فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      جيل الإستبدال .. وجيل التمكين

      • التمكين
      • 3012 قراءة
      • 0 تعليق
      • 15:54 - 25 أكتوبر, 2013

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      إن القلب ليكاد ينفطر حين أقول ما سبق أن قلت، أنّ الباطل قد غلب في هذه الجولة. هذا أمرٌ أصبح ظاهراً لا يحتاج إلى دليل عليه، إلا لمخلصٍ اضطرب عقله من وقع الصدمة، فأصبح لا يريد أن يصدق الواقع.

      لكنّ هذه الغلبة هشة ضعيفة، لا تستطيع أن تقوم بحالها في وجه الحق، إلا بقوة السلاح وسفك الدماء وهتك الأعراض، إذ هي غلبة كفر، فهي بلا شك ليست قاضية عليه، فالباطل لا يقضى على الحق، إلا أن يستبدل من لا يستطيعوا أن يقوموا به، كما هو الحال اليوم مع الإخوان.

      وهذا التمكين لا يحدث بمعجزة تزيح جمعاً من الناس من على الأرض، وإن كان ما يحدث اليوم من مجازر للمسلمين يقترب من هذا الحدّ، ثم يخلق الله جمعاً آخر أفضل وأقوى وأشد في مواجهة الباطل. لكنها تحدث عن طريق الإعداد النفسي والماديّ، إعداد العدد والعدة، كلاهما معاً. وهو ما سقطت فيه جماعة الإخوان بجدارة فائقة. فهي لم تعد شباباً يواجه الكارثة الحاضرة بما هو من قبيل القوة القاهرة، لكنها أعدت شباباً عدداً يتعبد إلى الله باتباع قيادتها، لا بما أمره الله أن يتعبد به اليه. ثم لم تمنحهم العدة، بل اكتفت بتصريحاتٍ شفوية جوفاء، ثم راحت تتنكر لما تمليه السنن الإلهية من طلب الإعداد والعدة، بالتمسح بالديموقراطية المزورة الشوهاء، فقضت على نفسها، وعلى شبابها، وعلى بقية المسلمين من أهل مصر.

      الإستبدال يستلزم التمكين، الذين يستلزم في سنن الله سبحانه أن يبدأ الإعداد. إعداد جيلٍ من المسلمين، يعرف دينه حقّ المعرفة، لا دين الآخرين الذي يقدمونه لعوام الجهلة من الشباب على أنه دين الله. الإعداد يعني تغيير النظرة الحالية التي تقمصها مسلموا مصر، من محبي الله ورسوله، والتي ينشا عنها مسلماً ضعيفا متسلسماً مسالماً تابعاً لا يملك يداً يبطش بها بإعدائه وأعداء دينه، ولا سلاحاً يدفع به عن نفسه وأهله وعقيدته، بل ولا يملك الفكرة التي تجعله يعمل عل تحصيل تلك الوسائل ابتداءً.

      هذا الإعداد هو حق الله علينا الآن. حق الله على القادرين عليه. القادرين على منحه، والقادرين على تلقيه. العلماء والدعاة، وطلبة العلم والحركة. يحسن اليوم بالعلماء والدعاة، من بقي منهم خارج السجون، أو من بقي في قلبه ذرة من شجاعة ممن هم خارجها، أن يدرك أنّ العلم الشرعي الإكاديميّ ليس هو المطلوب لإعداد جيل التمكين. فنحن لا نعيش في ظل دولة إسلامية، نتفيأ ظلال العدل ونتحاكم إلى الشرع، فنتمتع بالبحث العلميّ وتحقيق المخطوطات، وتدوين الهوامش على كتب السلف. هذا علمٌ يصلح في عصر الخلافة إن شاء الله، لكنه ليس علم إقامة الإسلام بلا خلاف.

      اليوم هو العلم للعمل، العلم للحركة، العلم للدعوة، العلم لإقامة الدين، العلم لدحر الكافرين، لا يصلح علم سواه جيل اليوم يُستبدل أمام أعيننا، لكننا لا نرى سنن الله على وجهها الحقيقيّ. ولهذا يجب أن يبدأ القادرون على التوجيه والإعداد دورهم التاريخيّ دون تأخير. فهو اليوم فرضُ عينٍ عليهم جميعا، كالصلاة والصيام، لعدم توفر من يقوم بهذا الواجب الأصيل.

      إن ظهور الحق له خطوات لا يمكن أن نتخطاها أو نختصرها، أولها معرفة الحق وتبَيّنه، ومعرفة الباطل وكشفه ثم تبيين الحق ونشره، والحذي من الباطل وأهله ثمّ العزم على القيام به مهما كانت التكاليف، وقبل ذلك كله، وفوق ذلك كله، التوكل على الله، وطلب نصرته، واللجوء اليه في الخير والشرّ، واتباع أمره ونهيه في كلّ أمر. فنحن نعمل لرضا الله لا لدنيا ولا لدولة. ثم تجميع المخلصين القادرين عليه، وفرز المندسين عليه وتنقيحه ثم إعداد العدة لمواجهة الباطل والتدريب على وسائله، دعاية وإعلاما ومقاومة وجهاداً ثم تحديد ساحات المواجهة، والبدء في إنفاذ الخطة

      هذا ما يجب أن يبدأ اليوم، وهذا ما يجب أن يستمر، على أسس جديدة لا علاقة بها بما عليه الجيل الذي يستبدله الله اليوم، أمام أعيننا. فجيل الإستبدال لا يمكن أن يكون جزءاً من جيل التمكين.