فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      معركة العقيدة .. وعقيدة المعركة

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      ليست الحركة التي يقودها السيسي ونظامه في مصر هي انقلابٌ عسكريّ، كما تتصارع القوى المختلفة في إثباته أو نفيه، بل هي حركة إبادة وحرب شاملة على الإسلام وأهله، لا ترتبط بنظام حكمٍ ولا بمصالح اقتصادية أو مكاسب سياسية.

      هذا هو واقع الحركة التي خطّطت لها قوى الظلام العلمانيّ للإطاحة بكل ما يمتّ إلى الإسلام بصلة، لا إلى الإخوان وحدهم، وإزالة كافة مظاهره على الأرض، ومرجعيته في الدستور والقانون.

      إن المعركة الدائرة اليوم، إن جاز أن نُسميها معركة حيث أنها تفتقد أيُّ قدرٍ من التكافؤ، هي معركة مصير، يخوضها المُسلمون السُّنة، على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، مع قوى الكفر التي عقدت النية على محاولة إنهاء الوجود الإسلاميّ على أرض مصر، وجهلها مشاعاً بين الصليبيين القبط والعلمانيين الملاحدة.

      العدو الأول لنظام الحكم العلمانيّ في مصر هو الإسلام، لا غيره. وهذا ما يغفله أولئك الذين لا يزالون يدّعون أنّ أقطاب النظام الكفريّ "إخواننا بغوا علينا"! هؤلاء لم يبغوا على الإخوان، بل بغوا على الإسلام، ومن أفراده الإخوان.

      إن الإخوان يجعلون المعركة الدائرة اليوم في مصر معركة شخصية، تقصدهم لا تقصد الإسلام ذاته، وهذا التصور هو حلقة في سلسلة الانحراف العقديّ لديهم، رغم أنهم يتحدثون عن أن الإسلام هو المستهدف، لا مجرد الإخوان. وهذا، مرة أخرى، تناقضٌ في التصور، وقعوا فيه، مع أنهم يعددون تناقضات عدوهم وعدو الإسلام، ويقيمون من هذا التناقض حجة عليهم! إن كان نظام الكفر يقصد إلى إبادة الإسلام، كما يعترفون، فما هو حكم من يقصد إلى ذلك لديهم؟ يقولون هم "إخواننا بغوا علينا"، أيكون من يقصد إلى إبادة الإسلام "إخواننا"؟

      يهدف هذا النظام الكفريّ إلى إبادة الصفّ الأول من قادة الحركة الإسلامية، بأحكام الإعدام الوشيكة، على محمد بديع والشاطر ومن معهما، أو بالقتل تحت التعذيب في السجون، أو بالقتل في الشوارع للأفراد من العامة المسلمة.

      وما نرى إلا أنّ هذه الحرب الإبادية في مصر أخسّ وأكفر من مثيلتها في سوريا، رغم عظم حجم التضحيات في سوريا، إلا أنّ النظام السوريّ ينطلق في القتل من منطلقٍ طائفيّ، نصيرية ضد سنية، أمّا في مصر فإنه ليست هناك حرب طائفية، بل هناك طائفتان، طائفة كفر بحتٍ وطائفة إسلام.

      لابد أن يكون المنطلق في النظر لهذه المعركة، ومن ثم التعامل معها، منطلقٌ عقديّ بحتٌ. لابد أن يعلم المسلمون أنّ هذه الحرب هي حرب دينية لا سياسية، هي حرب على دينهم، لا على سياسة معينة ارتضوها، ولا على رئيس بعينه أو جماعة بعينها.

      إن كفر هذه الطغمة قد ثبت من كافة أبواب العقيدة الإسلامية. إن هؤلاء ليس حكمهم حكم القاتل أو قاطع الطريق، بل هؤلاء محاربون لله ورسوله ولدينه وشرعه، ويقتلون الذين يدعون لحكم الله، والذين يرفعون أصواتهم بالتكبير والدعاء، ويحرقون المساجد والمصاحف "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُۥ وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَآ ۚ أُو۟لَـٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَ ۚ لَهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌۭ وَلَهُمْ فِى ٱلآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌۭ "البقرة 114، "إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّۦنَ بِغَيْرِ حَقٍّۢ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" آل عمران 21. إن الإخوان لا ينظرون إلا إلى بعدٍ واحدٍ في هذه الملحمة، وهو الإعتداء عليهم. لكن أمر هذه الطغمة الكافرة أبعد وأكبر كثيراً من عداء الإخوان. هذه الأفعال هي دليل كفر واضحٍ لا ينكره إلا جاهل أو مبتدع أومشرك لا يعرف عن التوحيد شيئاً.

      إن هذا المنطلق العَقديّ في التعامل مع هذه الطغمة وإدارة المعركة معها، هو مفتاح النصر فيها بلا جدال. وإن أيّ منطلق آخر، كالمنطلق الوطني أو الشرعية الدستورية أو عودة محمد مرسى – أنجاه الله من أيدي الكفار – أو غير ذلك من منطلقاتٍ تنحرف عن الخط العقدي الذي هو محور المواجهة في حقيقة الأمر، لن يؤدي إلا إلى خسارة في المواجهة وفقد في الأرواح وابتعاد عن نصر الله.

      فيا أبناءَ الإسلام وأهل التوحيد، وحّدوا هدفكم ولا تَفَرّقوا في أغراضكم، واعلموا أّن عدوكم هو عدو الله ورسوله، وأن جنوده الذين يقتلونكم هم كجنود فرعون وهامان، كفرة مرتدون حتى يرجعوا عن قتلكم.

       واعلموا أنّ الجهادَ في سبيل الله هو أصلٌ أصيلٌ في عقيدتكم، وأنه جزءٌ لا يتجزأ من التصوّر الإسلاميّ، وأن الله سبحانه قد جعله أفضل الأبواب للجنة، وجعل الشهيد حَيٌّ عند ربه يُرزق "إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ بِأَمْوَ‌ٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَوا۟ وَّنَصَرُوٓا۟ أُو۟لَـٰٓئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۢ" الأنفال 72. "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِۦ فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍۢ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ يُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَآئِمٍۢ ۚ ذَ‌ٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ۚ وَٱللَّهُ وَ‌ٰسِعٌ عَلِيمٌ" المائدة 54. "إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَ‌ٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّۭا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُوا۟ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَ‌ٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ"التوبة 111.

      عقيدتكم هي معركتكم .. ومعركتكم هي جهادكم، وجهادكم هو عقيدتكم.