فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      المخاض العَسِر .. والقَيصَرية المُرتقبة!

      الكلُّ يتساءل عما يجرى في مصر في الوقت الراهن، وعما يراد لها، أوبها، في المستقبل القريب، وعمّا يُمكن أن يفعله المُسلم العَاديّ لنصرة دينه ووطنه. الأسئلة كثيرة، والأجوبة تكاد تكون معدومة.

       وأول التساؤلات عن السلطة بعد انقضاء العمر الحقيقي لحسني مبارك، بعد أن إنقضى عمره الإفتراضي منذ سنوات: من سيتولاها؟ وكيف سيتولاها من يتولاها؟ وما هو الشكل الدستوريّ الذي سيكون مظلة لمن يتولاها، وإن كان الدستور حبراً على ورق؟ ومن هي القوى التى ستقف خلفه؟ وما هذا التناقض الذي يظهر به الحزب المُتحكّم؟ فمرشحه اليوم جمال مبارك، ثم إذا الملآ لم يَحزِمُ الأمر بعد، ثم إذا هو حسنى مبارك، مرة سادسة، رئيس الأبد، وحاكم اللانهاية! ثم تعود الدورة ثانية، مع ثبات عامل "مبارك" في المعادلة، بين X مبارك أو Y مبارك (حيث X = حسنى & Y = جمال)!

       ثم، ما هذه الإنتفاضات الهستيرية القبطية التي يرتعش بها الجسد القبطيّ الهزيل داخل مصر؟ ما الغرض منها في هذا التوقيت؟ لماذا تجرى الآن في وقت لا ثبات فيه لأمر ولا لقوة حتى حين؟ أهي إنتهازية الكنيسة تريد أن تَسوق النظام المُتحكّم إلى سنّ قوانين عشوائية في إبّان ضعفه وخلل رأسه؟ أم هو أمرٌ بُيّت بليل يراد به تفكيك الدولة المصرية إلى شقين كما يجرى حالياً على أرض الشقيقة السودان؟ أم هو مجرد تغفيل وحمق هيّأ لمشركي المصريين من القبط أنهم قد يكون لهم يد عليا في التحكّم القادم، فهم يؤسّسون لهذه المكاسب من الآن؟

       ثم، ما هو مصير تلك الأزمة الحقيقية المصيرية التي تتعلق بمياه النيل، ماذا تمّ فيها؟ وأين وصلت جهود النظام المُتحكّم في مصر مع دول الحوض، بعد أن ضرب الفساد واللهاث وراء الثروة على كلتا أذني النظام المُتحكّم سنين عدداً؟ وما هي البدائل المتاحة؟ وهل لمصر من قوة تأوى اليها في حالة منع المياه عنها؟ وهل لقوادى النظام المُتحكّم عزمٌ يدخلون به معركة مصير؟

       ثم، أين الجيش؟ ماذا ومن يريد؟ ومع من يقف في حفلة توزيع الغنيمة هذه؟ اين أبناؤه المخلصين، من أصحاب الرتب الوسطية، لا من يتلقون مظاريف "مكافئة الولاء" الشهرية، ايّ والله هكذا يسمونها، لمن هم في رتبة عميد وأعلى، سواء في الجيش أو البوليس!

       ثم، ما هي حقيقة الصفقات الظلامية التي تتم لضَرب الفلسطينيين بعد أن كَشَفَ العدو الصهيوني عن أنيابه ورفض حتى التعاون مع الخونة من فتح؟ وماذا على مائدة النظام المُتحكّم الآن تجاه غزة بعد أن ألجمهم الصهاينة وألقموهم الأحذية برفض وقف المستوطنات؟ أين الورقة المصرية، وأين المفاوض؟ وعلام يفاوض؟ ومع من يفاوض؟ وهم يمنعون شريان الحياة عن المستضعفين من النساء والولدان في غزة الحبيسة.

       ثم، ما هو مصير لقمة العيش في مصر، التي بات أغلب أبنائها – غير عز الحديد ورهطِه – يعيشون تحت مستوى الفقـر، أقرب إلى مستوى الموت منهم إلى الحياة؟ وبعيدا عن الحريات والسياسات والمؤامرات، كيف يمكن إصلاح ما هَدَم النظام المُتحكّم على المستوى الإقتصادى والإجتماعيّ والخلقيّ؟ كيف يمكن أن تعود لمصر أخلاقها وطباعها؟

       أيام حُبلى بالكثير من الأحداث، الله وحده سبحانه هو القادر على أن يحفظ هذا البلد من مغبة ما يمكن أن تتمخض عنه، فهو مخاض عسر، ولا حلّ له إلا بقيصرية يتولاها المُخلصون من أبنائه.

       لم تعد الكلمات تُجدى يا أهل بلدى ويا إخواني وأخواتي في الدين. لم تعد تلك التكتيكات السخيفة التي تمارسها جماعات الخضوع والخنوع الإسلاميّة وأنصار "المشاركة لا المغالبة" تُجدى. لم تعد المحاورات وإستجداءات المناصب وشحاذة المشاركة يُجدى. لم يعد أملٌ إلا أن تتحرك الجموع المسلمة التي تؤمن بالله رباً وبالرسول نبياً، وبالإسلام عقيدة وشريعة، تتحرك إلى الشارع المصريّ تقف في وجه جحافل أمن النظام اللاديني المُلحد الذي أسفر عن لادينيته وعالمانيته التي يتخفى وراء اسم "المدنية"! تحاشياً لذكرها صراحة. لم يعد ما يقال، بل فقط ما يُفعل، فهؤلاء قد إعتدوا عدواناً سافراً لا ذمة فيه ولا ضمير، واستهتروا بمقدسات الإسلام، ونصروا عقيدة التثليث والمثلّثين.

       نَصَروا مُشركي القبط على المسلمين، ونَصَروا الصَهاينة على أهل فلسطين، ونَصَروا الصَليبيين في كلّ مكان على الموحّدين، فماذا تنتظرون؟ وأي كفر يَرتكِبه هؤلاء تريدون؟

       نعم، سيكون هناك دمٌ يُسفك، نعم سيكون هناك شُهداءٌ تَسقُط، ولكن أين في تاريخ المقاومات كان طَرْقُ بابُ الحرية بأيدى غير ملطخة بالدماء؟ ولكلّ منا دور في هذا، فالإستشهادُ ليس أمراً يفر منه المسلم، بل هو أمرٌ يسعى له المسلم ليضمن له الجنة بإذن الله.

      www.tariqabdelhaleem.com