولا شك مناسب لأمثال الإسواني ليخرسه بعض الوقت!

      نسأل المخذول، هل حكم قطع يد السارق، الذي نصّ عليه القرآن، بشروطه التي وضعها الله سبحانه والتي بيّنها الفقه الإسلامي، هو من مبادئ الشريعة التي يتحدث عنها، بحيث لا يمكن الإلتزام بها في أية حال من الأحوال؟ كذلك حكم الزناة والفاسقين من أمثالك وعبد الحليم قنديل، هل نترك هذه النصوص القرآنية لفقهاء الكوسة الليبرالية أمثال الملحد على جمعة والمرتشة أحمد الطيب يتلاعبوا بها؟

      ثم، متى عاش الشيخ الجليل السيد سابق؟ أليس من فقهاء هذا العصر الي تدعو أنت إلى أن يقوم منهم من يحرّر مناطات الأحكام حسب عصرنا؟ أكان السيد سابق من جيلٍ آخر ليس جيلنا؟ يقول المخذول "يجب أن يجتهد فقهاؤنا أولا من أجل استنباط أحكام فقهية جديدة تناسب عصرنا الحديث، أما أن نتعسف فى الدين وعلى أنفسنا، ونطبق أحكاما فقهية قديمة"؟ من هم هؤلاء إن لم يكن الفقيه السيد سابق على رأسهم، إذ كتابه باعترافك "هذا الكتاب باعتراف الجميع من أهم كتب الفقه وأرفعها مكانة" أم إن تقدمة حسن البنا رحمه الله للكتاب قد أنجسته ووضعته في الحضيض عند أمثالك من الطفيليات الفكرية في هذا الزمان؟ أم أنك تريد أن يقوم على جمعة وأحمد كريمة وأمثالهما بكتابة الفقه الليبرالي الجديد؟

      السؤال المحيّر هو لماذا تريد أن يكتبوا فقهاً ليبرالياً جديداً طالما أن نتيجته معروفة ألخصها لك في التالي، دون أن نتعب معنا فقهاءك الذي تتحدث عنهم:

      1. إباحة شرب الخمر و"البيرة" خاصة وإلغاء حدها رسمياً
      2. إباحة الزنا إن كان محدوداً بإمرأة واحدة في وقت واحد!
      3. تحريم تعدد الزوجات، مع إباحة العشق الحرام
      4. إباحة الربا في التعاملات الإقتصادية
      5. فرض حدود جديدة للسرقة وإلغاء بقية الحدود الشرعية كلها.
      6. إباحة فتح الكباريهات ودور الدعارة
      7. إباحة الشذوذ الجنسيّ ّوعدم تجريم المثليين
      8. وجوب قتل الأنفس البريئة بغير حق إلا رفع شعار رابعة
      9. الندب إلى اعتقال وتعذيب الناس بتهمة الإنتماء إلى جماعة معينة

      هذا غيضٌ من فيض الفتاوى التي يريد المخذول من "فقهائنا" أن يُصدروها بعد النظر في الفقه! أخزاه الله وأعماه "إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَـٰحِشَةُ فِى ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۭ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْاخِرَةِ ۚ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" النور 19. وهذا المخذول يحب الفاحشة ويكره دين الله.

      ثم، يا أيها العربيد الأخسّ، واسمح لي أن أنعتك بوصفك الحقيقيّ، إن كل هذه الفتاوى التي تريدها، وأكثر منها، هي أمور واقعة بالفعل، فماذا تريد من الفقه خيبك الله؟ إن المجتمع المصريّ يمارس بالفعل لا بالقول كلّ هذه النقائص، ولو كان اعتبارها يأتي بثمارٍ لكنا اليوم أغنى الدول، ولكن تطبيقها الفعليّ على الأرض خلال ستين عاماً لم يأت إلا بالخراب والدمار والفقر والمرض والذل والهوان، ثم بحيوان السيسي يحكمها أخيراً. ألم يطرق لذهنك الكليل أنه يمكن أن يكون تطبيقها إذن هو الحلّ إذا اعتبرنا الضد بضده؟ "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍۢ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ" الأعراف 69، "وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُوا۟ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَـٰهُم مَّآءً غَدَقًۭا" الجن 16.

      نعم أدرى ما يريد أمثالك. هو أولا إحساسٌ بالذنب يعترى المجرم عادة، فيسعى لإيجاد تبرير لأفعاله، مهما خسّت وأجرمت. ثم إرادتكم أنْ تشركوا معكم أكثر ما يمكنكم أن تفتنوا عن الدين، ليكونوا لكم عزاً، فلن يكونوا لكم إلا خزى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

      يقول المخذول "أعتذر هنا لأننى سوف أستعمل كلمة كافر للإشارة إلى المواطن القبطى، فهكذا فعل معظم الفقهاء، وهكذا فعل الشيخ سيد سابق نفسه"

      سبحان الله العظيم، وأي شريعة أو مبادئ شريعة تلك التي تقصدها يا أكفر خلق الله إنساناً، إن رأيت أن كلام الله سبحانه يُعتذر منه، وأنه خطأٌ صححته أنت وأمثالك من الملاحدة بإعتذاركم لعباد الصليب من النصارى أنهم ليسوا كفاراً. بل هم كفارٌ بنص القرآن، وأنت معهم يا خبيث الطوية، قال تعالى "لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلَـٰثَةٍۢ" المائدة 73، وقال تعالى "لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ" المائدة 17، "لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ" المائدة 72، "وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَـٰرَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ" التوبة 30. أهذه النصوص فقه أم شريعة في رأيك يا أمير الكفر وملك الملاحدة؟ هذا أمرٌ عُرِف من الدين بالضرورة، مجرد إنكاره كفر يُضَمُ إلى لائحة كفرياتك وأمثالك ممن تلبس الشيطان بأرواحهم فجعلهم مسخ بشر.

