الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الدّلالة الواضحة من وراء تأخير اللجنة العليا للتزوير إعلان نتيجة الإنتخابات، هو الإرتباك الذى وَقع فيه مجلس الخونة، بعد أنْ أسفر عن خيانته عَلناً وبدون مُواربة.
الخونة قد استولوا على السُّلطات كلها، بلا استثناء، تحت غِطاءٍ قانونيّ مزيفٍ مهلهل مضحك.
الخونة قد ملؤا الشّوارع بقوات الجيش ومدرعاته، بدلا من أن يُوجّهونها إلى الحدود مع العَدو الصهيونيّ.
الخونة الآن يريدون أن ينفّذوا مخططهم الذي رسموا معالمه في إعلانهم اللادستورى القبيح، بأن ينصّبوا أراجوزاً، يلعبون به كرئيس بلا صلاحيات، ولشهور عدة، ثم يخلعونه، كما عينوا البرلمان بلا صلاحيات ثم حلّوه بلا مستند إلا الغصب.
المُشكلة اليوم هو أنّ الشعب هو من يواجهون، لا حزباً ولا إتجاهاً. لقد علم الناس مخطط الخونة، بعدما أصبح الأمر "على عينك يا تاجر" كما يقال. وهو موقف لم يجد أحد من العسكريين الغاصبين نفسه فيه من قبل، لا عبد الناصر ولا السادات ولا المخلوع.
الشعب اليوم في غضب وثورة. لكن الأمر إلى متى يمكن للشعب أن يصمد؟
العنصر الذي يجب أن يتوفر اليوم لإسقاط حكم الخونة الطغاة هو الإصرار. الإصرار على التظاهر، الإصرار على الإعتصام. العصيان المدني. إيقاف الأعمال بالكلية، المصانع والمتاجر والمؤسسات والمواصلات. أن يذهب الناس لعملهم صَباحاً ثم يهتفون مساءً بسقوط العسكر، فهي خيبة لأي ثورة. هذه التجمعات الهزيلة، وهذه المليونيات التي تنصرف عنها الجموع ليلاً، ليست وسيلة للنصر، بل هي عبث لا يلتفت اليه العسكر أساساً، ولا يعملون له حساباً.
العسكر اليوم ينتظرون إنقضاء الجمعة ليعلنوا فوز شفيق، أو إعادة الإنتخابات. وفي هذا ما فيه من إجهاز تام على ثورة مصر، وسخرية بكل المصريين وعبثٌ بحقوقهم وكرامتهم التي تصوّروا يوماً أنهم استردوها.
مليونيات الجمعة التي تنتهى بإنتهائه، يجب أن تتوقف، لتحل محلها مليونية الثورة المستمرة، التي لا تغادر ولا تتقيد بيوم أو وقت، ولا تبرح حتى يزول حكم العسكر. إن هذه البدعة التي ابتدعها الإخوان، بدعة المليونيات (الماتينيه) أيام كانوا على ولائهم للعسكر، قد انقلبت عليهم، وعلي الشعب بالإنتكاس.
إن تعيين محمد مرسى رئيساً، تحت ظل العسكر، لن يجعله إلا أضحوكة تتندر بها الأمم، وخيال مآتة يعشش على أكتافه التراب. مثل هذا التعيين لن يكون إلا مقبرة لضمير الأمة ولكرامتها ولمستقبل أجيالها، أن يتحكم هؤلاء الخونة المتعسكرون في كافة مفاصل الدولة، يسرقون وينهبون ويسجنون ويعتقلون، ويكبتون ويصادرون.
مجلس الخيانة اليوم يستعد لمواجهةٍ فاصلةٍ مع كافة الشعب مهما كانت نتائجها، لأنه يعلم أنّ مصيره أسود، إن نجحت الثورة، فإن هؤلاء هم العدو الحقيقيّ للبلاد، لا غيرهم.
الشرطة اليوم عبارة عن عدة مئات آلاف من الخونة المُسلحين الحاقدين على أبناء الشعب، يدعمهم عشرات الآلافِ من البلطجية، يتربوصون بالشعب، ولا يخضعون إلا لسلطة أسيادهم في الداخلية. فإن تم تعيين مرسى رئيساً فلن يكون لهم دور في الشارع المصري، ضباطاً وجنودا وبلطجية، إلا الإرهاب وتفزيع العامة،. وقس على ذلك ما يسمى الأمن المركزي الذي ليس إلا مجموعة من الخنازير البرية الشرسة، تعلِفها الداخلية وتطلقها على المدنيين، كما كان الرومان يطلقون الضباع والكلاب الجائعة على عبيدهم الفارين من جحيم العبودية.
