فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      عودٌ على بدء .. مع إرجاف المرجفين

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      من أشد ما يشين المرء وينتقص من قدره، عند الله وعند الناس، عدم تحرى الصدق في القول، والإفتئات على الناس، والتقوّل على الغير بغير حقّ. تلك كلها شيمٌ لا تجتمع مع إيمان صحيح، مهما طالت اللحى، وغارت علامة السجود في الجبهة، وقَصُر الجلباب إلى ما فوق الكعبين!

      أقدم بهذه الحقيقة الثابتة، قبل أن أصرّح عن موضوع مقالي هذا، الذي أعيد فيه ما صرّحت به مراراً وتكراراً من قبل، في شأن هؤلاء الذين ذهبوا يفتشون فيما كتبت في السنوات الأخيرة، ليجدوا ما قد يخيله لأحدهم ذهنه المريض الكليل، وضعف فهمه لمواقع الكلم، ومعاني الجمل، يهاجم به رجلا قد دعا إلى الله، على نهج السنة والجماعة طوال أربعين عاماً، دون أن يغيّر أو يبدّل! أهو الحسد والحقد؟ أهي وساوس الشيطان ونزغاته؟ أم هو مجرد الغباء وقلة الفهم ونقص الذكاء، لا أكثر ولا أقل؟

      على كل حالٍ، خرجت مجموعة من رويبضات هذا العصر، الذي ابتلينا به، كما ابتلينا بمثله في فترة السبعينيات، والتي كان معظم هؤلاء الرويبضات لا يزالوا في ظهور آبائهم، وليتهم ظلوا فيها! خرجت هذه المجموعة بعد تفتيش وعناءٍ بارد، بنص كتبته في مقال لي بعنوان " كيد الشيطان .. وقوى التغيير" في تاريخ 20 مارس 2010، أي تسعة أشهرٍ قبل ثورة يناير، جاء فيه "ورغم التحفظ على النهج البرادِعيّ وما يمثله من خروج على النهج الإسلاميّ، ورغم شكوكنا في جدية التوجه البرادعيّ، وإستعداده لخوض معركة ذكر أنه يريد أن يكون فيها مجرد رمز، دون أن يبيّن المعنى التطبيقيّ لهذا الدور، فلا أرى بأساً شرعياً أو وضعياً – في التحليل النهائي - في أن يضع الإخوان والسلفيون وغيرهم، أيديهم في يد البرادعي ومن سيصطف وراءه من جسد الأمة، فالرجل، وإن تفوه بكلام دالٍ على مذهبه في رؤية محلّ الدين من الحياة، مما يخرج عن نهج الإسلام بلا شك، إلا أنه صرح كذلك بأن ديموقراطيته يُمكن بها أن يَحكم من يختاره الشعب وتتفق عليه الأغلبية، وهي فرصة المسلمين الوحيدة في إسترجاع حكم الله سبحانه الذي اضيع بالكامل في عهد الدولة الحاكمة"اهـ بنصه.

      من هذه الكلمات، خرجت هذه العقليات العبقرية الغباء، بأني أجيز الحكم الديموقراطيّ، وأني أقبل بالنظام البرلمانيّ تحت ظِلّ الدستور الكافر!

      ثم عاونت هذه الرويبضات على على هذا الفهم السقيم، بما ذكرت من ردى على أبو المنذر الشنقيطيّ، في مقاله "نصرهم الله .. فانتكسوا"، وهو ما ردّدت عليه من قبل مراتٍ ومرات.

      على كل حال، قبل أن أبدأ في حديثى لذوى العقول التائهة، معذرة إلى الله، ولعلهم يرجعون، أذكّر القراء الأعزاء أننى كنت، وما زلت، ممن حرّم الدخول في البرلمانات، وليراجع القارئ هذه الوصلة، ليجد اسمى مدرجاً تحت رقم 81 فيما عنوانه "أسماء العلماء والدعاة الذين يرون عدم مشروعية العمل البرلماني" والذي نشر على النت في 28 يونيو 2009، فلا أدرى والله لماذا لم ينكش هؤلاء الرويبضات عن مثل هذه القائمة ليعرفوا عمن يتحدثون، وأي رجل يناوشون؟ http://www.shababolila.com/vb/archive/index.php/t-2402.html

