فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      لماذا التيار السني ؟ تساؤولات وردود

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.

      سأل سائل وما أكثر المتسائلين عن هذا التيار السني الوليد وما الفائدة في ولادة تيار والتيارات الإسلامية ما أكثرها! ولماذا لم يتحالفوا مع أي تيار أو جبهة أو جماعة قائمة على أرض الواقع في مصر ولا سيما التي تشكلت عقب الثورة المصرية في 18 صفر 1432هـ الموافق 25 يناير 2011م؟! بل وسخر البعض من وجود تيار يقوده رجلان يقيمان في الغرب أحدهما في أقصى الأرض في بلاد الزمهرير، والآخر يقيم في عاصمة الضباب! وقد تعجب متعجب من اختيارنا لكلمة "تيار"! من الناحية الشكلية! والعجب العجاب أن فريقاً من هؤلاء المتسائلين أو المنتقدين قد اكتفى بقراءة العنوان! ولم يكلف نفسه عناء التدقيق وما أسهله! في المبادئ التي ذكرناها في بياننا الأول للمجلس التأسيسي! ولا نزال ننتظر من يرد علينا رداً علمياً موضوعياً يناقشنا في أس المبادئ التي ذكرناها في البيان الأول! فنحن والحمد لله على الرحب والسعة في قبول النصح والإرشاد وحتى الذي يريد أن يناقشنا أو يناظرنا فأهلاً به وسهلاً وما أيسر الاتصال بنا.

      ومن منطلق تلكم التقدمة السابقة نشرع في الإجابة عبر النقاط التالية:

      أولاً: متى نشأت فكرة التيار السني لانقاذ مصر.

      ثانياً: الاعتراض الشكلي:

      (أ) الأعتراض على كلمة "تيار".

      (ب) الاعتراض على كلمة "السني".

      (ج) الاعتراض على كيف لرجلين خارج مصر يقودان تياراً.

      ثالثاً: لماذا لم ننضم إلى الجماعات والحركات القائمة:

      شيخ السلفية الديمقراطية أنموذجاً.

      التعليق على حوار دهقان السلفية الديمقراطي.

      رابعاً: التغيير عن طريق البرلمانات وهم وخداع.

      الخطر الأول: تمييع مفهوم الولاء والبراء:

      الخطر الثاني: تمييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

      صفوة القول

      ***

       

      أولاً: متى نشأت فكرة التيار السني لإنقاذ مصر:

       

      لقد وُضعتْ نطفة فكرة التيار السني في رحم الأيام التالية بعد الثورة المصرية في 19 صفر 1432هـ الموافق 25 يناير 2011م .. لقد قلنا في بيان لنا عقب خلع الطاغية محمد حسني مبارك أننا؛ فرحنا بحق بهذا النصر الذي تحقق على أيدي هذه الجماهير الغفير! وكان لزئيرهم دوي قذف الله به الرعب في قلب الطاغية وأركان نظامه! ثم كانت اللحظة الحاسمة وقد بلغت القلوب الحناجر! والأمة تتميز غيظاً من عناد هذا الفرعون الصغير! وأخيراً أسقط الله بهم الطاغية حسني مبارك وعائلته وبعض أزلام نظامه!  فالحمد لله الذي أراح البلاد والعباد من شرور فرعون خبيث لئيم! وكان من المفترض في مثل هذه الأيام الحاسمة في تاريخ التجمعات البشرية أن يكون العلماء والشيوخ والدعاة في طليعة الجماهير وفي مقدمة الصفوف بغية استعادة الحق المغتصب منذ الحقبة العلوية؛ محمد علي باشا وبنيه؛ الذين وضعوا اللبنات الأولى لصرح العلمانية في مصر والعالم الإسلامي إلى وقتنا الحاضر!

      كانت الفرصة سانحة لهؤلاء الشيوخ بالالتحام مع الجماهير وتحريضهم على النفير إلى الميادين العامة وافتراش الطرقات والجهر بالحق وإعلان حراس الصرح العلماني في مصر.

       فهذه الجماهير لن تبرح أماكنها حتى يعود الحق إلى نصابه وتعود الشريعة الإسلامية غير منقوصة مكرمة إلى سدة الحكم، نكون أو لا نكون! فهذا يوم من أيام الله سيسألون يوم القيامة عن تلكم المواقف الحاسمة؛ هل نصرنا دين الله أم تواطأنا مع دين العلمانية التي أذاقت الأمة الهزائم والنكبات ومزقتنا شر ممزق!.. نكون في حلف الرحمن أم حلف الشيطان! وهما حلفان لا يجتمعان! الإسلام والعلمانية! الإسلام والديمقراطية! الإسلام وأي دين آخر!

