الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما يجرى في مصر اليوم هو الثورة الحقيقية على الفساد المُتمَكّن من كلّ مؤسسة في دولة مبارك السابقة. أن يُخلع مبارك شئٌ، وأن يقتلع الفساد المتمثل في روؤس المؤسسات الحكومية والسلطات التنفيذية والقضائية، شئ آخر. فالكفرة قد اتحدوا مع عصبة الفساد، وسخروا أموالها لنشر الفوضى وإظهار الدولة وكأنها مقسمة بين حرية وديموقراطية، وبين تخلفٍ ودكتاتورية!
مصر ليست منقسمة على نفسها. بل في مصر شرذمة قليلون، كما سبق أن قلنا ونوّهنا مرات ومرات، عبأت بلطجية وشباب لاه عن دينه، جاهل بربه، لياخذوا شعب مصر فيه التيه، بعيداً عن الله ورسوله. شرذمة قليلة لا تتجاوز الخمسمائة شرير فاسد ملحد، لا يعجز أيّ نظامٍ أن يعتقلها، ويلقيها في غيابات الجبّ، لا تلتقطهم لا سيارة لا غيرها. من البرادعيّ وحتى على جمعة والطيب، منافقيّ العصر.
لقد لحى الله سبحانه، في أول سورة من كتابه الكريم، على من يتحدث عن الإصلاح وهو مفسدٌ، ما بالكم بمن يفسد وهو يعرف ويشعر، بل ويبر ويخطط "وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴿8﴾ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿9﴾ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌۭ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضًۭا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌۢ بِمَا كَانُوا۟ يَكْذِبُونَ ﴿10﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ قَالُوٓا۟ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴿11﴾ أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ ﴿12﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُوا۟ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓا۟ أَنُؤْمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُ ۗ أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ ﴿13﴾ وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا۟ إِلَىٰ شَيَـٰطِينِهِمْ قَالُوٓا۟ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ ﴿14﴾ ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِى طُغْيَـٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿15﴾ أُو۟لَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُا۟ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَـٰرَتُهُمْ وَمَا كَانُوا۟ مُهْتَدِينَ".
سبحان الله العظيم! آيات بينات واضحات، كأنها تتهجى أسماء البرادعي والبدوي والصباحيّ والحمزاوى والزند، وسائر كفار مصر اليوم. هم يقولون آمنا بالله، ثم يلتفتوا إلى مبارك وعصبته، وإلى أمريكا وعملائها، يتآمرون على بلادهم وأهلهم. هم يفسدون في الأرض فساداً ما بعده فساد، رأيناه وجربناه مدى ستين عاماً كاملة. ثم إذا هم يقولون بل ما ندعو إليه من ليبرالية وعلمانية وفساد وإعلام فاسق وسياحة داعرة وفنٌ عاهر، هو الصّلاح والنهضة والتقدم والحرية! والله لقد باعوا الهدى والحق، واشتروا الضلالة والفسق والعهر والكفر، بيعة خاسرة.
ونسأل الإخوان، هل عرفتم اليوم أنّ التنازل والتخاذل والصفقات المريضة الخبيثة لن تجدى نفعاً مع كفارٍ لا محل لإيمان في قلوبهم؟ أما زلتم تفرّقون بين فلول مبارك وكفار الأحزاب العلمانية والليبرالية! هاهم اليوم عليكم، وعلينا، يدا واحدة، وإن كانت بعون الله يداً ضعيفة مرتعشة.
المسألة اليوم ليست أن يتراجع مرسى أم لا يتراجع. بل المسألة هي هل سيتمكن مرسى من إكمال مسيرة اقتلاع الفساد، أم قد أخافه ذلك الزعيق والنعيق، الذي استَأجرت حناجرَه عُصبةُ مبارك وأموال البدوى واتصالات البرادعي .. وفنّ بسمة ودموع وفاء عامر!
لا والله بل اليوم هو يوم نفرة وجهاد ضد الفساد، هو يوم ملحمةٍ، إن أدبر فيها المسلمون، وتواني عن تبعاتها الموحدون، فلا بقيت بلد ولا أرض ولا عرض ولا كرامة.
اليوم قد أخرج الشيطان كل خَبَثِه، وحشر كلّ جنوده، ولا مجال لتفاهمٍ ولا توافقٍ. لقد أبي هؤلاء الملاحدة أن يقفوا في منتصف الطريق بين الكفر والإسلام، كما عرض عليهم الإخوان. وأصروا إلا أن يكون التوافق هو الرضا بالكفر كاملاً غير منقوص.
فهل استوعب الإخوان؟ ليست القضية اليوم قضية ديموقراطية وسياسة، ولا قضية سلطة وسطوة، بل هي قضية دين وشعب وأمة. نحن نعلم أنّ الإخوان يحاربون في سبيل جماعتهم، إذ إنّ بقاءها يتوقف على هذه المعركة الدائرة اليوم. لكننا ننصر الأصلح على الكافر الملحد، وإن اختلفت قضيتنا عن قضية الإخوان.
القضية اليوم هي قضية بقاء، قضية حياة أو موت. قضية توحيد وشرك. قضية فساد وصلاح. هكذا يجب أن نفهمها. وهكذا يجب أن نتعامل معها. وهكذا يجب أن يَصْدَع بها الإخوان والسلفيون إن كانت بهم بقايا دين أو إسلام.
لقد تبيّن المُعسكران، معسكر الإسلام ومعسكر الكفر. لقد تميز الخبيث من الطيب. فلا وقت ولا مجال للهزل والتخاذل هنا. فإن الأمر أمر أمة وإسلامها.
الخروج في تظاهرات السبت القادم واجبٌ لا يجب تفويته، بل يجب أن يدفع هؤلاء العلمانيون ثمن إجرامهم وتعدّيهم على دين الله وشرعه.
الواجب اليوم، بل الفرض اللازم، والتوحيد الخالص، أن يخرج المسلمون جميعاً لينصروا شرع الله، ويكسروا شوكة أعداء الله، ويقضوا على أسّ الفساد، مهما كان الثمن. وعلى محمد مرسى أن يعتقل رؤوس الفتنة كما قلنا من قبل، والشعب كله معه في هذا.
ثم يكون لنا وله من بعد ذلك حديثٌ آخر.