      شبهة البرادعي

      يا أولى الألباب الحائرة، أين فيما نقلت ما يفيد إجازتي للبرلمانات، أو للديموقراطية الكافرة؟ لقد ذكرت، نصاً، قبل الثورة بشهورٍ، يوم أن كان البرادعيّ هو الوجه الوحيد على الساحة المصرية الذي يقف في وجه مبارك، ويتحدى سلطته، على كفره وعلمانيته، حين كانت خراف الإخوان وكتاكيت أدعياء السلفية تصوصِو في مَراعيها بحمد نظام مبارك وضرورة الصبر عليه! قلت، لمن عقل، إنه مع علمانية هذا الرجل وما أفصح عنه بشأن دينه، إلا إنه ليس ما يمنع شرعاً أن يكون المسلمون معه، لا من ورائه، في خندقٍ ضد نظام مبارك، الديكتاتوري الكافر، لنتخلص منه، وقد نتحول من حكومة كافرة إلى أخرى، لكنها فرصة إذ إن هناك كفر غير كفر (لا أقول كفر دون كفر حتى لا يقفز عليّ الرويبضات)، فكفرٌ يقتل ويسحل ويعتقل، وكفر يسمح بهوامش حرية، مبنية في أصل نظامه الكافر، فليستغلها المسلمون وليخرجوا بالكلية من النظام الكافر، الأقل فظاعة وقسوة، بعد تخلصه من النظام الكافر الأشد بشاعة. لا أكثر ولا أقل. وإنى لا زلت أقول بهذا القول، رغم أنفٍ هؤلاء الرويبضات، مدعى العلم، الأقل قيمة من أن يوصفوا بأصاغره.

      إن النظم الكافرة لا تستوى في بشاعة وسائلها، وإن استوت في حقيقة كفرها، وهو البعد الذي لا يستوعبه إلا من له عقل لا تزال تعمل خلاياه.

      وقد دونت بعدها مقالات، كشفت فيها حقيقة دين البرادعيّ، وفكره وحساباته، مثل مقال "البرادعي .. وحساباته" 22 فبراير 2011، ومقال "محمد البرادعي .. ثاني عطفه" 31 مايو 2011، حيث قلت ما نصه "محمد البرادعيّ ليس من أهلِ الدين، ولم يدعى ذلك لنفسه، ويجب أن يَحذرَ الذين يتحدّثون عنه من باب أفضَليته للرئاسة أن يَعوا ما يقولون، فهو، بالنسبة لحُكم مصر، كالكيماوى لمريض السَرطان، الخيارُ الأخير الذي يسْبق الموت".

      أهناك بعد ذلك شكّ يا من رَضىَ بالدنية وتعامل بالسفاهة؟

      شبهة الرّد على أبو المنذر الشنقيطيّ

      وياالله، ما أشد هؤلاء البشر على أنفسهم! نعود على بدء كما قلنا من قبل، من أنّ حديثى في هذا الرد، وفي أيّ موضعٍ آخر تحدثت فيه عن الإستفتاء أو غيره، فإنما صدرت فيه عن تقييم للواقع رأيته هو الأقرب للحق، سواء كان هذا التقييم صواباً أو خطأً، وهو أن البلاد كانت وقتها قد دخلت في فراغٍ دستوريّ، يتمثل في تلك الفترة بين سقوط مبارك وشرعيته، وإصدار الإعلان الدستوريّ المؤقت الذي هو بمثابة مبادئٍ مؤقتة، ليست أصلاً للعقد الإجتماعيّ الذي كنا نود أن نصيغه إسلامياً صافياً. لكن، حين ظهر أنّ هذا المناط لم يعد واقعاً، أو كان وهماً هيّأه العسكر حينها ليستدرج القوى الإسلامية، عدنا إلى أصل الحكم. فإن تلك الفتوى كانت مبنية على واقعٍ مُفترض، والواقع شقٌ الفتوى.

      فليس لأحدٍ أن يزعم أننا نقول بحلّ الديموقراطية، إلا غبيّ جاهل، أو مفترٍ على الله، مفتئتٍ على الحقّ.

      ثم، يا رويبضات هذا العصر والأوان، ألا تقرؤن ما أكتب يومياً منذ عامٍ ونصف، عن الثورة وعن الإخوان، وعن الديموقراطية و البرلمان، وعن الكتاتنيّ وعن برهامي وعن عبد المقصود ويسرى حماد وحسان؟ أتتّبعون متشابهاً له تأويلات محتملة، بدلاً من المحكمات التي أصرح فيها بما أؤمن به منذ قبل أن تخرجوا من أصلاب آبائكم؟ أتتبعون المنسوخ وتشوشون بالناسخ؟ أليست هذه من طرق الزائغين التي نبه الشاطبيّ عليها في "الإعتصام" حيث ذكر أنّ من طرقهم إتباع المتشابه وترك المحكم، خلافاً لطريق الراسخين؟ والله لو كانت هذه فقط هي خطيئتكم، لكنتم على بدعة مغلظة معيبة.

      وأترك القارئ العزيز، من ذوى العقول الواعية، أن يحكم في هذا الأمر.