فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      عرفتم عدوكم.. فادفعوه عن انفسكم

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      لم يعد اليوم في مصر مسلم، صاحب عقل، لا يعرف عدوه وعدو الإسلام وعدو الحرية. ودعكم من المُغتَصَبين ذهنيا فهؤلاء لا دين لهم إلا دين السلطان في كل زمان.

      انتشرت المقالات والصور والفيديوهات، تعرض كلّ جرائم عسكر الكفر والخيانة والعمالة، وامتلأت مواقع التواصل الإجتماعي بما لا مزيد عليه من إيضاحاتٍ وتوجيهاتٍ، تصريحاً وتلميحاً. انكشف العدو بكامل هيئاته وأطيافه، وبانت للعيان وسائله وأساليبه.

      ثم جاء حدث إطلاق سراح "الدجال" فأزال كلّ شكٍ في حقيقة ما يحدث اليوم في مصر، وإن لم يكن فيها شكٌ منذ الأيام الأولى لحركة 25 يناير، حيث كانت الأوضاع تتدهور يومياً، أمام أعين من يرى ويسمع.

      لقد أخرجنا كتابنا الأول،في 560 صفحة، الصادر بتاريخ 11 نوفمبر 2011 ، طبعة دار هادف، بعنوان "من الثورة إلى الإنتفاضة في تسعة أشهر"، قلنا في تصديره "لو أنّ امرأة حملت يوم 25 يناير لرأى وليدها النور وأسمع الدنيا صراخه .. لكنّ المصريين إلى اليوم لم يروا نتيجة إسقاطهم للمخلوع، بأي وجه من الوجوه .. فهل كان الحملُ كاذباً، أم جاء الجنينُ سقطاً، لعلنا نعرف ذلك فيما يأتي من صفحات".

      ثم أتبعنا ذلك بكتابنا الثانى، في 527 صفحة، الصادر بتاريخ 9 يونية 2012، بعنوان "الثورة .. بين الإنتفاضة والخمود"، قلنا في مقدمته "منذ أن مرت الشهور التسعة الأولى من الثورة والأحداث تترى مدللة على صحة ما ذهبنا اليه، من قيادة العسكر للثورة المضادة، وعدائهم السافر للثورة وأهلها، الذين هم أهل مصر ..".

      ونحن اليوم بصدد إنهاء كتابنا الثالث في التأريخ لهذه المرحلة السوداء من تاريخ مصر الحديث، بعنوان "من الخمود إلى الثورة المضادة"، استعرضنا فيه أخطاء المنهج الإخوانيّ وحذرنا من تبعاته، إلى أن جاء مصر اليقين، ورأينا خروج "الدجال" على أشلاء القتلى والجثث المتفحمة.

      رأينا الأحداث إذا تتحرك من ثورة إلى انتفاضة، ثم من انتفاضة إلى ثورة مضادة. فالأحداث إذا لن تكن خافية دلالاتها إلا على من ضلّ منهجه في الحكم على الأشياء، وإدراك توابع الأحداث. بل إن الكثير من "المفكرين" والدعاة والعوام المساكين، من الإخوان وغير الإخوان، كانوا في غاية التفاؤل، يستبشرون بمنهج الإخوان ويدّعون أنّ هؤلاء سياسيون مُحَنّكون يعرفون ما يفعلون! فيرون الصورة معكوسة والكوز مُجَخِّياً (أي مقلوبا). حيث كنا نحن نراها تتجه إلى هاوية كارثية.

      إذا عرفنا عدونا اليوم، فماذا نحن فاعلون؟ هذا هو السؤال الأكبر والأخطر والأهم اليوم.

      لا يزال بعض من نَهَجَ نَهْج الإخوان يدعو إلى التظاهرات السلمية، وهذا لا بأس به بشرط أن تتوازى معه عمليات المقاومة "النوعيّة" التي تعرف أهدافها وتتخيّرها بدقة وعناية.

      إنّنا لا ندعو إلى حشد دباباتٍ أوطائرات في مواجهة دبابات وطائرات، لكننا نريد مجموعات مؤمنة بقضيتها تتحرك في أعداد صغيرة لتقام حدود الله على رؤوس الكفر والنفاق بالمحاكم الشرعية.

