الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان من دواعى سرورى في تلك الزيارة العاجلة التي قمت بها إلى مصر مُؤخراً، أننى قد تعرفت عن قرب، بعددٍ من شيوخ الدعوة، الذين كان لهم دورٌ ملموسٌ وصوت مسموعٌ في أحداث الثورة المصرية.
ومن هؤلاء الشيوخ الأفاضل، كانت مقابلتى مع الشيخ الفاضل حسن أبو الأشبال، حيث حضرت إجتماعين لمجلس أمناء الثورة الذي يرأسه، مع الدكتور محمد عباس، وعدد من المشايخ الأفاضل، والذي ناصر الشيخ حازم أبو اسماعيل في حملته وقضيته ضد غدر لجنة التزوير العليا.
ولست أزعم أنّ معرفتى بالشيخ عميقة أو متكاملة، لكنّى أزعم أن ما حدث في الإجتماعين، ولست في حِلٍّ أن أذكر تفاصيلهما، ينبؤ عن شخصيةٍ متوازنة هادئة غير متسرعة، تجنح للسلم أكثر كثيراً مما تجنح للعنف، كما تودّ بالمسلمين خيراً، ولا تقبل الدنية في دينها.
والشيخ أبو الأشبال، كغيره من العلماء من ذوى السمعة الطيبة، له مواقف واضحة قوية، ظهرت مؤخراً في دعمه لحازم أبو اسماعيل وفي حديثه عن الظلم والبغي الذي يدور في البلاد، وعن سرقة الثورة على يد المجلس العسكري الخائن. كما أنّ له بعض المواقف التي تحتاج إلى تدبر ومراجعة، كما حدث في إعتصام الأخت كاميليا في العباسية منذ شهور خلت. وهو أمرٌ طبيعيّ مفهومٌ، حين تكون الأحداث سريعة متشابكة والظروف ضبابية شائكة. كما أنّ لكل عقلٍ وِجهة ونظر. المهم في الأمر أنْ يكون العَالمُ مناصراً للحق، صاداقاً في كلماته، لا يصدر عن مصلحة مادية، أو معنوية، أو حسد وغيرة، كما هو حال قياداتٍ سلفية وإخوانية، سقطت في الطريق، كما يسقط ورق الشجر الذابل، الذى انقطع عنه مصدر إروائه.
والحق يقال، أني قد أكننت للرجل محبة واحترماً منذ أن لقيته للمرة الأولى، كما قدرت ظرفه الي كان يمر به، وودت لو أمكن أن نكون على لقاءٍ دائمٍ من بعدها، لكن شغلتنى مشاغل الدعوة، على قصر مدة إقامتى بأرض الكنانة.
وقد عرفت ما تناقلته الصحف والفضائيات، من تعليق الشيخ الفاضل على أحداث الإسكندرية، وغضبته التي لها ما يبررها، بل ويبرر أشد منها وأعصف. فإن مجرمي العسكر قد بلغوا الغاية في الحاسة الإجرامية، حين ارسلوا كلابهم من جندٍ وضباطٍ، وأوغروا صدورهم ضد مواطنيهم، وحببوا اليهم بني يهود، فصاروا أعداءً للمسلمين، أولياءً للصليبيين. وقد شاهدت بنفسى ما حدث، من طلقات رصاص حيّ على الأبرياء المعتصمين، وكميات الغاز الذى القوه على الناس، ومطاردة النساء والرجال، وضربهم وسحلهم، ثم رقصهم في ساحة الميدان بعد انتصارهم على العزّل من المدنيين! ألا ما أخبثه من جندٍ وما أحطّها من قيادة.
شاهد الشيخ أبو الأشبال هذا العمل الإجراميّ السافل، فلم تسمح له نفسه الثائرة، وضميره الحيّ، أن يسكت عليه، كما سكت مشايخ السوء الآخرين، تضامناً مع الإثم، ودعماً للبغي والظلم. وحقّ له أن يغضب، وأن ينفعل وأن يرمى بحمم غضبه على مجلس العسكر الذي عادى أولياء الله وقاتل محبى الحرية وأصر على وأد الثورة المشروعة، دون ضمير أو ذمة. وكان أن صدرت منه كلماتٌ لا أظنها تعكس نفسيته البسيطة التى لا تقبل عنفاً ولا تريد إراقة دمٍ. فكلنا شعرنا بما شعر به الرجل، وكلنا صببنا دعواتٍ على هؤلاء الملعونين اخترقت حجب السماء، لتسكن فيها إلى حين أن تستحق تلبية الله لها.
وإذا بالدعيّ الأكبر، المدعى العام للظلم والبغيّ، يصدر إحاطات ومذكراتٍ ويشيع إرجافات لا يعلم صحتها إلا الله، عن ضرورة القبض على الشيخ، بتهمة التحريض على العنف! يالله ما أخبث هؤلاء وأخسهم! يريدون القبض على من قال كلمات على الهواء، بعد أن سقط القتلى والجرحى عشراتٍ، ولا يلقون القبض على بلطجيّ واحد ممن تركوهم يقتلون الناس ثلاثة ايام متتاليات! ولا يقبضون على ضابطٍ ممن أعطى أوامر الضرب والقتل ةالسحل، أو محاسبة أولئك التسعة عشر مومياء الجالسين على كراسي ما يسمونه مجلس مبارك العسكريّ! ها هو عدلهم، وهذه هي قوانينهم، وهذه هي ديموقراطيتهم! حسنا الله ونعم الوكيل في هؤلاء المجرمين.
إن من حقّ الشيخ علينا وعلى الشباب، الذي ارتعد لقتلهم وسحلهم، أن لا يتركوه عرضة لبغيّ أو ظلم. على الشباب أن يحميه، وأن لا يدع يد الإجرام تصل اليه. فهذا هو خلق المُسلم، وخلق الإنسان السويّ، وشهامة الرجال وإباء الظلم. ودع عنك مخنّثى السلفية الأدعياء، أولياء العسكر، يعيشون في غيهم وباطلهم حتى تأخذهم الصاعقة، ويحلّ عليهم غضب الله، كما حلّ على قوم لوط من قبل.