فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      العنترية الإخوانية .. وترشيح الشاطر

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم <> سبحان الله في هؤلاءالإخوان ! لا أدرى متى طوّروا هذه القدرة العجيبة على النفاق السياسي، الذى مارسوه بخبثٍ وإقتدار منذ" كامب سليمان"، وحتى أحداث مذبحة بور سعيد وتمثيليات العنترية البرلمانية. <> اليوم بدأت تمثيلية جديدة تهدف إلى ضرب عدة عصافير بحَجر واحد، تتمثل في ذلك الإعلان الإخواني الذي يتهم العسكري بدعم حكومة الجنزوري، وعرقلة عملية سَحب الثقة منها. <> وقد قررنا أنها تمثيلية، خلافاً للسُذج من الدهماء الذين تقصدهم هذه التمثيلية ابتداءً، لأسباب عديدة، أولها، أنه ما الجديد الذى اكتشفه الإخوان اليوم في عدم قدرة برلمانهم على سحب الثقة من الحكومة، وأن أمرها في يد العسكري؟ لقد عرف الصغير والكبير في مصر أن مجلس الشعب الحاليّ طرطور لا صلاحية له، إلا البعبعة والتشدق بالكلمات، فهل غابت هذه الحقيقة عن الإخوان طوال الشهور الماضية؟ إن كانت هذه هي الحالة، فقل على مصر السلام. وإلا فهي تمثيلية كما ذكرنا. <> ثم ثانيا، ا لماذا لم تُخرِج الإخوان هذه العنترية من مواقف العسكر في مهزلة نقل مبارك، وأحداث بورسعيد وغيرها من الأمور التي سطّحوا فيها أقفاءهم للعسكر من قبل، يَصفعُهم عليها ما يشاء! لماذا هذا التوقيت بالذات لهذه العملية التصريحية العنترية؟ <> الأمر أنّ الإخوان قد شعروا بوطأة حازم أبو اسماعيل، وشعر معهم بها المجلس العسكري. لكنّ شعبيتهم أصبحت تعانى الكثير، منذ انفضح أداؤهم وانكشف عوارهم، وبانت عمالتهم وصفقتهم مع العسكر. فلما ظهر أن قد حان الوقت الذي يجب فيه أن يستعيدوا هذه الشعبية، ليمكنهم ترويج مرشحهم الشاطر، فيكسبوا له قاعدة شعبية قبل أن يأكل أبواسماعيل أخضرهم ويابسهم، ظهرت العنترية، وصوّروا أنفسهم وكأنهم على خلاف مع العسكريّ، فيعود الناس إلى تأييدهم، مُعولين على ضعف الذاكرة العامة، ومن ثم، يقوموا بإنتخاب مرشحهم الشاطر (بكل معاني الكلمة)، أو غيره! وهي سياسة يستعملها كلّ نظام خبيث يريد أن يضلل العوام، كما فعلت أنظمة عبد الناصر والسادات ومبارك والمجلس العسكريّ أخيراً في قضية التمويل.<> حازم ابو اسماعيل يمثل مشروعاً إسلامياً يخالف في أصله وفروعه المشروع الإخوانيّ في الحكم. مشروع حازم ابو اسماعيل، نحسبه كذلك من تصريحاته، يقوم على أساس الحلال والحرام، وعلى قاعدة الكتاب والسنة، جملة وتفصيلاً، كما أصّلها الصحابة والتابعين وفقهاء اهل السنة، إن اتفقنا على أن البيعة الشرعية هي أساس ولايته. وهذا لا يعنى أن نختلف، أو غيرنا، مع هذا المشروع، في بعض تفاصيله إبان التنفيذ، إلا إنّ ذلك لا يمنع أن يكون الإتفاق العام والتوجه الكليّ متقاربٌ متوافق. <> الإخوان البرلمانيون، وطنيون ليبراليون بخلفية إسلامية، ذات توجه صوفيّ واضحٌ، مؤسس على قضية أنّ أحكام الشرع خُلق يُلتزم به، لا يُلزم به، وأنّ الأحكام التفصيلية ليست ملزمة للحاكم، بل هي في الغالب الأعم، مما أصبح تاريخاً لإنقضاء مناطاته، أو "لخطأ" فهمه أو