فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      هل أفرطنا في نقد 'الإخوان'؟

      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      الظاهر أنّ بعض الإخوة لم يستوعبوا بشكل صحيح تلك الجريمة التي يرتكبها الإخوان اليوم، ومن ثم يلومونني على الشدة والغلظة في الحديث عنهم، وتحذير الناس منهم.

      والحق أننى لم أكفر الإخوان على الإطلاق، ولعل من يزعم هذا أن يجد لي نصاً بهذا، ليكون منصفاً جاداً. ما قلته هو أنهم فرقة بدعية، ابتدعت في أصلٍ كليّن وهو أصل التحاكم إلى شرع الله. وقد رميتهم بالنفاق، هو ما لا يَستلزم الكُفر كما يعلم من له أدنى علم بالشريعة، فمنه أكبر ومنه أصغر.

      لكن المسألة أكبر من تلك التمَحّكات الصغيرة. وأنا لا يعنيني كيف ينقد الآخرون الإخوان، فذلك مذهبهم، وذلك قدر خوفهم على دينهم، وذلك قدر غضبهم لله، وذلك قدر حبهم لصالح أمتهم، وذلك قدر بغضهم لمخالفة سنة الحبيب صلى الله عليه وسم ، وذلك ما سيلاقون به الله ، فكلّ مسؤولٌ عن قوله. والعبد لله لا يرغب في المحافظة على علاقات مع أحد، ولا يراعى مجاملة لأحد، وإنما هو دين الله، نشرحه لمن أراد، وبيان لمواقف غثة مدمرة، نبينها احتساباً، فمن شاء أخذها، ومن شاء ردّها، وكلنا بين يدي الله موقوفون، وسنرى يومها إن نفعت سياسة الإخوان أحدٌ من العالمين.

      لكن، إن جرم الإخوان كبير. وإن لم تعوه اليوم، فلن تعوه أبداً. إن الإخوان يصفون جنباً إلى جنبٍ مع المجلس العسكريّ لتأمين شكلٍ من أشكال الحكم الليبراليّ في مصر، تحت رداءٍ إسلاميّ، يُخدع به أمثال هؤلاء الإخوة، لحسن النية وقلة الخبرة، وإيثار السهولة وتفادى المصادمة. وما هكذا تورد الإبل يا إخواننا، حين يكون دين الله الصحيح على المحكّ.

      إن الإخوان يعلنون صراحة أي لونٍ من الإسلام يريدون لمصر. وهو ذات اللون الذي يَنشُرون في تونس، وفي اليمن وفي المغرب. هو مذهبهم ودينهم، ذلك الإسلام المتأمرك الليبراليّ الذي تختصر فيه شريعة الله لبضع مبادئ عليا، يجتمع عليها المسلم والكافر، على إختلاف النظرة اليها، وإهمال كافة أحكام الشرع، كما أكد محمد مرسى، أخزاه الله، في برنامج على الهواء.

      ألا تفهمون يا قوم لماذا رضيت أمريكا على الإخوان وعلى سياساتهم؟ ألا تدركون أنّ هؤلاء على وفاق في طريقة تطبيق "إسلام معتدل"، وما تراه أمريكا في هذا الصدد، وما يعنى إعتدال الإسلام، في مقابل "الإسلام المتطرف"، الذي يطالب بتطبيق كافة أحكام الشريعة، كمبدأ عامٍ يراعى شروطها وموانعها حسب حالة المجتمع. أتظنون أن أمريكا تنصر إسلاماً يؤدى إلى تغيير حقيقيّ في خريطة التوازنات المحلية والعالمية؟

      ويقول القائل، إذن هذه سياسة عظيمة من الإخوان أن كسبوا التأييد الأمريكيّ، إذ إنّ "100 بالمائة من أوراق اللعبة في يد أمريكا" كما قال المخلوع! قلنا، لا والله، هذه خيبة وخسارة وضعف وهوان ونبذٌ لدين الله. بل هو تصورٌ لا يأتي إلا بكل خيبة وتدهور، ولا يستدعى إلا غضب الله على من رضيه وقبل به، وهو قادرٌ على غيره. بل هو خلاف ما كتب حسن البنا، مرجعهم الأول في ضرورة عدم الإلتفات إلى تأييد الأعداء من دول الغرب وعدم إستجداء رضاهم، فهم لن يرضوا عنا، سايرناهم أم فارقناهم. هذا حديث حسن البنا، لا حديث طارق عبد الحليم!!

      الإخوان أصحاب بدعة عقدية، وعمالة عملية.. بهذه البساطة والوضوح.ونقدهم، بل والهجوم عليهم، واجبٌ شرعيّ وفرض عين على القادر عليه، ممن يحتسب لله.

      والمعلوم أنّ التعامل مع أصحاب البدع يتفاوت في قوته ونوعيته حسب تأثير هذه البدع، سواءً في تأثيرها العام أو الخاص، ومداه، وأثره وقدر جنايته على العامة، وكثيرٌ من العوامل، يجدها من أراد في كتاب الإعتصام للشاطبيّ ج1 ص 167، طبعة دار المعرفة. ولعل بعض الإخوة ان يشتغلوا بتحصيل بعض العلم، ليكون حديثهم بعلمٍ، وأن يتجردوا من الهوى ليكون حديثهم بعدل.

      ومن هنا فإنك، يا قارئنا الحبيب، تجد تغيراً وتفاوتاً في لهجة خطابنا، بين فرد وآخر، وبين إتجاه وآخر، بناءً على توجه الشريعة، لا الهوى والمحبة، ودواعي ما يسمونها السياسة، التي تقوم على خليط من علم وهوى ومصلحة، فلا تأتي بخير.

      هذه عجالة أردت فيها أن أوجه بعض الشباب، الذين يتأثرون بما يرون من حدة في خطابي للإخوان، وهي حدة مبررة، بل أقل مما يجب في حقهم، إذ هم بصدد إرساء وتقنين جرمٍ تاريخيّ، أعمق أثراً من جرم حكومة المعتزلة في أيام المأمون ومن بعده، أوجههم إلى المسارعة بالتدقيق في خطاب الإخوان، وعرضه على الشريعة، بدلاً من تضييع الأوقات في الدفاع عنهم ضد من هم يقفون في صفّ الله ورسوله، لا في صفّ العسكر والإمريكان.

      ثم أكرر مرة أخرى، تخلصوا من الإخوان، عقيدة وحركة، تخلص لكم مصركم.