الجيش اليوم تمّ تدجينه، ليفقِد قدرتَه القتالية التي تتمتع بها الجيوش، وليصبح عصابة إرهابٍ هائلة، تُعتبر بلا شك أكبر مجموعة إرهابية في العالم اليوم، يستحق أن يكون على رأس قائمة الإرهاب التي تحذر منه الدول.
هؤلاء الجنود، الذين هم جنود فرعون وهامان (الطنطاوى وعنان) "إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين"القصص 8 ، هم سَقَطْ الشعب المصريّ، نفسياً وخلقياً وإجتماعياً. هم أحطّ درجات هذا الشعب في المستوى التعليميّ، وأخسّهم في الخُلُقْ، كما يعرف كل من تردد على أقسام الشرطة واستمع لألفاظهم الفجّة القذرة، وأوضعهم إجتماعياً، مثلهم مثل العسكريين. ويكفيك سماع أحد هؤلاء الجنرالات الخَيابى يتحدث، لتدرك مدى تفاهة عقله وضحالة فهمه. وكيف يُنتظر فهماً وتحضراً من رجال كلّ بضاعتهم القفز والخنس، والجرى والرمي؟ وكفاك ما قال فنجريهم يوماً "والله المُوَفَق" بفتح الفاء كمفعول به، وهي كلمة كفر، إذ لا يقدر أحد أن يُوفِّق الله سبحانه، ولكن هذا هو علم الرجل ومستواه. ، ثم هم تَربّوا على الذّلة العسكرية التي يعظّم فيها كلّ فرد من فوقه، بلا استثناء، فليس لديهم حسّ الكرامة أصلاً، ولا فرعاً.
إن هؤلاء العسكر، من جيش وشرطة، إنما دَربوا على مجابهة عدوٍ خارجيّ، أو مجرمين في الداخل، فإن فعلوا فبها ونعمت، لكن أن يفكروا، ويحاولوا استخدام ما في تلك الجماجم الصلبة، أياً ما كان فيها، ويلعبوا في السياسة، ويحكموا البلاد، فقد خابوا وخسروا، وضلوا وأضلوا.
لقد عشنا في الغرب عقوداً طويلة، نُشهِد الله، ما رأينا عسكريّا واحدا في شارعٍ من شوارع البلاد، ولا مرة واحدة! ولا رأينا شرطياً واحداً يَسُبّ مدنيا أو يخرج لفظاً خارجاً بذيئاً. وهؤلاء كفارٌ نَصارى من أهل الكتاب!
إن هؤلاء الخونة يدفعون بالأمور إلى حافة الفوضى والعنف، الذي لا يريده أحد عاقل بمصر. إن القِدْرَ إن غلى بمائه، طفح كيلُه، طبيعة بلا تكلف. وأن يظن هؤلاء الخونة أنّ الناس ستظل مُرابطة إلى ما لانهاية في التحرير دون أن يتحرك جمعها إلى مبنى ماسبيرو أو غيره من المؤسسات حول أرجاء الجمهورية، لهو غباءٌ مُحكمٌ، أو مَكرٌ مُتعمد. إن ذلك لحادثٌ لا محالة ما لم يرحل هؤلاء، وبأسرع وقت، أو يسقطوا في سيئات أعمالهم.
إن هذه الفئة الغاصبة للشرعية اليوم، وجنودها، هي فئةٌ على باطلٍ أصيل، ليس لها طاعة على أحد، إلا بالقوة القهرية. أمّا أن يتحدثوا عن شرعية أخرى غير شرعية السّلاح، سواءً شرعية إسلامية هم أبعد الناس عنها وأكفر الناس بها وبدين الله عز وجل، أو شرعية وضعية هم أبطلوها بحل مجلس الشعب الوضعيّ إبتداءً، فهيهات هيهات.
وأنتم يا مغتصبى السلطة
كاذبون
مضللون
باغون
كافرون