فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      مصر .. والحرب الأهلية

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

       لا ندرى عن مدى المبالغة التي تسرى بها الصحف العميلة المنتشرة بين الناس، سواءً المقروءة أو الإلكترونية، لكن مما لا شك فيه أن هناك قدرا كبيرا من الفوضى يشيع في الشارع المصريّ اليوم، سواء في تلك التظاهرات المفتعلة، المدفوعة الأجر، أو الإعتداءات على الممتلكات والأشخاص، أو المحاولات السياسية الرخيصة للتمحك بالغرب والإستنجاد به.

      المقصود من هذا الحراك الإجراميّ هو إدخال البلاد في دوامة من العنف الإرهابيّ الإجراميّ، وفرض حرب أهلية طرفاها المسلمون ممن ينتمى لفكرة الإسلام عموماً، أو أفراد الشعب من عوام المسلمين المحبين لله ورسوله. أو على أقل تقدير، سيطرة الجيش على الحياة السياسة علانية وعسكرة الحكم، إلى أن يشاء ربي شيئاً. والجهات العاملة في هذا الإتجاه معروفة للقاصى والجاني.

      على رأس هذه الجهات، الكنيسة المجرمة، ورجال الصليب المصؤيين كساويرس، التي تقوم بتمويل بلطجية الشارع ودعم الميليشيات المسيحية مثل تلك الحشرات المعروفة ببلاك بلوك، من ناحية، وتخزين الأسلحة لتوزيعها على المدنيين المسيحيين وقت الحاجة من جهة أخرى. وجهد هؤلاء لا يمكن إنكاره أو الغض من أثره، إذ هو مصدرٌ لبلايين الجنيهات التي تغرق الشارع المصريّ في الفوضى اليوم.

      ثم الجهة العلمانية الكافرة المنتكسة، التي تقودها رموز الكفر المصريّ، كالبرادعيّ والصباحيّ والبدويّ، ثلاثيّ الشرّ. وهؤلاء، وإن لم يكونوا مصدر تمويلٍ لهذه الحملة الملعونة، إلا إنهم يمثلون الغطاء السياسيّ ويضفون الشّرعية على تلك الأعمال الإجرامية أمام المجتمع الدوليّ المريض، والعقول المصرية المُضَلّلَة.

      ثم الجهة الثالثة، وهي الفلول المباركية، التي تستعين ببلايين الدولارات التي اغتصبتها من الشعب المصريّ طوال عقودٍ مضت، حتى تركته من أكثر شعوب الأرض فقراً وحاجة، وجهلاً ومرضاً، تتعاون على سَحقِه وإدخاله في هذه المعمعة من الحرب الأهلية الطاحنة، ليتسَنى لهم التشفي في الشعب الذي أطاح بهم، ثم في الخروج من سجونهم والسيطرة على البلاد مرة أخرى.

      هذا الذي نقول يعرفه جيداً رئيس الدولة، وكافة من يحيطون به، وكافة من لهم علاقة بالسياسة في الداخل أو الخارج، وكلّ عاقلٍ حفظ الله له بقيةٍ من عقل في هذا الواقع المصريّ المفتون. فهو ليس تخميناً ولا رجما بالغيب، بل هو حقائق تأخذ مكانها كلّ يوم على أرض مصر لصالح أولياء الشيطان.

      لكن الذين يعلمون هذا ممن في الدائرة المباشرة حول رئيس الدولة، ينقسمون إلى قسمين. أولهما الرسميون منهم، وهم أصحاب التأثير المباشر حول مرسي، ونعني بهم الحرس الجمهوري والمخابرات والجيش والداخلية. وهؤلاء كلهم لا "يفضلون" بقاء محمد مرسى، ولكنهم لا يريدون أن يظهروا كأعداء الثورة مرة واحدة، فينقضوا ذلك المكسب المشبوه الذي حققته باسم "الديموقراطية". لكنهم يساعدون على عزله عما حوله من جهة، وعدم تقديم الحماية له ولمؤسساته من جهة أخرى. وهم يفضلون أن يتعاملوا مع العلمانيين والفلول، إذ لا يزال ولاء غالب قياداتهم، مادياً ومعنوياً، لهؤلاء الكفرة من عصابة مبارك.