      فهل قام علماء المسلمين بمصر وقادة الحركات الإسلامية بواجبهم الشرعي قبل أمتهم ونصروا دينهم؟! أم تحالفوا مع حراس العلمانية ورضوا بالقعود على عتبات العسكر لينالوا حصة من حكم البلاد المنكوبة بمعظم علمائها؟!!

      لقد ثبت أن معظم علماء وقادة وشيوخ الحركات الإسلامية كانوا أصغر من الحدث التاريخي وضيعوا ثورة من أكبر ثورات التاريخ من أيديهم! ورضوا أن يكونوا محللين لبقاء المجلس العسكري الحارس على مصالح الغرب في مصر والعامل الإسلامي!

      لقد سقط الشيوخ وقادة الحركات الإسلامية في شراك خداع الديمقراطية! وسقطوا في حمأة وهم التغيير عبر صناديق أعدها لهم العسكر تلبيسا وتدليسا على شعب مصر المسلم!..

      لقد سقطوا في فخ الفرعونية التي استمرأوها وكأن حالهم صار كحال بني إسرائيل بعد أن أنجاهم الله من عدوهم ومن الغرق وبمجرد أن عبروا البحر وشعروا بالأمان سألوا نبي الله موسى:

      (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) (الأعراف: آية 138)

      إن طول أمد الطاغوت في الحكم يقسي قلوب الناس، ويستمرئون حكمه وعذابه! ولسان حالهم إذا منّ عليهم فرعونهم يوماً بهامش من الحرية العرجاء! يتساءلون لم لم يعذبنا.. لقد ألفنا طغيانه! .. وقادة الحركات الإسلامية بعد خلع الطاغية قالوا لمجلس العسكر! اجعلوا لنا دستورا كما كان للطاغية دستور!

      عود على موضوع النطفة الأولى:

      في خضم هذه المواقف المخزية وسقوط شيوخ وعلماء كان يشار إليهم بالبنان! بحكم انتشارهم الفضائي إبان سماح المخلوع لهم بهامش الفضائيات التي كان يشرف عليهم جهاز مباحث أمن الدولة المنحل! وسقوط آخرين كانوا في كمون وسبات عميق عن الحق! حيث قسموا الإسلام عضين! الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (الحجر آية 91).. القرآن في المسجد فقط! الإسلام حبيس المحراب الزوايا فقط! .. وحتى هذه الزاويا الضيقة تتآكل الآن بتدخل العلمانية الإقصائية!!..  نصرخ فيهم: يجب أن يكون القرآن والسنة الصحيحة حكما في كافة المناحي الحياتية.. يجيبون بتعال وعجرفة! وحكمة مصطنعة! هذا ليس أوانه! ولسان حالهم! دع لقيصر ما لقيصر.. ودع لله ما لله!! فحظر الكلام عن أهل الحكم وبطانته وإنزال أحكام شرعية في حق أئمة كانوا يحمون الشريعة ويحكمون بها! على حثالة من سقط متاع العلمانية البائدة في أردأ أنواعها من سلالة حكام العالم الإسلام!!

      في خضم التلبس والتدليس بل والكذب الصراح على أمة الإسلام! وتعدد رايات الباطل وإن انتسب إلى الإسلام ظاهراً! فإن النتيجة التي وصلنا إليها أن هذه الأحزاب الإسلامية على اختلاف مسمياتها شركاء في عبادة المجالس البرلمانية! تلكم المجالس التشريعية التي تحاد الله في ألوهيته بخضوع البشر لحاكمية الله كمشرع وحيد! وهم كذلك  شركاء في شرعنة الباطل؛ العسكر ـ العلمانيين ـ الليبراليين ـ النصارى ــ البهائيين ـ كل من هب ودب على أرض مصر المسلمة!!

      وفي خضم هذه الأمواج المتلاطمة من الفتن، وعواصف الشبهات التي لا تهدأ! كنا نتشاور في الأمر مع بعض المخلصين نحسبهم كذلك من أبناء هذه الأمة الإسلامية! نتساءل عن المخرج من هذا المأزق الذي وضع الشيوخ الأمة فيه! وشعرنا بحق أن "حصوننا مهددة من داخلها" على حد تعبير الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله ..

      كنا نتلقى العديد من الرسائل من الشباب في مصر وغيرها! لماذا لا يتوحد العلماء وشيوخ المسلمين! لماذاذ علماء مصر مرتعشون خائفون؛ وقد أزال الله عنهم الخوف والطاغية وبعض أزلامه في السجن؟! ومن خلال متابعاتنا اليومية لما يحددث في مصر على مدار سنة كاملة ونحن نتململ على حال الأمة التي ضيع حقها معظم شيوخ مصر وقادتها!

