الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما ذكرت من قبل، فإن هذا الحديث، قد ورد بسبب تلك الرسالة الثانية التي تلقيتها منذ عدة أشهرٍ، من سيدة فاضلة، تزوجت من رجلٍ تاركٍ للصلاة، متفرنج، يستهزؤ بشعائر الله وأحاديث رسوله، فكانت فتواي لها أن تصبر عليه وتنصحه، وإلا فلتهجره لعله يعود، وإلا خالعته، فإنه لا يصح بقاؤها في عصمةِ من هذا حاله، إذ تغلب عليه صفة الكفر، حسب أقوال غالب العلماء.
وترك الصلاة كبيرة بإجماع، يكفر فاعلها إن تركها على سبيل الإستدامة، فيكون الرجل "تاركاً" من اسم الفاعل، أي مستديم الترك، لا نسياناً، بل تعمداً. وكفر مثل من هذا حاله، أو حالها، هو مذهب الصحابة والتابعين، وجمهور أئمة المسلمين. وبهذا النظر، أفتى أكثر علماء الأمة، وننقل هنا نص فتوى العلامة ابن باز، في ردّه على سائلة، ففيه الكفاية:
"إني عند زوج لا يصلي، وصار لي منذ تزوجت سبع وعشرين سنة لا يصلي ولا يصوم من الأول وصار له من بعد خمسة عشر سنة يصلي ويصوم في رمضان فقط، ثم يترك الصلاة والصوم، وأنا في قلبي كراهة له، لله – سبحانه- وليس عن شيء أكرهه، وهو أبو أولادي؟
ترك الصلاة كفر بالله -عز وجل- ، فهذا الذي لا يصلي ما ينبغي لها أن تبقى معه ، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- أن ترك الصلاة كفر، فقال -عليه الصلاة والسلام- : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). وقال - عليه الصلاة والسلام- : (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). فهذا الذي لا يصلي ما ينبغي للمرأة أن تبقى معه ، بل ينبغي لها أن تفارقه، وتعرض أمرها على المحكمة والمحكمة تفرق بينهما؛ لأن هذا كفر عظيم - نعوذ بالله - ، والصحيح أنه كفر أكبر ، والصحيح من أقوال العلماء أنه كفر أكبر ، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه كفر دون كفر ، وأنه لا يخرج من الملة ما دام يُقر بأن الصلاة واجبة ، ويعلم بأنها واجبة ، ولكن حمله التساهل على ذلك، فعند جمعٍ من أهل العلم أنه لا يكون كافراً كفراً أكبر. ولكن بكل حال فهو قد أتى جريمةً عظيمة أعظم من الزنا، وأعظم من اللواط، وأعظم من العقوق ، فالواجب على المرأة هذه أن تتقي الله -عز وجل-، وأن لا تبقى مع هذا الصنف من الناس، الذي - والعياذ بالله - ضيَّع عمود الإسلام؛ لأن الله قال في الكفرة: لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [(10) سورة الممتحنة]. فالمسلمة لا تبقى مع الكافر أبداً ، والصحيح أن هذا كافر كفراً أكبر - نعوذ بالله - ، فلا يجوز لها أن تبقى معه ، بل يجب أن تفارقه، وأن تعتزله، وأن تبغضه في الله - عز وجل-، وأن تطالب بفراقه لها، تطالب ولاة الأمور تطلب من المحكمة بأن تفرق بينها وبينه لكونه قد أتى أمراً عظيماً اعتبره كثير من أهل العلم كفراً أكبر، - نسأل الله أن يهدينا وإياه ، نسأل الله أن يرده للتوبة، نسأل الله لنا وله الهداية -. ولكن هذه السائلة يجب عليها أن تسعى في فراقه لدى المحكمة إذا كان تركه للصلاة أمراً واضحاً معروفاً فتقيم البينة عليه والمحكمة تفرق بينها وبينه إذا لم يتب ، أما إذا تاب وهداه الله فالحمد لله. والواجب على ولاة الأمور إذا علموا من يترك الصلاة أن يستتاب فإن تاب وإلاَّ قتل كافراً - نعوذ بالله- على الصحيح"[1] http://www.binbaz.org.sa/mat/14382
فتبين أنّ المرأة يجب أن يُفرق بينها وبين مثل هذا الرجل حتى دون أن يطلقها هو، فالتفرقة غير التطليق. التطليق لا يوقعه إلا الزوج، أما التفرقة فيقوم بها وليّ أمرٍ أو حاكم أو من يقوم مقامهما، حين يتبين حال الرجل وكفره. وقد بيّنا موقع ترك الفرائض الخمس من الكفر الأكبر في كتابنا "حقيقة الإيمان"هامش ص45 وبعدها[2]، ، فارجع اليه، ففيه تفصيلٌ لهذا الأمر.
فأمر بقاء الزوجة مع من حاله هكذا لا يَصحُ التردّد فيه، بل يجب عليها أن تطلُب منه الفراق على الفور، أو العكس، إن كانت الزوجة لا تصلي، أن ينصحها زوجها وإلا طلقها بلا تردد.
وقد جاءت أقوال ممن لا علم له بالشرع أن طلب الطلاق حرام، والحقّ أنّه يحق لكل إنسان أن يطلب ما يريد، لكن إجابة الطلاق في يد الرجل لا المرأة، والخلع في يدها لا يده. أما عن أنه حرامٌ فهو بالقطع ليس حراماً، لكن حكمه يتغير حسب الحال، فقد يكون مكروهاً، وقد يكون مندوباً، أو حتى واجباً كما في حالة من تعيش مع كافرٍ تاركٍ للصلاة.
