فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      جيش الإحتلال المصري وعَسْكَرَة المواجَهة

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      أعرف أنْ ليس للكفر عقل يفقه به ولا منطقٌ يتعامل به. فإنه لو أنّ للظالمين المُنكرين عقل أو منطقٍ، فبأيهما أنكروا خالقهم في سيادة حكمه وشرعته، لكنهم، كما قال تعالى عنهم، حيوانات ضالة، بل أضل من الحيوان "لَهُمْ قُلُوبٌۭ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌۭ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌۭ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ كَٱلْأَنْعَـٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْغَـٰفِلُونَ"الأعراف 179. والشاهد على ذلك تلك المهاترات، ولا أقول المحاورات، التي تنشرها الجزيرة، بين منتمين لطائفة المسلمين، وبين أنعامٍ ضالة من أحذية البيادة (وهم في حالتنا هذه حدوة البيادة، إذ السيسي يلبس حدوة لا حذاءً). وأنت ترى العجب في تلك المهاترات! تستمع لها ساعة فلا تخرج منها بأي فائدة إلا أنّ الحمار حمارٌ وإن ألبسوه قميصا أو فستاناَ!  

      ومن ثمّ، فإننا لم، ولن نحاول إقناع هؤلاء بما نقول، بل سنقول ما نراه حقاً، حسب ما رسمته مقاصد شريعتنا ونطقت به آيات كتابنا وبينته سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، فهم ذلك من فهم، وأنكر من أنكر، فلا علينا من هؤلاء جميعا "فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَآ أَنَا۠ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍۢ"يونس 108.

      كان المشهد المصريّ قبل انقلاب الكفر في 30 يونيو الماضى يعرض بدءأً في تحولٍ إلى نوعٍ من الحرية، التي لم يالفها المسلمون خاصة منذ عقودٍ ستة مضت، وإن لم يكن يسير بهم في اتجاه دولة إسلامية سنية صحيحة، بل ولا في طريق دولة ديموقراطية تحميها القوة ويقودها من يقدر على استخدامها لترسيخ تلك الديموقراطية. فأمريكا، التي يقول عنها مؤيدوها أنها أم الديموقراطية الحديثة، لم تبني نظامها السياسي إلا على الدم والأشلاء بعد حربها الأهلية.

      ثم حدث الإنقلاب الدموي العلماني الكفريّ، وسار بالبلاد في طريق الدم والأشلاء والشهداء، لا لترسيخ عدلٍ أو ديموقراطية، بل لترسيخ سيطرة العسكر السيسي وسيادة فرد بعينه على البلاد والعباد.

      نرى الكثير اليوم ينتقدون سياسة السيسي الدموية للسيطرة وإحكام قبضته على الدولة، ولو بقتل نصف المصريين وإعتقال النصف الآخر. لكن، نقول لهؤلاء إن هذا الذي يفعله السيسي هو الطريق الأوحد للسيطرة على حكم دولة من الدول. طريق القوة والسلاح وإزاحة العدة من الطريق، مهما كلّف الأمر.

      إن السبيل الذي سلكه محمد مرسى طريقٌ لا يدل إلا على تغفيل شديد وجهلٍ بسنن الله، وبالتاريخ، وبالجغرافيا كذلك! لقد اعتقد مرسى أنه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولا أعنى بذلك تهكماً، فالرجل سليم الطوية مريدٌ للعدل ولا شك، لكنه ظنّ أنه في عهد عمر، ولم يدرى أنّ عهد عمر رضى الله عنه جاء بعد صراعٍ وقتالٍ ومواجهة مع الكفر. فلا يمكن أن نحتذى حذو عمر ونحن في بيئة لم تتولد كما تولدت بيئة عمر رضى الله عنه التي حكمها. هذا هو بيت القصيد الذي أودى بمرسى والإخوان والحركة الإسلامية كلها. ولنا في قولة علي بن أبي طالب رضى الله عنه الذي ردّ على من سأله "لماذا خَرَجَ عليك الناس ولم يخرجوا على من قبلك"؟ قال رضى الله عنه "أنهم كانوا خلفاء على أمثالي وأنا خليفة على أمثالك!".

      إن الفرصة التي أضاعها محمد مرسى، والإخوان بعامة، بتَبنّيهم الديموقراطية الزائفة، قد مرّت تحت أعينهم في ميدان التحرير، يوم تنصيبه، حيث كان يجب عليه أن يدرك أنّ السُنن تقتضى القضاء التام والمُبرم على المعارضة الكافرة، دون هوادةٍ ولا رأفة، وأن مذهب "المُشاركة لا المغالبة" باطل محضٌ، بل كفر بواحٌ، جزاهم الله على تبنِّيه ما يستحقون.

      ثم إذا بالسيسي يقوم بما كان على المسلمين القيام به منذ اللحظة الأولى، وهو عسكرة المواجهة وتطهير البلاد من الثورة المضادة. نزل الجيش المحتل اليوم بكل ثقله في مواجهة شعبٍ أعزل، ومعه قوات الشرطة وأمن الدولة، يحملون السلاح ويقتلون الناس ويحرقون الجثث والمساجد، ويعتقلون الرجال والنساء، من غير أن تطرف لأحدهم عين.

      كتائب جيش السيسي اليوم هم من يحملون السلاح، أقسى وأفتك أنواع السلاح، منهم مدنيون بلطجية، ومنهم عسكريون بلطجيى، فكلهم بلطجية في أزياءٍ مختلفة. لكنهم كافتهم يستخدمون السلاح، ثم السلاح، ولا شئ غير السلاح، سواء في مواجهة المتظاهرين، أو في هجومهم على بيوت المسلمين لإعتقالهم.