      فبعد مرور بضعة أشهر على خلع الطاغية استبان لنا ولكل متابع للحالة المصرية أن الثورة اختطفها العسكر بمباركة شيوخ صكوك العفو والغفران عن الباطل! وإن كان هذا الباطل متجسداً في مجلس عسكري يعلن بدون مواربة أن مصر دولة مدينة!!  بالمفهوم الغربي للمصطلح! وأن المجلس العسكري الحاكم أو الرئيس القادم هو الذي سيشكل الحكومة الجديدة!! وليس نواب الشعب!!

      والعجب العجاب أنه الإسلاميين المجلسيين! أقروا بأنهم لن يشكلوا الحكومة وليس من حقهم المشاركة في صياغة الدستور!!

      أين حمرة الخجل يا عباد المجالس! هل صار دخول البرلمان غاية! وهل صار دخول البرلمان وجاهة وحيثية اجتماعية؟! الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم الله به!

      ولما كنا قد وضعنا النطفة الأولى لفكرة تجمع دعوي لم نسمه في حينه! في رحم الأيام التالية على الثورة ولما كانت ماثلة لنا في حضانة الزمن المتسارع بالأحداث! قمنا بإخراج هذه الجنين الفكري من حضانته وشرعنا لتكون الفكرة شاخصة على أرض الواقع!

      وكان فضيلة الشيخ الدكتور طارق عبد الحليم أول تكلم معي في هذه الفكرة حيث كنا نتبادل أطرف هموم الأمة شبه يومي! وكان معنا أحد الاخوة الشيوخ وذكر لي أنه كلم الدكتور طارق في تكوين تجمع دعوي تحت أي مسمى فقلت له إن الدكتور طارق قد كلمني قبلك في هذا الشأن.

       والحمد لله أن تلاقت إراداتنا في عمل جماعي نتبغي به رضا الله تعالى.. المهم أننا اتفقنا أن نضع تصوراً لكيفية هذه الهيئة أو التكتل الدعوي فقمنا بوضع مبادئ أولية وقلنا لا بد مشاركة بعض المشايخ في مصر ليسدوا لنا النصح وليكونوا شركاءنا في هذا العمل! أما أخونا الشيخ الذي شاركنا في بداية الفكرة واطلع على مبادئها طلب منا ألا ننشر إسمه حالياً رغم أنه معنا قلبا وقالباً.

      ثم قمنا بالاتصال ببعض المشايخ في مصر وعرضنا عليهم فكرة تكوين هيئة أو تكتل دعوي بغية أن يكون حصناً من تمييع عقيدة الإسلام التي يتلاعب بها الإسلاميون! ولتقديم صورة صحيحة عن الإسلام وفهمه للواقع وقراءة مستقيمة للنوازل التي ألمت بالأمة! وغير ذلك من موضوعات قمنا بصياغتها في البيان الأول للتيار السني لانقاذ مصر بتاريخ ...

      وكان الاتصال الأول بأحد الشيوخ الفضلاء حيث قمنا بعقد لقاء ثلاثي عبر الهاتف من كندا ولندن ومصر؛ وتكلمنا بالتفصيل في مسائل كثيرة! ولما عرضنا الفكرة على فضيلة الشيخ (نحتفظ باسمه حاليا) ذكر لنا أنه أيضاً قام بعض الشباب الإسلامي في مصر وعرضوا عليه أن يشكلوا تجمعاً أو جبهة موحدة لتكون مرجعاً للشباب المسلم الحائر بين الجبهات والأحزاب الإسلامية المتوالدة بعد الثورة!

      وقال فضيلة الشيخ إنه سيعلن هذا البيان بعد يوم أو يومين فقمنا بسؤاله حول مضمون هذا البيان ومن هم أعضاء هذه الجبهة الجديدة وما إسم هذا الكيان الجديد؟

      قال إنهم لم يتفقوا حتى الآن على الاسم!  فتعجبنا كيف لم يتفقوا على الإسم والبيان سيصدر بعد يوم أو يومين؟! المهم أننا فهمنا منه أنهم سينشرون البيان وسيتفقون على الاسم سريعاً! .. ثم طلب منا أنه كان قد رشح الدكتور طارق عبد الحليم لقيادة هذا الكيان الجديد! لكن بعض الشباب يفضلون أن يكون في مصر وليس في الخارج!

      فقال له الدكتور طارق؟ ولم لا تقوده أنت؟ قال أنه لا يرغب في هذه القيادة وذكر أشياء أخرى! ثم سألنا هل توافقون على أن تكونا معنا في هذا الكيان الجديد؟ أجبناه بعلى الرحب والسعة؛ ولكن لنا شرط ألا يكون في عضوية هذا الكيان من يدينون بالعمل البرلماني أو يرون أن الإسلام يتصور أن يأتي عبر صناديق الانتخابات!