      إنّ الذين يحاولون أن يطبّقوا سيناريو 25 يناير بحذافيره مرة أخرى واهمون، مغرقون في الوهم. فالظروف كلا تختلف إختلافاً كلياً بين الواقعين. لقد خرجت الجماهير في 25 يناير كافة، ضد "الدجال"، وارتبكت قوات جيش الإحتلال المصريّ ساعتها، فلم تساند قوى الداخلية الملحدة، فتمكن الثوار يومها من التغلب عليهم وهزيمتهم هزيمة نكراء.

      أما اليوم، فالساحة قد تبدّلت تبدلاً عميقاً جذرياً، فالشعب قد انقسم بين مسلمين ثائرين لإسلامهم، وبين قاعدين مرتدين بولائهم للعسكر ووقوفهم إلى جانبه، دعماً بقول أو فعل أو صمت، كلها سواء، فالولاء هو الولاء.

      ثم إن جيش الإحتلال المصريّ قد استعاد توازنه، ورسم خطة القضاء على المسلمين بالكامل، دون هوادة، ودَعَمَ شرطة الإلحاد! وأسبغ غطاءً سياسياً على ما اقترف، من الصليبين النصاري وكفرة الأزهر ومرتدى حزب الزور ومنافقي علماء السلطان من أمثال عاهر برهامي ومخيون الخائن وبكار الخنفس.

      هذه عوامل حاسمة في تغيير المشهد اليوم عمّا كان عليه في 25 يناير. لقد خرج أمثال وائل غنيم ونوارة ودومة في تلك الأحداث يومها، محتمين بالزخم الشعبيّ الهائل، أما اليوم، يوم التمحيص الحقيقيّ، ويوم أن طُلب دفع فاتورة الخروج، انتكس المُزيَفون من مًدّعى الثورة، إذ رأوا أنّ للخروج ثمن يجب أن يدفعوه، وهؤلاء لا قضية لهم أصلاً. زلم يبق من هؤلاء إلا بعض من لهم ضمير إنسانيّ حيّ، على علمانيتهم، مثل وائل قنديل وسيف عبد الفتاح.

      الوضع إذا مختلفٌ إختلافا بيّناً بين واقع 25 يناير وواقعنا اليوم. ومرة أخرى لا يرى ذلك إلا من له بصرٌ وبصيرة، ولسنا بهاديّ العمي إلى ما لا يرون.

      الآليات التي يجب أن يتبعها الثوار المسلمون اليوم يجب أن تتعدد، إذ إن جيش الإحتلال لا عليه إن استمر في قتل مئاتٍ كل يوم، لعشر سنواتٍ قادمة، ولا يتحدثن أحد عن الموقف الدولي حتى لا أصاب بغثيانٍ فأتقيء عليه!

      هذه الأليات هي:

      1. استمرارية التظاهرات وتكثيف أعدادها، ومحاولة مواصلتها دون انقطاع في الأيام بينها.
      2. تكوين خلايا العمليات النوعية الصغيرة لتبدأ عملها على الفور.
      3. البدء في العصيان المدني على الفور، فإن هذه الحكومة المجرمة لن تتحمل توقف نصف العاملين عن ممارسة أعمالهم اليومية، وإغلاق المحلات، ولنتحمل قليلاً لنجنى كثيراً، في الدنيا والآخرة.
      4. مقاطعة أهليكم وذويكم ممن اختار الولاء للعسكر أو السكوت على الكفر، فالساكت شيطانٌ أخرس. وأنقل لكم قولا مشهوراً لدانتي أليجيري الإيطاليّ، شاعر القرون الوسطى النصرانيّ، في السكوت على الظلم حيث قال "إن الدرك الأسفل من الجحيم محجوز لأولئك الذين يحافظون على حيادهم في أوقات الكوارث الأخلاقية"[1]. فما بالكم بموقف الإسلام من هذا الصمت اللعين الخاسر؟
      5. اتخاذ بعض الأعمال التي تشتت العدو المحتلّ، مثل كتابة "الإسلام سيحكم" على كل ورقة مالية تقع تحت يدك، ةرفض التعامل بأي ورقة لا تحمل هذه الكلمة، حتى لو ضحيت بعملاء أو فقدت صفقات.

      لا تستمعوا لدعاوى من سبق وقادنا إلى هذه المحارق، ولم تكن له البصيرة ليرى ما يحدث على الأرض. فإن من عمي عن أحداث الأمس، لن يرى أحداث اليوم.


      [1] He says ‘the darkest places in hell are reserved for those who maintain their neutrality in the times of moral crisis”