      السيسي إذن هو من عَسْكَرَ المواجهة. لم ينزل السيسي في مواجهة برلمانية ضد مرسى، ولم يدعو إلى انتخاباتٍ[1]، ولم يحاور ولم يجادل، بل حمل السلام أصالة وبدأ القتل بلا مقدمات، بعد مسرحية قوامها ثلاثة فئات، القبط الصليبيون، وأهالي البيادة، والعلمانيون بأطيافهم المختلفة. وكلهم أقلية في مصر، لكنها أقلية سحرت أعين طائفة تزَعْزَعَ دينها فلحقت بالكافرين، فصاروا غالبية.

      العَسْكَرَة واستخدام السلاح، إذن بدأ، ولا يزال مستمراً، بكتائب الخزى المهزوم في كل معركة، إلا معركتي رابعة والنهضة، المسماة بالجيش المصريّ.

      ثم إذا بالتائهين عقلاً وشَرعاً، المفتونين عن دينهم، المرتدين عنه، يقولون أنّ المسلمين "المسالمين" المطالبين بوقف العدوان على الشريعة ووقف استخدام السلاح ضدهم في مسيراتهم السلمية، التي لا تؤدى إلى نتيجة أصلاً لسلميتها، أنهم هم القتلة، وأنهم هم الإرهابيون، وأنهم هم المعتدون، وأنه يجب حماية الدولة منهم! أعجبُ لونٍ من ألوان الكفر، تراه في مصر اليوم.

      لكن، ما علينا، فقد آلينا على أنفسنا ألا نجادل هؤلاء فهم كالأنعام، بل هم أضل. وهل رأيت رجلاً يجادل حماراً في يوم من الأيام، إلا أن يكون حماراً مثله؟

      ما نود أن نقوله هنا، ونثبته ونكرره، أننا ندعو إلى حقّ الدفاع عن النفس، ودفع الصائل. نعم ندعو إلى أن تتسلح المظاهرات في وجه القوى العسكرية المسلحة، جيشا وشرطة وبلطجية، للحفاظ على النفس حين الخروج.

      لا والله لن يرتدع هؤلاء عن هجومهم المُسلح في وجه المسالمين من المسلمين إلا أن يروا أنه سيصيبهم أذى إن تعرضوا لهم.

      إن تلك النخوة (أو الأصح اللانخوة) الإخوانية، مرضٌ عُضال، أصاب الكثير فأعماهم عن سنن الله في الأرض. بل وتبنَّتـه العديد من الشخصيات التي تخرج علينا في الجزيرة اليوم، إما خوفاً من تبعات قولة الحق، أو عمى عنه إنتمائها الإخوانيّ، ولا ثالث لهما.

      يقول أمثال الملحد السكير العربيد عبد الحليم قنديل (وأنا أبرأ إلى الله من اسم قنديل كما تبرأ العربيد من اسم عبد الحليم!) أنّه يجب أن يُطهّر السيسي الإسلام من الجيفة التي تطالب بالدفاع عن نفسها، كأن هذا السكير يعلم الإسلام! ويعلم الله إن هو إلا أقل من الجيفة، لكن هذا الرجل أحقر من أن يردّ عليه. وكيف لا يتحدث هذا الخسّيس وعاهرات مصر، من أمثال الهام شاهين وليلى علوى ويسرا، يتحدثون اليوم في شرح معاني الإسلام"الصحيح".

      إنّ المسلمين لم يبدؤوا بحمل السلاح، ولم يَسعوا إلى مواجهة مسلحة، بل هم لا يزالوا يموتون كخراف الأضاحي. فدعوتهم إلى حمل السلاح في مواجهة العدوان ليست إرهاباً. ومتى كان حق الدفاع عن النفس إرهاباً إلا عند أمريكا التي ذهبت تعيث في أرض المسلمين فساداً وقتلاً، بدعوى أنهم إرهابيون. فهم من ذهب إلى أرض المسلمين وهم من يقتلونهم، وهم من يحمل أعقد أنواع التسلح وأكثرها دماراً، لكن أهل البلاد المدافعين عن أنفسهم هم الإرهابيون. هكذا يتحدث الشاذ عبد الحليم زفت قنديل عن مقاومة المسلمين العزّل لجيش السيسي الخائن العميل، أنّ هذه المقاومة وحماية النفس إرهاباً!

      نعم، يجب أن تتسلّح المُظاهرات، لكن ليس للعدوان ابتداءً، بل لحماية النفس، فإن لم يُطلق عليهم رَصاصٌ لا يبدؤون بإطلاقه، وإن لم يتعرض لهم أحدٌ بأذى لم يبادؤوه. لكن، العين بالعين والسن بالسن والنفس بالنفس، هذا ديننا، لا دين الإخوان، من قتلنا قتلناه والبادى أولى باللوم.

      هذا بشأن المظاهرات، أما عملية التغيير الشاملة ضد الحكومات الكافرة في شرقنا، فقد فصّلناها في مواضع أخرى، بما فيها من دعوة ودفعِ صائلٍ متعدٍ، بكل ما هو في حيز الإمكان من قولٍ وفعل، ودعوة وحركة، ثم مقاومة وجهاد.


      [1]    رغم رفضنا للمبدأ ابتداءً.