فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      القول السديد في مقام التوحيد

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      في هذه المرحلة من الصراع الدائر اليوم بين قوى الإسلام وقوى الكفر، قوى النور وقوى الظلام، يجب أن نعود إلى التذكير بما هو الأصل الأصيل في فهم دين الإسلام، ومن ثم الحركة به وتطبيقه. لأنّ أمر أصل الدين والثبات على التوحيد، قد غاب حتى عمن ظل ينادى به عقوداً، وتوارى خلف أمورٍ أرجعوها تارة للواقع، وتارة للمصالح، ويعلم الله سبحانه أنّ هذا إما من الخطأ في الإجتهاد من القادرين عليه، أو الإفتاء بلا علم من المتطفلين عليه، أو من هوى النفس المذموم.

      إن أمر الإسلام لا يعدو كلمتان هما "السمع والطاعة"، وتدل عليهما كلمتان "لا إله إلا الله محمد رسول الله". ذلك أنّ إتيان الأوامر والنواهي كلها لأنها معقولة منطقية تجلب خير الدنيا كله، لا يدخل المرء في الإسلام إلا أن يشهد أن لا إله إلا الله، دلالة على الإنصياع. وإن ردّد إمرؤ "لا إله إلا الله" ليلا ونهاراً، صباحاً ومساءً، دون أن يعلن أنه سامعٌ طائع،ٌ قابلٌ راض بكل أمر ونهي، بلا إختيار من عند نفسه، أو تبديل لكلمات الله، أو إدعاء أن منها ما يصلح ومنها ما لا يصلح، سواءً في زمان أو مكانٍ أو حالٍ، فلن يكون مسلماً وإن إدعى غير ذلك، بل هو كافرٌ خارجٌ عن الملة، مرتدٌ عن الدين، أسوأ حالاً من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، مباح الدم والمال والعرض، حتى يرجع إلى أمر الله كله لا بعضه. ذلك أمر العلمانيين من كفار مصر وما حولها. قال تعالى "وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ "النساء 64، وقال "أَلَا لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلْأَمْرُ " الأعراف 54، وقال "وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ" المائدة 44،  وقال "إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَـٰمُ " آل عمران 19، وقال "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا۟ فِىٓ أَنفُسِهِمْ حَرَجًۭا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا۟ تَسْلِيمًۭا"النساء 65، وقال "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَـٰبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍۢ ۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَ‌ٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْىٌۭ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلْعَذَابِ ۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ"البقرة 85، وقال "أَفَحُكْمَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْمًۭا لِّقَوْمٍۢ يُوقِنُونَ"المائدة 50، وقال "وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٢١﴾ أُو۟لَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ" المائدة 22

      ثم تأتي قضية الولاء والبراء، والتي تقع في لُبّ اللّب من جناب التوحيد. فإن التطبيق الصحيح للتوحيد الصريح لا يكون إلا بولاء من يوالى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعداوة من يعاديه، بلا تخلفٍ أو مجاملة أو تنصّل. إن الوقوف في صفّ كفار مصر، لأيّ سببٍ أو تحت أي تبرير، هو كفر بواحٌ صراحٌ لا معدل عنه. ألا إن المسلم يجب  يعلم أن الإنتماءات الحزبية التي يأخذها مأخذ البساطة ويسميها له سحرة الكفر العلمانيّ "سياسة"، هي عين الولاء، وأنها إن كانت لحزبٍ علمانيّ كافرٍ (غير مطيعٍ لله، راضٍ بتطبيق أحكامه جملة وعلى الغيب)، هو كفر ولاءٍ لا جدال حوله. قال تعالى "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰٓ أَوْلِيَآءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍۢ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُۥ مِنْهُمْ" المائدة 51، "قُلْ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَ‌ٰنُكُمْ وَأَزْوَ‌ٰجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَ‌ٰلٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةٌۭ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٍۢ فِى سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُوا۟ حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ"التوبة 23، "مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتًۭا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ العنكبوت 41. هذا حال من يتخذ من دون الله ورسوله صلى الله عليه وسلمأولياء، ضعف ووهنٌ وخسارة الدنيا والآخرة.

      إن كفار مصر، بل وكثيرا ممن يزعم الإنتماء لما يسمونه "التيار الإسلامي" يصوّر المسألة على أنها مسألة جوع وفقر وحرمان، ويتسابق وغيره على من يقدم سلعاً أفضل بأسعار أخفض للناس، وكأن الإسلام لم يأت إلا لسد حاجة البطون. تلاعب قادة السياسة "الإسلاميين"، وشيوخ الأحزاب المتناحرة على السلطة، واستغلوا الوضع الإحتياجيّ المتدهور لشعب مصر، والذي جعل كثير من أهلها كالحيوان، تهشّ له بالطعام فيأتي اليك سعياً، ولو أنّ هؤلاء الذين يتحدثون عن دين الله، وفي دين الله، لابسين الغتر البيضاء، يتاجرون بكلمات الله لإحراز مالٍ عميم من قنواتٍ فضائية، يتباكون في برامجها ويتخشعون، أمام كاميرات التلفاز، قبل أن يحصوا الغنيمة الواردة وراء الكواليس، لو أنّ هولاء وأولئك اتقوا الله الذي يتاجرون باسمه، لخرجوا في الناس يدعونهم إلى التوحيد، ولإتباع كلمات الله دون أن يشتروا بها ثمنا قليلاً، ويبينون لهم أنّ الغذاء والكساء لا ينفصلا عن شرع الله وتطبيقه، وأنّ هؤلاء الكفرة العلمانيون هم الذين يصدون عنهم خيرات الله، بالوقوف في سبيل طاعته وتولى أنصاره. قال تعالى "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـٰتٍۢ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ " الأعراف 96.

      إنّ أمر التوحيد قد اختلط في عقول عامة الناس، بل وفي عقول الكثير من المخلصين من الدعاة، ممن هيأ لهم شيطانهم أنّ التنافس على السلطة، ولو باسم الله، عن طريق الوسائل الشركية، بدعوى الوصول إلى الحكم لتطبيق شرع الله، هو أمر مشروعٌ في دين الله! وهي طريقة الإخوان أصلاً، ثم طريقة السلفيين التي تبنوها غفلة وطمعاً، ثم طريق حازم أبو اسماعيل الذي يريد أن يجمع بين الخير والشر، الإسلام والكفر، الصحيح والباطل، وهيهات هيهات.

      إن دعوة الناس إلى التوحيد الخالص النقيّ، هو السبيل إلى الخروج بهم، أو بمن يعى منهم دين الله، لثورة إسلامية بحتة، "وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ" الشورى 39، لا كثورة 25 يناير، التي قادتها بطون الجوعى، وركب موجتها طلاب السلطة من الإخوان، فحاوروا وناوروا وأبرموا الصفقات وعقدوا الإتفاقات، مع الشيطان نفسه، كما في كامب سليمان، هذه ليست ثورة الإسلام، ولن يصل بها أهل مصرٍ إلى أن يطعمهم الله من جوع أو أن يؤمّنهم من خوف.