       ثم الثاني، هم أبناء جماعة الإخوان ومبرّزيها، كالعريان والكتاتنيّ وغيرهم من قيادات الإخوان المنتكسين. وأبناء الجماعة يكنون لها الولاء، سواءً صحّ فعل قياداتها أو أخطأ. فهكذا علموهم، أنّ الولاء أعمى لا بصر له لا بصيرة. فلم يستفيدوا حتى من موقف إبراهيم عليه السلام الذي سأل ربه الدليل "وَإِذْ قَالَ إبراهٰيمۦ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ". وولاء إبراهيم لربه فوق الشبهات، لكن هذا لم يمنعه من السؤال، فهي الميّزة التي تفرق بين الإنسان الذي من طبعه التساؤل وإطمئنان القلب بالحق، وبين الحيوان الذي يتبع القطيع، لا يطرح سؤالاً ولا ينتظر جواباً، اللهم إلا من شكلياتٍ تقع لذر الرماد في العيون. ولنسأل أنفسنا، من هم أبناء جماعة الإخوان؟ أليسوا من مصر؟ ألم ينشأوا على أرضها ويشربوا من مائها؟ أليست فيهم طباع أهلها من حُبٍّ للإتباع والخضوع، والرضا بالأقل، واتباع كل ناعقٍ. بلى والله، هم من هذا النسيج الحزين الذي تشابكت خيوطه فاختلط على أهله ظهره من بطنه، ووجهه من قفاه.

      ثم الشعب المصريّ، وهم وَقود تلك الحَرب الأهلية المُدمرة، التي تخطّط لها أحزاب الشيطان العلمانية والفلولية، ردّ الله كيدها في نحرها. والشعب قد ضلّ كثيره بالفعل، ضلالاً أبعد من مجرد مشاهدة أفلامٍ ساقطة أو الإستماع لأغانٍ خليعة، بل ضلَّ الشهب ضلالاً عقدياً مريعاً، حين هيأت له وسائل الإعلام الملحد التي تبث سمومها ليل نهار أنّ الحلّ لما هم فيه من أزمة طاحنة هو الإطاحة بمن هم رمز للإسلامية اليوم "بلا حق"، وهم الإخوان، ودعم "المدنية" اللادينية الكافرة في وجه السيطرة "الإخوانية". ولا ندرى عن شعبنا ولكنه والله لمن أكثر شعوب الأرض سذاجة وتخلفاً، وانصياعاً لما يسمع لا لما يعقل. وصدق قول شوقي فيه

      اسمع الشعب ديونٌ              كيف يوحون اليــــــه

      ملأ الجو هتافـــــاً               بحياتـــيّْ قاتليــــــــه

      أثّر البُهتان فيـــه                 وانطوى الزور عليه

      ياله من ببغــــاءٍ                 عقلـه في أذنيـــــــه

      لكنّ هذا الشعب هو المراد بتلك المؤامرات، وهو الذي سيضرب ويقتل ويسحل. وسينسب هذا التداعي والفوضى للإخوان، أي للإسلام. وسيقف المسلمون مرة أخرى موقف المتهم، وهم الضحية، لا ضحية سواهم.

      والمسلمون من المنتمين لجماعة أو "حزب" يفترض أنه إسلاميّ، لن يكونوا من سيطلق شرارة أي مواجهة، فهم أكثرية ضعيفة متخاذلة مخنثة، صحّ فيهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن" فقال قائل: يارسول الله، وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت" صحيح أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني. فهذه كثرة لا فائدة فيها ولا غناء بها. كثرةٌ تتلاعب بها القِلة المطلقة، وتفعل بها ما تريد.

      الحرب الأهلية قد بدأت تحت سطح الأحداث بالفعل. وهي حرب ضروسٌ لن يكون فيها مغلوب، بل الغالب فيها هو من يقضى على عدوه قضاء تاماً حاسماً. هي حرب بين الإسلام والكفر، بلا مداراة في الحديث ولا تلاعب بالألفاظ. إن تلك المفاهيم الشركية كالمواطنة والوسطية والتجديد والحداثة، هي كلها مفاهيمٌ لا يعنى بها قائلها إلا عداء الله ورسوله، وقبول الوسط بين الإسلام والكفر، تجديد أصول الدين وحقائقه وتبديل توحيده وثوابته. ثم المواطنة التي هي أقرب إلى مفهوم التجمّعات الحيوانية التي تجتمع على بقعة أرضٍ، لا يسمح لغيرها بدخولها،وتجعل لهذه الأرض علامة، بأن يقوم قائد قطيعها بترك آثار بوله على أركانِها ليحدّ بتلك الرائحة حدود مواطنته. ولعل مرسى أن يخرج إلى أركان مصر الأربعة ليفعل تلك الفعلة، ويُنشأ بذلك أركان دولة المواطنة!

      والسلفيون، من جماعة الطفل المعجزة، بكارٍ، لا يعرفون ما يدور حولهم، ولا ما يحاك للبلاد على أيدى من لا يزالوا يعاملونهم كمسلمين. بل يجالسونهم ويتفاوضون معهم، ويزعمون أنّ هؤلاء قوى وطنية يصحّ التفاوض معها!

      شبح تلك الحرب قائمٌ ولاشكّ. والفَطِنُ من رأي الشرّ وهو مقبلٌ ليستعد له، لا وهو مدبرٌ فيتحسّر علي ما كان منه.