      يقول المخذول في أمثلته التي ساقها ليلتوى بها على دين الله:

      "أولاً «يشترط فى قبول الشهادة أن يكون الشاهد مسلما، فلا تجوز شهادة الكافر على المسلم إلا فى الوصية أثناء السفر (عند الإمام أبى حنيفة)».. أى أنه إذا كان المسلم مسافرا وحضره الموت ولم يجد إلا قبطيا ليبلغه بوصيته، هذه الحالة الوحيدة التى تقبل فيها شهادة القبطى على المسلم. فيما عدا ذلك لا تقبل شهادة القبطى على المسلم إطلاقا.. نستطيع أن نتخيل الفوضى التى سوف يحدثها هذا الحكم الفقهى إذا طبق فى مصر.. سيكون بإمكان أى مسلم أن يعتدى على أملاك الأقباط وكنائسهم وهو مطمئن إلى أن كل الذين سيشهدون على ارتكابه الجريمة من الأقباط الكفار، وطبقا لرأى جمهور الفقهاء، لا يجوز قبول شهاداتهم على المسلم حتى لو ارتكب جريمة".

      ولماذا تفترض السوء في المسلمين، أنهم سيهجمون على الأقبط يقتلونهم ويسرقون أمتعتهم؟ ومتى حدث هذا في تاريخنا؟ ولماذا لم يقتل المسلمون الأقباط في القرون السابقة حيث كانت الشريعة (أي الأحكام الشرعية يا مغفل) سارية بين أبناء الأمة؟ إن الكفار لا يعاملون في الإسلام إلا بصَغَار، يُحقّرون ويُذَلون، لكن لا تخفر ذمتهم ولا تنهب أموالهم ولا يُعتدى على دمائهم، فلم لَمْ تُضف هذه الأحكام الشرعية في مثالك يا خسيس؟

      "ثانيا: شرب الخمر محرم على المسلمين وعقوبته الجلد ثمانين جلدة «بعض الفقهاء قالوا أربعين جلدة فقط».. هذا الحكم معروف إلا أن الفقهاء يذهبون إلى وجوب تطبيق حد الخمر على غير المسلمين أيضا.. يكتب الشيخ سابق «الجزء الثانى صفحة 493» «لا يشترط الإسلام فى تطبيق حد الخمر، فالكتابيون الذين يتجنسون بجنسية الدولة المسلمة.. مثل الأقباط فى مصر.. وكذلك الكتابيون الذين يقيمون مع المسلمين (مؤقتا) مثل الأجانب.. هؤلاء يقام عليهم الحد إذا شربوا الخمر فى دار الإسلام...». لنا أن نتخيل ماذا سيحدث إذا طبقنا هذا الحكم.. فالقبطى الذى يشرب البيرة سوف يقبض عليه ويجلد ثمانين جلدة. هل لنا أن نتفاءل بمستقبل السياحة فى مصر؟! عندما ندعو السائح الأوروبى أو الأمريكى لزيارة مصر يجب أن نحذره لأنه لو أحضر زجاجة نبيذ معه إلى مصر وشرب منها مع الأكل مثلما يفعل فى بلاده قد يقبض عليه ويجرد من ثيابه ويتم جلده وفقا لهذا الحكم الفقهى. كم من الأجانب على استعداد لخوض هذه المخاطرة من أجل قضاء إجازتهم فى مصر؟!"

      لك أنت أن تتخيل هذا أيها السفيه، ولك أن تجعل بلدك التي تزعم حبها كاراخانة من أجل أموال "السياح"، فلتقدّم أنت عرض أهلك لهؤلاء ليتمتعوا بالإجازة، أما المسلمون، فهم أصحاب عزة، لا يتنازلون عن دينهم من أجل "السياحة" التي أصبحت في دين أمثالك مصدر من مصادر التشريع. ثم إن الفقه الإسلاميّ يقرر أنه إن شرب القبطيّ الخمر في الخفاء فلا يصح إقامة حدٍ عليه، كما لا يصح التجسس على أفعاله. وما أخبثك حين تستخدم كلمة "البيرة" بدلاً من الخمر، وكأن بينهما فرق، وكأن البيرة ليست خمراَ، ليدخل غثاؤك على الأغبياء ممن يستمع اليك.