      ونحن في انتظار أن ترسل لنا البيان قبل نشره للاطلاع وإبداء وجهة النظر! فوعدنا فضيلته بإرسال البيان للكيان الجديد الذي وافقنا على أن نشارك فيه مبدئيا بالشروط التي تكلمنا معه فيها عبر  الهاتف.

      ثم مرت الأيام والأحداث تترا ولم نتلق رسالة من فضيلة الشيخ! وقد اتصلت به شخصيا وسألته عن البيان وماذا فعل؟ فكانت الاجابة غير واضحة! وفي نفس الوقت قام الشيخ الدكتور طارق عبد الحليم بالإتصال بفضيلة الشيخ الدكتور عبد المجيد الشاذلي لعرض الفكرة عليه ولتقديم النصح له في رأي غريبٍ صرح به بعد الثورة!! وكتب الدكتور طارق مقالين في هذا الشأن وخالف فيه آراء الشيخ عبد المجيد الشاذلي رغم العلاقة الوثيقة والمحبة التي بينهما.. فالحق أحق أن يتبع!

      وبعد ذلك توسعنا في الاتصال بعدد آخر من الشباب ومن أبناء بعض الشيوخ والدعاة فرحبوا بالفكرة ولا يزالون يعرضون على بعض المشايخ والدعاة في مصر؛ بعضهم وعد أن يدرس الموضوع، والآخر كان متردداً! والبعض وافق وطلب عدم ذكر اسمه في هذه المرحلة.

      ثم أخيراً بعد اللتيا والتي!

      قمنا بفضل الله بعقد العزم على تحقيق فكرة التجمع الدعوي على أرض الواقع وكنا في حيرة من الاسم الذي نطلقه على هذا الكائن الجديد! ثم انشرحت صدورنا لاسم التيار السني لانقاذ! وهذا ما سأوضحه في فقرة الرد على الاعتراض الشكلي بإذن الله.

      وها نحن أولاء أخيراً أصدرنا البيانانين الأول والثاني ثم نشرنا الثالث أثناء كتابة هذا المقال بفضل الله وحده.. وبعد صدور البيانين الأول والثاني اتصلت شخصياً بفضيلة الشيخ الذي عرضنا عليه الفكرة أول الأمر فقام بالترحيب كعادته الكريمة وهو من أفاضل العلماء في مصر، ومن كبار المشايخ المبتلين فتكلمنا وذكر لي أنه علم بأننا أعلنا عن التكتل الدعوي الجديد..

      قلت له نعم لما تأخرت فضيلتك عن إرسال بيانكم وهيئتكم الجديدة لم نجد مفراً من الإعلان، ومقامكم محفوظ ، وذكرت له أنني سأكتب مقالاً أذكر فيه بعض التفاصيل وسأحتفظ باسم فضيلتكم حتى تطلب منا أن تشاركنا علانية أو تعلن انضمامك لنا فأنت من أقدم مشايخ السلفية في مصر، ومن أهل الحق المبتلين الذين لم يأخذوا حقهم في الإعلام..

      وكان صوت فضيلته يقطر فرحاً بهذا التيار السني الجديد! .. ووعدني أنه سيكتب تقويماً جديداً للمرحلة الحالية سيرسله لنا بإذن الله!

      ثم تبادلنا أطراف الحديث وتكلمت مع فضيلته حول سقوط  معظم الشيوخ في وحل صناديق الانتخابات البرلمانية! وأشرت له بأن شيخ السلفية المجلسية في الكويت نزل مصر وسيعقد مؤتمراً يحضره كبار مشايخ السلفية في مصر الذين هرولوا لاستقباله! يتباهي دهقان السلفية أنه أول من أدخل دين اليمقراطية التعددية في الكويت وفي العامل الإسلامي!

      جاء السلفي الديموقراطي الفاشل ليحرض سلفيي مصر أن يدخلوا في دين العسكر، ويقبلوا بلوازم الديمقراطية ونتائجها!!

      المهم أن فضيلته قال إنه لن يشارك ولن يحضر في هذا المؤتمر إن شاء الله ثم انتهت المكالمة.

      وخلاصة القول فيما قد سرنا فيه عملياً:

      أننا نؤمن بهشاشة وتهافت بل وسقوط المشروع الوهمي للتغير عبر صناديق الانتخابات! والتغيير الذي نعنيه هو الحكم بالإسلام في كافة المناحي الحياتية .. (ويكون الدين كله لله)الأنفال آية 75.. الدين كله .. وليس بعضه!

