فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      القرآن .. الذي يريد كفار النصارى حرقه!

      النصارى أمة ضلّت في كُلِ أمر، في أمر الآخرة أولاً، ثم في أمور الدنيا آخراً. جعلوا لله ولداً، سبحانه عما يشركون، ثم غيّروا وبدلوا كلمات عيسى عليه السلام، ودونوا ما أملته عليهم رهبانهم وجعلوه كلمات الله، ثم لمّا بُدّلت أحوالهم بدلوه مرة ومرات، وإختلقوا سلماً كهنوتياً عجيباً ما أنزل الله به من سلطان، واستحلّوا أموال أتباعهم قرون عدة، حتى خلعهم الناس، ولجئوا إلى العلمانية، وخَلّوهم جانباً، يُجبون أموالاً من خفاف العقول ممن لا يزال يؤمن بفضيحة النصرانية المحَرّفة.

      ثم تحوَّلّ زراريهم إلى الدنيا فرسّخوا شَرائع وقوانين وأعراف تسمح لهم، أفراداً، بالتمتع بالحياة الدنيا إلى أقصى حدّ دون مراعاة للمجتمع وما يصيبه من آفات، فاقروا الزنا وقصروا تعريفه على المتزوجين منهم واستحلوا ما وراء ذلك، وأسموه مصادقة (Boy friend)، واستحلوا الخمور بل جعلوها جزءاً من دينهم يشربونها في كنائسهم على أنها "دم المسيح"! والمسيح منهم براء، واستحلوا الشذوذ واللواط واسموه "الأسرة البديلة" "Alternative"! واستحلوا الربا الذي أوقعتهم في براثنه أُمّة المَغضُوب عليهم من اليهود، وهم يعانون من عواقبه الآن، وهم لا يشعرون! ولا تحفل بما لديهم من آلات وعُدّة وتكنولوجيا، فهي أدوات يعينهم بها الشيطان على ما يفعلوا من موبقات وما يسببون من آلام ومصائب لأنفسهم ولبقية العالم أجمع.

       ثم إذا بمخابيل منهم، ولا أقصد مخابيل الشرق القبطيّ، فأولئك أمرُهم أغورُ خيانة وأبشعُ عمالة، ولكن مخابيل الصليبية الغربية خرجوا يعلنون الإقدام على حرق القرآن الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كلمة الله الأخيرة للبشر التي لم يصبها تبديل ولا تحريف، بل هي كما أُنزِلَت صافية نقية، لا كأناجيلهم التي إختاروا منها ما يوفق بين الوثنية الرومانية وبين التعاليم المسيحية الأصلية في مجمع نيقية وحرقوا مئات الأناجيل التي كانت تتردد بين أيدى المسيحيين المشتتين في ديار الروم!

       الضّالون يريدون حرق القرآن الذي أمر بالدعوة إلى سبيل بالحكمة والموعظة الحسنة "ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ ۖ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ" فإعتبر الجانب الإنسانيّ فَقدّم الخير على الشر والحسنة على السيئة والرحمة على العنف.

       الضّالون يريدون حرق القرآن الذي أمر بالعدل، وأمر بالإحسان، وبإيتاء ذي القربي، ونهى عن الفحشاء ونهى عن المنكر والبغي، القرآن الذي أمر بالتقوى وأمر بالمغفرة.

       الضّالون يريدون حرق القرآن الذي حثّ على إحترام الوالدين، وإكبارهما ورعايتهما كما ربيانا صغاراً "وَٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا۟ بِهِۦ شَيْـًۭٔا ۖ وَبِٱلْوَ‌ٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰنًۭا وَبِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلْجَنۢبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًۭا فَخُورًا" النساء 36. وحث على صلة الرحم ووصلها وحذر من عاقبة قاطعها، قال تعالى: وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًۭا" النساء 1

       الضّالون يريدون حرق القرآن الذي سوى بين العربيّ والعجميّ، والأبيض والأسود، في الحقوق والواجبات منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، وكانت أمريكا التي يتباهى بها الغافلون لا تسمح للأسود بأن يركب الباص أو أن ينتظم في مدارس البيض حتى الستينيات من القرن الماضى!