هذا هو حال الكثيرات من نساء أمتنا، يسكتن على هونٍ، ويخضعن بلا رضاً. والمصيبة أن الكثير من الأزواج يرى أنه يملك امرأته ملكاً حقيقياً، وأنها لا يصح لها أن تختار ما تراه مناسبا لحياتها، فهي بعد الزواج سلعة مملوكة، مسلوبة العقل والإرادة. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فإنهن عوانٍ عندكم" أي أسيرات، ولكنه أسر معنويّ، بمعنى أنهن خاضعاتٌ لطاعتكم ما حفظتم الله فيهن، وما دمتم أهلاً لهذا اللون من الأسْر، وإلا فالمرأة المتزوجة لا تزال لها ذمتها المالية وحقها في كثيرٍ من الأمور الشرعية لا يتساوى مع حق الأسير! وقد ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا التشبيه في مَساق الحَضّ على حفظِهن ورعايتهن، التي ورد بها ما لا يحصى من الأحاديث.
ونحن لا نريد أن نهدم بيوت المسلمين، ولا أن نعطى المرأة أكثر من حقها، لا والله الذي لا إله إلا هو، بل نذكّر المرأة بأن طاعة زوجها المسلم الحنون هي من طاعة الله ورسوله، لكن نريد أن تقوم بيوتنا على العدل لا على الظلم، فالظّلم ظلمات يوم القيامة. ثم بعد أن تطلق المرأة، فإنها حرة في حياتها، لا تخضع إلا لما شرع الله، إن تزوجت أو بقيت قائمة على تربية أولادها في بيئة صحية بعيدة عن الكره والشقاق.
[1] وقد ورد إلينا تعليق مضحك مبكى، عن أنه كيف نفتي دون أن نرى الرجل أو نسمع منه! حسب ما جاء في مقالنا السابق، وها هو ابن باز لم يلقى أحداً ولكنه أفتى للسائلة، وهكذا كان حال علمائنا على مدار العصور. فالمفتي موجّه فقط ولا إلزام في قوله بعكس القاضى أو الحَكَم إن قَبِل الطرفان التحكيم. فلعل من يسعى بهذه الأقوال أن يتعلم قبل أن يتكلم، وأن لا يكون مغرضاً مدفوعاً من موتورين، وأن يتجنب الألفاظ القبيحة والسب والقذف. وقد ذكرت أن الجهل موتٌ، وهي حقيقة، لا يراد بها وصف شخصٍ بعينه، بل هي تحذيرٌ عام لمن يجهل أحكام الشرع، أو أي موضوع يدلى فيه برأي دون علم. وقد دأبنا على ورود تعليقات شاذة قبيحة لا تحمل إلا السبّ، وتخلط ما هو عام بما هو شخصيّ، وتتجنب الموضوعية، ولعلها ممن اقترف إثماً في حق نفسه أو ربه، فأصابه الله ببعض ذنوبه، فراح يلقى العتب على غيره، ولو أنصف هؤلاء لتحققوا من صحة الفتوى، دون خلط بما تبعها من أمور. ولو أنّ كل مفتٍ تتبع كل حالة خاصة ما انتهى من حالات معدودات، لكن هذه مهمة القاضى أو الحكم. وقد أفتينا لمئات من الحالات من قبل، سواء بالصبر على الزوج كما في حالة من يتكسب زوجها من الموسيقى أو بطلب التحكيم أو بغير ذلك. [2] طبعة دار ريم للطباعة والنشر، تطلب من مؤسسة براءة، مدينة نصر
[1] وقد ورد إلينا تعليق مضحك مبكى، عن أنه كيف نفتي دون أن نرى الرجل أو نسمع منه! حسب ما جاء في مقالنا السابق، وها هو ابن باز لم يلقى أحداً ولكنه أفتى للسائلة، وهكذا كان حال علمائنا على مدار العصور. فالمفتي موجّه فقط ولا إلزام في قوله بعكس القاضى أو الحَكَم إن قَبِل الطرفان التحكيم. فلعل من يسعى بهذه الأقوال أن يتعلم قبل أن يتكلم، وأن لا يكون مغرضاً مدفوعاً من موتورين، وأن يتجنب الألفاظ القبيحة والسب والقذف. وقد ذكرت أن الجهل موتٌ، وهي حقيقة، لا يراد بها وصف شخصٍ بعينه، بل هي تحذيرٌ عام لمن يجهل أحكام الشرع، أو أي موضوع يدلى فيه برأي دون علم. وقد دأبنا على ورود تعليقات شاذة قبيحة لا تحمل إلا السبّ، وتخلط ما هو عام بما هو شخصيّ، وتتجنب الموضوعية، ولعلها ممن اقترف إثماً في حق نفسه أو ربه، فأصابه الله ببعض ذنوبه، فراح يلقى العتب على غيره، ولو أنصف هؤلاء لتحققوا من صحة الفتوى، دون خلط بما تبعها من أمور. ولو أنّ كل مفتٍ تتبع كل حالة خاصة ما انتهى من حالات معدودات، لكن هذه مهمة القاضى أو الحكم. وقد أفتينا لمئات من الحالات من قبل، سواء بالصبر على الزوج كما في حالة من يتكسب زوجها من الموسيقى أو بطلب التحكيم أو بغير ذلك. [2] طبعة دار ريم للطباعة والنشر، تطلب من مؤسسة براءة، مدينة نصر