      لقد أعلنا عن هذا التكتل الدعوي تحت مسمى (التيار السني لإنقاذ مصر) ..  واشترطنا في العضو أن لا يكون من المجلسيين! الذين يرون شرعية هذه المجالس التشريعية! فلا نشترط في هذا العضو سواء كان من الشيوخ أو من الشباب إلا أن يعتقد أن الشريعة الإسلامية لن تأتي عن طريق البرلمانات! .. فلن نحبس الإسلام في صندوق اقتراعي! ..

      ولن نقول كما صرح أحد السلفيين المجلسيين في قناة الرحمة مؤخرا الشيخ مسعد أنور بأن "الوقوف في طوابير الإنتخابات أفضل من قيام الليل، (أنت في عبادة! أنت في طاعة)! من يحرمون الإنتخابات خارج حدود الزمن"أهـ

      سبحان الله! طوابير الانتخابات الشركية! العبثية! أفضل من قيام الليل! وأن من يحرمون الانتخابات خارج حدود الزمن!! الطريف أن سلفية ما بعد الثورة والكرافتة!! كانت قبل الثورة والكرافتة خارج حدود الزمن!! واضح أن الثورة أدخلتهم في حدود الزمن! أف لكم ولما تصفون!!

      وأطلقنا على هذا الكائن الجديد  التيار السني لإنقاذ مصر! .. ليس تعصباً لأهل مصر! ولكن من باب التخصص وأهل مكة أدرى بشعابها .. ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه!! ..

      كما أن أمنياتنا إطلاق مشروع يمثل الأمة بأسرها ولكنها أكبر من حجمنا ويحتاج إلى مجهود كبير من المخلصين من أبناء هذه الأمة! لذلك اكتفينا بإعلان هذا التكتل الدعوي التيار السني لإنقاذ مصر .. لعله يكون نواة ليشمل أبناء الأمة الإسلامية بأسرها وليس ذلك على الله بعزيز.

       ثانياً: الاعتراض الشكلي :

       (أ) كلمة "تيار":

      لقد اعترض معترض حول اختيار اسم "تيار": في البداية نؤكد على أنه لا مشاحة في المصلحات ولا سيما أنها وضعت للتعريف والتمييز!.. فمصطلح "أهل السنة والجماعة"؛ مصلح حادث لم يكن شائعاً في عصر الصحابة رضوان الله عليهم، ولا حتى مصطلح "عقيدة" ولا هذه التقسيمات في كتب العقيدة من؛ توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات وتوحيد الحاكمية وغيرها ..

      فهذه مصطلحات للتعريف والتسهيل وللتمايز عن سائر الفرق والمذاهب الأخرى .. فظهور الخوارج والقدرية والشيعة والمعتزلة والجهمية والكلابية والمرجئة بجميع فروعها وهم ينتسبون للإسلام، ويزعمون أنهم أهل الإسلام، وأنهم يفهمون الإسلام صحيحاً لا يفهمه غيرهم؛ بل يبدعون ويكفرون غيرهم من أهل القبلة!

      فكان لا بد من التمايز وتحرير الانحرافات العالقة بالإسلام لكي لا يلبس على عوام المسلمين أمر دينهم! فظهر مصطلح أهل السنة والجماعة، وظهر جلياً عبر التاريخ بين المسلمين من خلال أقوال وكتب العلماء التي ردت على الفرق المنتسبة للإسلام وكشفت زيفها وزيغها عن الحق، وأوضحت بجلاء عقيدة الإسلام الصافية في كتب الإئمة الإعلام أمثال والإمام الأوزاعي المتوفى 157هـ ،والإمام مالك بن أنس المتوفى 179هـ، الإمام أبي القاسم عبيد الله بن سلام المتوفى 224هـ وهومن كبار شيوخ البخاري، والإمام أحمد بن حنبل المتوفى 241هـ والحافظ ابن أبي شيبة المتوفى 235هـ، والإمام إسحاق بن راهويه المتوفى 238هـ،  والإمام البخاري المتوفى 256 هـ، والإمام مسلم المتوفى 261هـ، وأصحاب السنن، ووالإمام الطبري المتوفى 310هـ، والحافظ أبي بكر الخلال المتوفى 311هـ، والإمام  الآجوري المتوفى 360هـ في كتابه الشريعة، والإمام البربهاري المتوفى 329هـ، وابن منده المتوفى 395هـ، والإمام عبد الله بن بطة المتوفى 387هـ والإمام الللاكائي المتوفى 418هـ مروراً بالإمام ابن قدامة المقدسي المتوفى 620هـ، وشيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى 728هـ وتلميذه ابن القيم المتوفى 751هـ،  وابن رجب الحنبلي  المتوفى 795هـ وغيرهم من خيرة علماء الأئمة..   