       الضّالون يريدون حرق القرآن الذي سوى بين الرجال والنساء، فرفع عن المراة الإثم الذي وضعته عليها عهودهم القديمة والجديدة، من أنها أغوت آدم ليأكل من الشجرة، فبين القرآن أنّ الشيطان أغواهما معا، ثم سوى بينها وبين الرجل حيث قال" وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِى عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ" ثم بيّن ان الرجل هو المسؤول عن المرأة، يحسن اليها ويهيئ لها البيت والأمن فقال:" ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌۭ ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" البقرة 228، أمّا الدرجـة التي عنى الله سبحانه ، فهـي "دَرَجةُ الفَضـلِ" لا "درجة الكِبْر"، فالرجـل ، لِمَـا كان له من قـوة وقـدرة ، كان عليـه أن يرتفع إلى درجة الفضـل في معاملة زوجـه بالإحسان إليها والتوسـيع عليهـا والرفـق بـها ، لا بالتعـالي والتضييـق عليهـا! فـإن فعـل ذلك ، وحـاز درجة الفضـل ، اسـتحـق "فضـل الدرجة" ، أي كـان علي زوجـه أن تعامـله بفضـل هذه الدرجة التي استحقهـا، فتقـدّره وترفـع من شـأنه وتضعـه حيث وضعـه الله من درجـة القوامـة، فحفظ للأسرة المسلمة تماسكها وضمن للمجتمع الإسلامي رفعته.

       الضّالون يريدون حرق القرآن الذي وجه الحياة الفردية إلى أجمل الأخلاق، فأمر بالقصد في المشي، ومنع من الخيلاء والعجب، وهذى غلى الحديث بصوت آدميّ منخفض، فقال على لسان لقمان: "يَـٰبُنَىَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَ‌ٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ ﴿17﴾ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِى ٱلْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍۢ فَخُورٍۢ ﴿18﴾ وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ" لقمان

       الضّالون يريدون حرق القرآن الذي وجّه البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعل كلّ معروفٍ مشروع، وكلّ منكرٍ ممنوع، وجعل المصلحة دائرة مع المشروع وجوداً وعدماً، والمفسدة دائرة مع الممنوع وجوداً وعدماً، فقال: " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ۗ " آل عمران 110. فهدى البشرية إلى أفضل السبل للحياة الكريمة المثمرة الواعدة، بعيداّ عن وساوس الشيطان، وفُجْر الخلان.

       الضّالون يريدون حرق القرآن الذي نهى عن الغيبة والنميمة وجعلهما كآكل لحم أخيه ميتاً، وحَرّض على كظم الغيظ والعفو والإحسان، والتغاضى عن الإساءة لِمَن قَدَرَ، والإنفاق ولو في وقت الأزمة والضيق، فقال تعالى: "ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ "آل عمران 134

      الضّالون يريدون حرق القرآن الذي هدى البشرية للتوحيد الخالص الذي يليق بجلال الله سبحانه، ربوبية وألوهية وصفاتاً، وأخرج الناس من عبادة كِسرى وقيصر وبنديكت وشنودة، عليهم لعنة الله أجمعين، إلى عبادته وحده، وكفى بذلك تكريماً لبنى آدم، ووحّد بذلك مصدر تلقيهم، ولم يَكِلُهم إلى أنفسهم كما في الديموقراطية الزائفة التي ينادى بها العلمانيون، بل وياللحسرة بعض من انتمى إلى المسلمين.

      ولو ذَهبتُ أعُدّ ما في القرآن من فضل على الناس، لنفذ المداد ولو كان ماء البحر مددا. وسَيظل القرآنُ مَحفوظاً بوعد الله سبحانه، وسيعرف أولئك الذين يبيتون السوء له ولأهله أى منقلب ينقلبون، في الدنيا قبل الآخرة "وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" السجدة 21.

       www.tariqabdelhaleem.com