الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا أدرى والله عن تلك العقول التي تخزّن العلم، وتمارسه في معظم حياتها، لكنها تضلّ عن الطريق، وتنحرف عن معطيات ذاك العلم، وكأنها عميت أن تبصر بما ترى، أو تعي ما تقرأ. وهذا ما يسميه علماء السلف "الهوى"، وهو مذموم أنّى جاء وكيفما تصرّف. الأمر إذن ليس أمر عمامة ومشيخةٍ، ولا أمر اسم لامعٍ أو وجه تليفزيونيّ، ولا سمعة بين العوام، إنما هو أمرُ "منهج"، أولاَ ووسطاً وآخراً. هو أمر اتباع منهجٍ صحيحٍ مبنيّ على أدلة صحيحة ثابتة. والأدلة وحدها، إذن، لا تكفي. فهي بين أيدى الكلّ، يقلبونها كما يشاؤون، ويحرفونها كما يريدون. لذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرّقا حتى يردا على الحوض" موطأ مالك وصححه الألباني والحاكم، قال كذلك صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدى"[1] رواه أحمد والدارمي. إذ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سنة الخلفاء من بعده هي التي تبيّن وترسم المنهج الذي يُقصَد بالأدلة على وجه الخصوص.
أقدم بهذه المقدمة للحديث عن الشيخ يوسف القرضاوى، وما أنطقه به الله من حقٍ، في تسجيله عن سخافة دعوى التقارب مع الرافضة[2].
سبحان الله العظيم، تستمع إلى الشيخ، فكأنك تستمع إلى رجل قد تكشف له أمرٌ لم يكن ليخطر له على بال قطّ ! ما بالك يا شيخ قرضاوى؟ ألم تعرف حقيقة الرافضة إلا بعد خمسين عاماً أضللت فيها من أضللت، بهذه الدعوى الباردة البدعية؟ أكان لزاماً أن تحضر كافة مؤتمرات التقارب، وتشيع بين العامة أنّ هناك أوجها يمكن أن نتخذها مع هؤلاء الأنجاس ليدخلوا بيننا ويعيشوا وسطنا بما يحملوه من خُبْثٍ وخَبَث؟ أهكذا العلم يؤدى بأهله؟ ماذا يفيد التراجع الآن، ومن يعيد من استمع اليك قبل هذا واعتقد أن هؤلاء الرافضة مسلمون مثلنا؟ ثم أين في تاريخنا من قام بهذه البدعة الشنعاء، بدعة التقارب مع الرافضة من قبل؟ لقد ظل الروافض في بلاد المسلمين قروناً، منذ مقتل عليّ رضى الله عنه، فهل رأينا مالكاً أو الشافعيّ أو أبا حنيفة أو أحمد أو البخاريّ أو الليث بن سعد أو الأوزاعيّ أو بن تيمية أو العز بن عبد السلام أو من شئت من هؤلاء الأكابر كلهم، قال بهذه البدعة؟ أكنت أعلم منهم وأحكمَ حين خرجت بهذه البدعة؟
ثم، قد حذّرناك يا شيخ قرضاوى من هؤلاء الرافضة، الذين لا زلت تسميهم "شيعة"، وكتبنا مقالاً، في عام 2007، بعنوان "يا شيخ قرضاوى .. أنصف السنة من الرافضة"[3]، وكتبنا في خطر الرافضة الصفوية[4]، وكتب غيرنا من الأفاضل، كمّ هائل من المقالات، كما بيّنا بهتانهم على جدنا الشيخ سليم البشري شيخ المالكية في عصره، فيما وضعوه عليه بكذبهم تحت اسم "المراجعات"[5]. فَلِمَ تجاوزت هذه التحذيرات؟ أهكذا تُطلب قولة الحقّ؟ أم إنكم أكبر من أن تستمعوا لمن لا شهرة له في الفضائيات؟ ولعلك ترجع عن فتواك المهلكة في تجويز أن يحارب المسلم إخوانه المسلمين، إن كان مجنداَ في جيوش الصليبيين! فهذه والله هي الحالقة يا شيخ قرضاوى، وما بعدها، لمن يقول بها، نصيبٌ في إسلام.
والحديث اليوم إلى أتباع الشيخ القرضاوى، وإلى عامة أتباع الإخوان. إن كان شيخ الإخوان الأول لا يعرف مدى خطر الرافضة على أهل السنة وما طبيعة دعوتهم، إما جهلاً أو سذاجة مُفرطة، فكيف بمن هم أدنى منه في سلم العلم، بل من هم في الحضيض منه، من أمثال محمد بديع والعريان والكتاتني. كيف تثقون بهؤلاء وما يهدونكم من آراء؟ هل يُؤتمن هؤلاء على الحفاظ على السُّنة؟ عجيب أمركم يا أتباع الإخوان!
أفيقوا رحمكم الله
[1] وفي سنده بقية بن الوليد، وهو صدوق يدلس، لكن الأمة تلقت هذا الحيث بالقبول.
[2] http://www.youtube.com/watch?v=enr30R9xA-Q&feature=youtu.be&fb_source=message
[3] http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-200
[4] راجع علي سبيل المثال: الإمبراطورية الصفوية من إيران إلى لبنان -458http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-458 المؤامرة الصفوية وأبعادها على الأمة http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-386، الذئاب الصفوية الناهشة في جسد الأمة http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-310
[5] رد عائلة الشيخ سلم البشري على بهتان الرافضة في كتاب المواجعات http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-201