الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا أرى كثير بدائل للوضع الحاليّ في مصر.
الحكومة العسكرية الملحدة مسيطرة سيطرة كاملة على كافة مرتكزات الدولة، اقتصادياً وسياسياً وإعلامياً.
الجيش السيسيّ الملحد، قادة وجنوداً، وشرطته ومخابراته وبلطجيه، يدعم هذه الوضع الإنقلابيّ بكافة ما لديه من عتاد وقوة وأفراد.
الطائفة المرتدة، التي فوضت ودعمت السيسي، بفئاتها وأطيافها المختلفة، لا تزال على خيانتها لدينها ورسولها ووطنها، لا يرْدعها عن هذه الخيانه رادعٌ، وإن كان سفك دماء الأطفال والشيوخ والنساء، الذين لا ذنب لهم إلا الخروج "سلمياً"، جاهرين بأن لا إله إلا الله.
الطائفة المسلمة، التي تمثل الأقلية في مصر اليوم، لا زالت على نهجها، لا يردعها رادعٌ عن الخروج "بسلمية" وصدورٍ مفتوحة تستقبل رصاص القتلة المجرمين.
صورة كارثية بكل أبعاد الكارثة. ولا يمكن لأيّ منطق أن يجد مخرجاً منها بشكلٍ يتبع عالم الأسباب والمُسَبَّبَات.
ما الحل اليوم إذا؟
يعتقد السيسي وجنده وعلمانيوه وسحرته أنّ الحلّ يكمن في أنّ التظاهرات ستخمُد، فإن لم تَخمد بنفسها لزوال قدرة الناس على المواصلة، فسيخمدونها باستمرار القتل والإعتقال وإرهاب البقية التي لم تُقتل أو لم تُعتقل. وهم لا يخسرون شيئاً، إذ عدم الإستقرار لا يؤثر إلا على الشعب وهم فوق الشعب، قوة ومالاً، فما الفرق إن استمر عدم الإستقرار شهراً أو سنة أو عقداً من الزمان؟
ويعتقد الناس، المسلمون، أنّ التظاهرات السلمية ستفعل معجزة، إما أنّ "المجتمع الدوليّ" يَحنّ قلبه على المصريين القتلى، فيضغط على السيسي فيطلق سراح محمد مرسى ويعيد مجلس الشورى، ويقيل نفسه من منصبه، أو أن تحِنُن قلوب غالب القتلة من جنود الجيش والشرطة، فيرفضوا قتل الناس، قبل أن يقتلهم زملاؤهم! أو أنْ تحدث معجزة لا يعرف أحدٌ هويتها إلا أن تكون تفضلاً من الله سبحانه.
فما هو الحصان الرابح هنا؟
لا أحد يستطيع اليوم أن يتنبأ بالغد، أو أن يستشف الغيب ليعرف القادم، وفضلُ الله واسعٌ، لكننا مأمورون بالأخذ بالأسباب، فالشواهد العامة تدل على أنّ الطرف الرابح اليوم هو طرف الباطل، العسكر الملحد. فهنا يمكن للناظر أن يرى العفوية في ما يعَوّل عليه المسلمون اليوم.
لكن هذا لا يعنى توقف التظاهرات، بشرط أن يكون هناك ما يدفع الأذى عن النفس بالمقاومة، فالدفاع عن النفس حقٌ أصيلٌ لكل بشرٍ، مسلم ونصرانيّ ويهودي ومجوسيّ. وقتال المعتدى جائزٌ، بل واجبٌ، ولو في حرم مكة ذاتها، ولو في الأشهر الحُرُم، قال تعالى "وَلَا تُقَـٰتِلُوهُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَـٰتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَـٰفِرِينَ" البقرة 191، وقال "ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَـٰتُ قِصَاصٌۭ ۚ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُوا۟ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ" البقرة 194، وقد اعتدى هؤلاء المجرمون على كل الحُرمات، المال والدم والعرض، كما قال تعالى "وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌۭ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ لِلَّهِ" البقرة 193، فقتال هؤلاء، دفاعاً عن النفس، ليس إثارة للفتنة، كما يروّج سفهاء العلماء من أتباع الشياطين أمثال العاهر البرهامي ومحمد حسان، وعلي جمعة كلب السيسي، وهؤلاء البطانة النتنة للعسكر، ويتحدث به بعض طلاب الإعلام العلماني كالعاهر السكّير عبد الحليم قنديل، والإبراشي ومحمد سعد، وبقية حثالة البشر تلك، بل هوإخمادٌ للفتنة، "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلًۭا" النساء 122. فإن لم يكن وسيلة للدفاع عن النفس وجب عدم التصدى للرصاص.
أرى أن تأخذ الحركة المسلمة نفساً عميقاً، وأن تستوعب الموقف الحاليّ، وأن تتجاوز جزئياته، وأن تبدأ بعد ذلك في التنظير والتنظيم، حسب معطيات الواقع، كما رسمنا في سلسلة "بعد أن انقشع الغبار".
والله تعالى وليّ التوفيق.