      كما أن العرب كانت تستعير بعض ألفاظ كانت تستعمل للحيوان أو النبات وغيرها وتستعملها في مواضيع لها دلالة لدرجة أن الناس تنسى الأصل اللغوي للكلمة مثل كلمة "حكمة" وحكيم وحاكم ويحكم؛ مأخوذة من حكمة الفرس التي توضع على فمه كاللجام..  وكما في كلمة "كظم" كما في قوله تعالى (والكاظمين الغيظ).. فكظمت السقاء: أي ملأته وسددت عليه.. والكظامة ما يسد به مجرى الماء.. وكظم البعير جرته أي ردها في جوفه وهكذا .. وكتب الأصول والتفسير مفعمة بهذه الشواهد اللغوية.

      هكذا نستطيع أن نقول إن لفظ "تيار" رغم أنه مستعار من تيار الهواء أو الماء أو الكهرباء وغيرها!

      فإنه يشير إلى أن التيار فكر حيوي متجدد متحرك يجمع تحت رايته؛ جماعة تؤمن بوحدة فكرية تبغي نشرها، وتطبيقها على أرض الواقع.. فهذا تيار ينادي بالوحدة الفكرية التي ذكرناها في بياننا الأول والبيانات التي تليه بإذن الله تعالى. وهذه هي المرحلة الأولى وهي نشر البيان العقدي والتأكيد على الوحدة الفكرية لمن يريد أن ينضم إلينا أو حتى الذي يكتفي بنشر نفس المبادئ التي ننادي بها؛ وإن لم ينضم إلينا! فنحن في حاجة إلى المزيد من نشر الوعي العقدي والسلوكي بين أبناء أمتنا!!

      ثم عندما تستقر الأوضاع في مصر بمشيئة الله تعالى لعل الله تعالى يهيئ الله لهذه الأمة من ينفذ هذه الوحدة الفكرية إلى وحدة عضوية عملية تراعى مبادي هذا التيار؛ الذي نأمل  أن يجرف الانحرافات العقدية والفكرية والسلوكية في حياة المسلمين وليس ذلك على الله بعزيز.

      (ب) أما الرد على من يتساءلون عن اختيارنا للفظ "السني":

      إن اختيارنا لفظ التيار السني هو اختيار متعمد إذ قد  يظن البعض أن مجرد الانتساب لأهل السنة صار المسلم سنياً خالصاً! نحن نعلم أن مصر ليس بها طائفة شيعية كبيرة بالمعنى الاصطلاحي! لكن في الآونة الأخيرة نجد أن مصطلح "سني" المقابل للشيعي، والخارجي، والمعتزلي، وغيرهم من الفررق والمذاهب! صار يتآكل! فالصوفية في مصر مثلاً بالملايين ومعظمهم يقدسون القبور كالشيعة! وإن كانوا يختلفون معهم في حب الصحابة! ومعظم الشعب المصري أقرب إلى الأشاعرة لعوامل كثيرة منها الأزهر كمؤسسة رسمية ولسنا بصدد تقويم الأشاعرة في هذا المقال..

      لكننا نجد أن مصطلح أهل السنة في حاجة إلى تحرير وتطهير والعودة به إلى أصله كما وضعه سلفنا الصالح وعلماؤنا الأخيار!

      فعلى سبيل المثال نجد أن جماعة منحرفة في الصومال تقاتل باسم جماعة أهل السنة والجماعة وهي جماعة قبورية صوفية متحالفة مع الحكومة العميلة والاتحاد الإفريقي والقوات الأثيوبية!! فليس كل من زعم أنه من أهل السنة صار منهم وسلمنا له! فهذه ألقاب ومصطلحات في غير موضعها!

      وما كلُ مخضوب البنان بثينةٌ ** ولا كلُ مسلوب الفؤاد جميلُ

      وحتى الجماعات السلفية العلمية التي غيرت وبدلت؛ أقصد معظمها؛ اكتفت بالحشو النظري وحفظ المتون والهدي الظاهر؛ ولا نقلل منها ولا من الهدي الظاهر وشعائر الإسلام  (ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (الحج آية: 32).. لكنهم حبسوا تعالم الإسلام في المسجد! واكتفوا بحفظ متون أهل السنة وشروحهم في العقيدة! لكن هذا العلم لم يظهروه واقعاً تطبيقياً! ليكون مضرب الأمثال في الأسوة الحسنة، وليكونوا بحق أتباع السلف الصالح؛ الذين كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويجاهدون حكام زمانهم بأسلحتهم وألسنتهم وأموالهم! إذن لا بد من العودة إلى مصطلح أهل السنة ونشره وتفهيمه لعوام المسلمين بطريقة صحيحة ونقية.