      ويقول "«الإسلام شرط فى المقذوف (المجنى عليه) فلو كان المقذوف من غير المسلمين لم يقر الحد على قاذفه عند جمهور العلماء، وإذا كان العكس فقذف النصرانى أو اليهودى المسلم فعليه ما على المسلم: ثمانون جلدة»".

      هذا من بقية الصَغَار المضروب على الكفار. أنت وأمثالك لا تعلم إلا المواطنة التي هي من قبيل قانون الحيوان، لكن الإسلام يعلو ولا يُعلي عليه. ثم القاضى له أن يُعزّر بتوقيع عقوبة تتراوح بين الحبس والجلد على المسلم، لكنها لا تصل إلى نفس عقوبة المسلم لعدم التساوى بينهما. فاهنأ أنت وعباد الصليب.

      ثم يقول المخذول "الدية غرامة مالية على من ارتكب القتل الخطأ أو شبه العمد.. لكن هذه الدية، طبقا لرأى جمهور الفقهاء، تختلف باختلاف الجنس والدين.. دية المرأة المسلمة المقتولة نصف دية الرجل المسلم المقتول ودية القبطى المقتول نصف دية الرجل المسلم المقتول، أما دية المرأة القبطية المقتولة فتبلغ نصف دية المرأة المسلمة المقتولة «أى ربع دية الرجل المسلم المقتول».. هذا حكم جمهور الفقهاء كما يؤكد الشيخ سابق فى كتابه «الجزء الثالث صفحة 60 و61».. ونحن إذا طبقنا هذا الحكم الفقهى نكون قد اعترفنا بأن الحياة الإنسانية ليس لها القيمة ذاتها عند الناس جميعا، فحياة الرجل المسلم أغلى من حياة المرأة المسلمة، وحياة القبطى أرخص من حياة المسلم، وحياة المرأة القبطية أرخص من الجميع (لأن بها العيبين فهى امرأة وقبطية). هل يمكن قبول هذا المفهوم ونحن فى القرن الواحد والعشرين..وهل تتحمل الدولة المصرية العقوبات الدولية التى ستنهال عليها إذا طبقت هذا الحكم الذى يخالف كل معاهدات حقوق الإنسان التى وقعت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة"

      أقول يا مخذول نفس ما قلت فيما قبل، الأمر بالنسبة لعباد الصليب أنّ الإسلام لا يعترف بجمعية الماء والكلأ مثلكم مثل البهائم، لكن بجمعية الدين والعقيدة. وهؤلاء يهينون الله سبحانه بقولهم قولاً كبيراً "تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلْأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدًّا، أنْ دَعوْا للرحمَن ولدا". لكنك لا تفهم هذا، فما علينا منك. أمّا عن المرأة فذلك ليس لقلة قيمة حياتها، بل لأنها تحمل مسولية مالية أقل من الرجل، فمال الدية ليس عوضاً عن النفس، إذ النفس في الإسلام لا تُقدّر بمال، كما هو الأمر عندكم في دين الليبرالية، لكنه يمثلُ  تعويضاً لخسارة مادية قد كانت لتتحقق لولا موت الفرد، رجلاً أو امرأة. وكما هو الحال في محاكم القوانين الوضعية، لو أنّ أحداً تسبب في فقد رجلٍ يعمل براتب قدره ألف دولار شهريّ مثلاً لعقد مدته سنة، ووجدته المحكمة يستحق التعويض، لعوّضته بما يكافؤ ما قد كان منتظراً أن يحققه من ربح ماديّ، وهو اثني عشرة ألفاً، بينما لو أن رجلاً آخر كان يحقق مائة دولار شهريا لعوضته المحكمة بألف ومائتين لا غير. والمتوقع، في نظام المجتمع الإسلاميّ أنّ المرأة تسهر على أولادها، والرجل يحمل عبء مسؤوليتها وأولاده. وهي من ثم لا تعمل، إلا استثناءاً، لتتفرغ لتربية النشأ، حتى لا يخرج أمثالك ممن لم يحسن أهلهم تربيتهم. وهو مجتمعٌ ليس كمجتمعك المنحل الذي يجعل المرأة تعمل خارج البيت، ثم تعود للبيت لتطبخ وتمسح! ومن ثمّ، فإن القيمة المادية المفقودة هنا، ليست كالقيمة المادية في حالة الرجل، الذي إن قتل حارت اسرته وأبناؤه فيمن يعولهم. هذا هو سبب نصف الدية . وها أنت تراعي معاهدات حقوق الإنسان، وتوقيع الحكومات المتعاقبة عليها، ولا تراعي حق ربك الذي خلقك من تراب، ألا من أضيعك للأمانة.

      ثم كفى بهذا القدر على هذا المخذول، فوالله إني أندم أن أضعت ساعة من عمرٍ في الكتابة عن مثله ممن لا حياء له ولا دين ولا ضمير.

      [1]  والأدلة الشرعية هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس والإستصحاب والإستحسان وسدّ الذريعة والمصالح المرسلة والعرف، وعرف أهل المدينة عند مالك، وهي الأشهر في كتب الأصول. ارجع إلى كتابنا "مفتاح الدخول إلى علم الأصول" http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-10

      [2]  انظر مقالنا "بين مبادئ الشريعة ومقاصدها"  http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-53959