فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      النظام المصريّ ... وصفقات التوريث

      أشرنا في المقال السابق إلى الصفقة الملعونة بين النظام المصريّ العلمانيّ والكنيسة المصرية لصالح سيناريو التوريث الذي بات وشيكاً، إلا أن يشاء ربي شيئا، والذي بموجبه تدعم الكنيسة القبطية توريث السلطة لإبن الرئيس الحاليّ بعد هلاكه، على أن تمنحها السلطة حكماً ذاتياً، وحقاً في السيطرة على مواطنيها خارج المنظومة القانونية المصرية، وحق تكوين المليشيات العسكرية والتسلح، والأمان من قبضة الأمن التي لا تطول إلا المسلمين، وبطل هذه الصفقة ورأسها شنودة القبطيّ اللعين، قاتله الله، أنيّ يُؤفَك.

       لكن هذه الصفقة الملعونة ليست وحدها التي عقدها النظامُ المِصريّ العلمانيّ لصالح التوريث، والذي بات هو الهدف الأول والأوحد والأعلى لهذا النظام الشائخ المهترئ، بل الصفقة الأخرى التي ألمحنا اليها من قبل من التواطؤ بين النظام وبين العدو الصهيونيّ لسحق المقاومة الفلسطينية وحصار غزة حصاراً مميتاً، على أن تدعم الصهيونية التوريث لدى الولايات المتحدة بما لها من سيطرة على مجريات السياسة الخارجية الأمريكية بما لا يخفى على أحد، وبطل هذه الصفقة ورأسها عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية سابقاً ورأس حربة النظام حالياً

       ثم الصفقة بين الصليبية الأمريكية والنظام، والتي بموجبها تًدعمُ الولايات المتحدة الوارث والتوريث، على أن تأخذ ضمانات بتدمير أي إتجاه إسلاميِّ، وسحق القوى الإسلامية، ودعم العلمانية اللادينية تحت شعار الديموقراطية، وضمان أمن إسرائيل ذات الرؤوس النووية ضد المقاومة الفلسطينية ذات صواريخ قسّام! ويلعب دور البطولة في هذه الصفقة، شيخُ النظام نفسه، بمعاونة أحمد نظيف وأحمد ابو الغيط.

       ثم الصفقة المريبة الصامتة التي أحكمت خيوطها بين النظام وبين المؤسسات "الإسلامية" الرسمية كالأزهر المريض بشيخه، وجهاز الإفتاء المبتلي بُمفتيه، أو بمُفتريه! بل وتعدّت إلى جماعة الإخوان، الذين وإن عُرف عنهم المذهب الإرجائي في العقيدة كما أسسه كاتب "دعاة لا قضاة" في الستينيات، إلا أنهم وقعوا في "الإرجاء السياسيّ"، فلزموا صمت القبور تجاه قضية إسلامية مصيرية كقضية المهاجرات إلى الله التي نحن بصددها، وأوحى لهم من يتلقون عنهم الفتوى أنّ ذلك من الدهاء السياسيّ، وأنّ التضحية بمُسْلِمَات فُتِنّ في دينِهن أقلّ ضرراً من التضحية بالحكم!، وكأنهم اليوم أقرَب للحكم مما كانوا قبل سبعين عاماً! ولست بصدد الردّ على هذا الإتجاه السياسيّ الإرجائي، وإن كنت قد رددت على الإرجاء العقائديّ منذ أكثر من ثلاثين عاماً في كتاب "حقيقة الإيمان" الذي فنّد كتاب دعاة لا قضاة المنسوب كذباً لحسن الهضيبى رحمه الله، ولكن خطر هذه الصفقة الصامتة هي تحييد قطاع من الشباب ينتمى إلى تلك الجماعة إحساناً بالظن في فكر قادتها، ولنا عودة إلى هؤلاء في مقال مستقل إن شاء الله تعالى.

       والصفقة الخامسة، وهي الأهم والأدهى، التي عقدها النظام عُرفاً مع كل فاسد مستفيد من أبناء الشعب المغلوبِ على أمره، بدءاً بضُباط الشرطه الذين أُطلقت أيديهم لضرب أبناء الشعب وإهانته بدلا من خِدمته وحِمايته، مقابل إمتيازات تبدأ بإسباغ لقب "الباشا" حتى على من لم يبلغ منهم الحُلُمْ! وتنتهى بالمكافآت والشقق والسفريات وإستعباد ذوى الرتب الأدنى، وما لا يعلم إلا الله، ومثلهم ضُباط أجهزة الأمن، التي تسهر ليل نهار على ترويع الشعب وإِهدارِ كرامته، وقل مثل ذلك في كثير من وكلاء النيابة، وبعض القضاة من العملاء المرتشين، ومثلهم "كبار الموظفين" والوزراء ورجال الأعمال الذين استباحوا المال العام سواء عن طريق القروض البنكية أو الإستيلاء على "أراضى الشعب" التي يسمونها أراضى الدولة. كلّ ذلك وأضعافه في مقابل تزكية الوريث وقبول التوريث. وأدّت تلك الصَفقة في ظلّ ذلك النظام اللاديني الفاسد إلى تغلغل الفساد فيما عدا هذه الفِئات المُستفيدة، فاستفحل الفقر وتمكّن المرض وانتشر الجهل، وباتت الرشوة والمحسوبية و"السَبّوبِيّة" العملة الإجتماعية الرئيسة، وفقد الإنسان المصريّ كَرامته وعزة نفسه، بل نشأ جيلٌ لا يعرف معنى الكرامة إبتداءاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

       مرة أخرى، الحلّ يَكمُنُ في يَدِ الغالبية التي سُلبت حقوقها وسُحِقت كرامتها، أن تزحف إلى الشارع المصريّ، لتزيل هذا النظام بيدها وبكل ما تملك من أداة، وتعيد للشريعة والقانون المبنيّ عليها مكانهما في المجتمع، فلا محسوبية ولا رشوة ولا إضطهاد ولا تشريد، ولتعرِف الأقلية مكانها ومحلها في الوطن، وليعرف العدو أنّ مصر عمرو بن العاص لا تزال على قيد الحياة.

       www.tariqabdelhaleem.com