تفسيره من قبل فقهاء السلف! فلا يبقى مما يلتزم به الحاكم المسلم إلا ما يُعَد على الأصابع من مبادئ عامة، كما عبّر باللفظ الواحد أحد ساداتهم وكبرائهم، محمد مرسى. <> الفارق بين المشروعين جدّ كبيرٍ وخطير. الأول مشروعٌ يمكن للمسلم أن يعيش في ظلاله، يتفاعل ويقبل ويرفض وينقد ويصحح. والثاني، مشروع بنيَ على جرفٍ هارٍ، قام على أسس علمانية منقحة، تخدم أيديولوجية، ليست الإسلام السنيّ بكل تأكيد. بل تخدم ديناً مبتدعاً مهلهلاً، خليطاً من عدة أيديولوجيات، مصادرها تتراوح بين الإسلام، والعلمانية، والهوى الإخوانيّ، متأطّرة في منظومة تتجه بكامل مقصدها إلى خدمة الجماعة الإخوانية، لا الإسلام، ولا العلمانية، ولا الوطن والناس. <> أن ينتهى الأمر برئيسٍ يقدمُ مشروعاً مخالفاً للمشروع الإخوانيّ، فهذا ما لن يقبله الإخوان، ولا العسكر، الذين يقبلون، هم والغرب الصهيو-صليبيّ، المشروع الإخوانيّ بكل ترحاب. وهو ما يجيب على كافة التساؤلات المطروحة، والتناقضات الصريحة في أداء الإخوان، وخريطة تفاعلهم مع الثورة من يومها الأول، وما رأينا من مسلسل إقدام وإحجام في المشاركة في الخروج، يبين أن اجندتهم الخاصة، لا يحكمها الصالح العام، بل الصالح الخاص، بكل وضوح لمن عقل. <> وما غفل عنه الإخوان، أو تغافلوا عنه، أنّ نسبة تمثيل الإخوان لا تعنى أن هذه النسبة تؤيد قراراتها، أو تنتمى لإيديولوجيتها، إذ إنّ هناك فارقٌ شاسعٌ بين دعم عضوٍ يُحسب أنه متدين لأنه ينتسب إلى إلإخوان، وبين دعم عضوٍ لأنه ينتمى إلى الإخوان. وخريطة السطح السياسيّ الحاليّ ليس فيها حاليا ما يكفى للتصدى لجماعة منظمة، ولو بهذه الأيديولوجية المُخَلطة، إذ يكفى أن تكون نسبة منتميها 5% من الجمع العام، من الأعضاء المنظمين الموزعين على المحافظات، الحاملين شعارات حقٍ أريد به باطل، حتى توجّه الدعم العام فى طريقها، فيظهر أنهم منتمون لها، راضون بنهجها. وهي ذات السياسة التي تتبعها الإخوان منذ السبعينيات، في الدسّ بعدد جدّ قليل من منتسبيها في أيّ تجمعٍ دينيٍّ أو نقابيّ أو إجتماعيّ، أيا كان اتجاهه، ثم رفع عدد من هؤلاء إلى مراكز القيادة فيه، فيظهر وكأنه تجمع إخوانيّ، وما هو بذاك. رأينا هذا التوجه وعايشناه، ورفضنا العمل به، من حيث رأيناه نفاقاً واستغلالاً وتحلى بأثواب زورٍ، وهو ما لا يراه الإخوان عيباً في منظومتهم، بل يُكسِبون هذه البلايا أسماء مثل جلب المصالح والمفاسد، وما إلى ذلك الشطط العقديّ والعمليّ، مما لا يرضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. <> ترشيح إخوانيٌّ لمنصب الرئيس، اليوم، مرتبط إرتباطا وثيقاً بالبيان العَنتري الأخير بصفة خصة، وهو دلالة عامة في سلسلة الدلالات الواضحة الصريحة، على الأيديولوجية الإخوانية، التى تعملُ للصالح الخاص، من منظور خاص، حسب أيديولوجية خاصة، يربطها بالإسلام قدر ما يربطها بالعلمانية. وهو مؤشرٌ على أنهم أصبحوا في محل يأسٍ وتشتّت في القرارات، وضَبابية في المواقف، تدفعهم إلى هذا التفتيت البئيس في مصادر القوى الإسلامية، على طريقة "عليّ وعلى أعدائي"، أو بالبلدى "فيها لأخفيها".