الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
تلقيت هذا الخبر، الذي يتوقعه كلّ حيِّ عن كلِّ حيٍّ، وفاة الشيخ الجليل، وبقية السلف الصالح، الأخ العلامة رفاعي سرور "كُلُّ نَفْسٍۢ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ"آل عمران 185. والشيخ الجليل من أقراني في العمر، فوالله ما كنت أحب ألّا أن يكتب هو عزائي، فإن في هذا شرف لي ولأمثالي. ولكن قدر الله سابق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد عرفتُ الشيخ رفاعي رحمه الله منذ السبيعنيات، حين كنا، كلنا، في معترك تلك الفترة الفريدة في طبيعتها، مشغولون بالدعوة، وبالرد على المدّعين، وببيان الحق وتأصيله. وكان رفاعي، رحمه الله، كما كان يوم أن توفاه الله، قوياً في الحق، ثابتا عليه، واعيا له، رغم ما لقيه من اضطهادٍ وظلمٍ واعتقال، لن يؤثر في حديثه ولا توجهه ولا هدفه، كما فعل بآخرين ممن راجعوا فتراجعوا. وقد قاوم الطغاة ووقف في وجه الكفر، وبيّن التوحيد، وأزال الشبهات، جزاه الله عن الأمة خيراً.
كان آخر حديث لي معه منذ عدة أسابيع، ومعنا الشيخ الفاضل هاني السباعيّ، حيث تدارسنا موضوع مصير الدعوة في مصر، وانطلاق التيار السنيّ لإنقاذ مصر، وأمور عديدة، تدور كلها على الدعوة ومجالاتها.
وكان الشيخ الجليل رحمه الله، كعادته، أديباً، مهذباً، وقوراً، ظريفاً، لا يكاد يُنهى جُملة من القول، إلا وأنت تنتظر أفضل منها وأحكم. يؤثر في السامع، بقوله وإشارته، وهيبته، وعلمه، فلا يُملّ من حديثه ولو استوعب الليل والنهار.
لا أجد في هذا المقام أفضل من أن أرجو أن يكون شيخنا رحمه الله ممن قال الله تعالى فيهم "وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلْأَنْهَـٰرُ ۖ وَقَالُوا۟ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَىٰنَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلَآ أَنْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ ۖ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ ۖ وَنُودُوٓا۟ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" الأعراف 143.
رحم الله الشيخ الجليل رفاعي سرور، وألهم أهله وأبناءه الصبر والسلوان.