      (ج) الاعتراض على كيف لرجلين خارج مصر يقودان تياراً:

      يردد البعض هذه المقولة ازدرءا وسخرية بنا.. ويتعجبون! كيف لرجلين يعيشان خارج مصر يقودان تيارا؟! .. فقبل أن نجيب نذكر المعترضين بما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ "عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِىَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ وَالنَّبِىَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ"أهـ.. سبحان الله الأنبياء المصطفون الأخيار المبلغون عن رب العالمين المعصومون يبعثون يوم القيامة ويأتي أحدهم ومع الرهيط وأحدهم ومعه الرجلان وأحدهم وليس معه أحد!!.. اللهم لا تعليق!

      يعلم الله تعالى أننا نعيش بأرواحنا وأفئدتنا بين أهلينا في مصر وغيرها من بلدان العالم الإسلامي نتألم لآلامهم ونهتم بأمورهم كواجب شرعي؛ وليس فضولاً أو ترفاً والعياذ بالله!

      فنحن من أبناء هذه الأمة ونحن كالجسد الواحد؛ تصداقاً لما رواه البخاري في صحيحه وبسنده عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: " يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِى تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ». وفي سنن النسائي: بسند صحيح عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِى عَهْدِهِ ».

      نعم لقد حرمنا من التواجد بأجسادنا في بلادنا لنشارك المسلمين في ثورتهم على الظلم، لا بإرادة منا! لكن حسبنا أننا نؤمن بقول ربنا  (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن: آية 16)..

      فهذا ما استطعنا وهذه قدرتنا ولا نملك إلا الكلمة والدعوة إلى الحق وقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله كما في سنن أبي داود بسند صحيح: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ » .. فنحن لا نملك سلاحاً إلا ألسنتنا وأقلامنا! نسأل الله أن يستخدمنا لنصرة الإسلام والذب عن حياضه.

      ثالثاً: لماذا لم ننضم إلى الجماعات والحركات القائمة:

      تساءل البعض لماذا التشرذم والتفرق؟! فالساحة مكتظة بتيارات، وحركات وجبهات إسلامية كثيرة! فلم لم تنضموا إلى واحد ة أو أكثر في حلف واحد؟!

       نقول وبالله التوفيق: إن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(آل عمران:103)

      أقول: فالله يأمرنا بالاعتصام بحبل الله وليس بحبل الناس! فهذه الجماعات والكيانات القائمة الآن في مصر تعلن استمساكها بحبائل الناس! والناس معروفون لنا! وهم العسكر القائمون على سدة الحكم في مصر! فأي تحالف هذا الذي سنتوحد معاً فيه! فإذا قبلنا ما فيهم من منكر يقترفونه فنحن شركاؤهم في الإثم  (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (المائدة: آية (78).. وإذا لم نأمر بالمعروف ونهى عن المنكر كما ورد في القرآن والسنة الصحيحة.. فلا خير فينا!  فقد روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِى تَهَابُ الْظَالِمَ أَنْ تَقُولَ لَهُ إِنَّكَ أَنْتَ ظَالِمٌ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ ».

      فإذا لم نقم بهذا الواجب الشرعي نكون قد خدعنا أنفسنا ودلسنا بل وكذبنا على أمتنا وقبل كل شئ نكون والعياذ بالله قد خنا أمانة التبليغ عن رب العالمين.  

      فكيف نتحالف مع جماعة صارت عندها الدعوة للحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى مطلباً يستحي المسلم الجهر به! والعياذ بالله!! فإذا ذكر مناة واللات! إذا ذكر هبل! إذا ذكر الدستور الورقي! الذي يعبث به كل طاغية! ترى الفصاحة والبلاغة والحماسة تقطر من أفواههم! وإذا ذكر الإسلام وللأسف لم يذكر إلا على استحياء! تجد العي .. والتلعثم! والتبلد! والحيرة والتيه! والاشمئزاز في حديثهم!  (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) الزمر آية 45.

      شيخ السلفية الديمقراطية أنموذجاً:

      كيف نتحالف مع جماعات تؤمن بهذه الأفكار والآراء المشينة التي لا تخرج من دماغ موحد بحق! أنظروا إلى شيخ السلفية الديمقراطية! الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في حواره المهترئ مع جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 11 ـ 1 ـ 2012م وهو أنموذج للانحراف العقدي والفكري وسقوط مخز ومذل لكبير قادة السلفية الديمقراطية! نعوذ بالله من الحور بعد الكور!

      وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد وفي صحيح الجامع من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أكثر منافقي أمتي قراؤها".. نعم قراؤها وهى كلمة جامعة قالها من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم.. فكلمة "قراء" قديما كانت تطلق عل حفظ كتاب الله وعلى العلماء لذلك نجد في كتب التاريخ حول الثورات والفتن التي حدثت في القرن الأول والذي بعده مثل فتنة ابن الأشعث وكان يقود ثورة من العلماء ضد الحجاج بن يوسف فكان الإخباريون يطلقون عليه فتنة القراء أو ثورة القراء! وبالطبع فكانوا من خيار علماء الأمة  والتابعين في ذلك الوقت فقد ذكر الذهبي في السير: وقام مه علماء وصلحاء لله تعالى"أهـ أما ابن كثير فقد ذكر في البدداية والنهاية: "جماعة من القراء والعلماء"أهـ .. وذكر خليفة بن خياط في تاريخه عدداً من أسمائهم: كسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والشعبي، والمعرور بن سويد، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، وعدد كثير..  فقد كان لهؤلاء الأخيار صولات وجولات حتى هزمهم الحجاج بن يوسف في معركة دير الجماجم  سنة 82 هـ. الشاهد من ذكر حادثة ابن الأشعث أن لفظ القراء كان معلوما وكان يقصد به حفظة كتاب الله وأهل العلم! أما في عصرنا فشتان بين الثرى والثريا! فشتان بين القراء الذين خرجوا مجاهدين مع ابن الأشعث وبين القراء الذين خرجوا مجاهدين من أجل صناديق الإنتخابات الشركية!!

      وقديماً قال الشاعر:

      تكاثرت الظباء على خراش *** فما يدري خراشٌ ما يصيدُ

      أقول: ليتها كانت ظباءً مثل ظباء خراش! لكنها ويا للحسرة فتن كقطع الليل المظلم! فنحن في هذا الزمان نتقلب من فتنة العلمانية وحربها الضروس على الإسلام إلى فتنة القومية والماركسية والناصرية والإشتراكية والإلحادية وأخيراً فتنة الشيوخ! وهي أخطرها لأنها تلبس على الناس أمر دينهم باسم الإسلام!!

      ولنعد إلى أحد قراء زماننا ؛الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في حواره المذكور آنفاً..

      اقرأ وتعجب من كبير دهاقنة السلفية المجلسية الديمقراطية! إذ يصرح بأن أحكام الإسلام ينبغي أن تكون دعوة وإرشاداً!! حيث سأله الصحفي:

      س: وإرعاب الناس بفرض الحجاب والنقاب كيف تراه؟

      ج: كل أحكام الإسلام ينبغي أن تكون دعوة وإرشاداً وأن يترك للناس اتخاذ قراراتهم بالالتزام، أما أن تفرض النقاب أو الحجاب على جميع بنات ونساء مصر فهذا أمر غير مقبول لأنها قضية اختيارية في الأساس"!

      أقول:  سبحانك هذا بهتان عظيم!

      الله تعالى يقول في كتابه العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النورآية 51.

      الله تعالى يقول في كتابه الكريم: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء آية 65.

      وفي محكم التنزيل أيضاً: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً)النساء آية 105

      وهذا أمر رباني لنبيكم الكريم! (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) المائدة آية 49.

      واقرأ هذه الآية الكريمة التي تفضح باطل هذا السلفي المفتري على رب العالمين: يقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل في قاعدة عامة وحكم لكل مسلم: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) الأحزاب آية 36.

      الله جل جلاله يقول "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"! وعبد الرحمن عبد الخالق يقول "قضية اختيارية"!! وليس هذا فحسب بل يفتي ويقول "من الأساس"! هل هؤلاء القوم قوم نتحالف معهم؟!

      وانظر إلى قوله: "كل أحكام الإسلام ينبغي أن تكون دعوة وإرشادا"! يعني أحكام الإسلام؛ في رجم الزاني المحصن وجلد غير المحصن، وحد شرب الخمر، وحد الردة، والقصاص في النفس والأطراف، وأحكام التجسس مع أعداء الإسلام، والمستهزئ بالله وبرسوله، وحكم تارك الصلاة عمداً إذا سيق إلى القاضي المسلم!

      فينبغي أن يترك وشأنه حسب مزاج رأي دهقان السلفية الديمقراطية!! يعني إسلام منزوع الأحكام، منزوع الولاء والبراء، إسلام منزوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!

      إسلام بوذي! مجرد دعوة وإرشاد  وتأمل!  حتى لا نغضب الشرق والغرب والعلمانيين واليهود ونصارى العالم الإسلامي في مصر وغيرها!

      إسلام على طريقة المتحنثين قبل الإسلام كقس بن ساعدة وغيره فدعوتهم كانت مرحباً بها في قريش الوثنية لأنها لم تكن تطالبهم بتكاليف! مجرد دعوة وإرشاد وتأمل!!

      لقد وصل شيخ السلفية اليدمقراطي إلى حالة الوجد الصوفي! ودرجة التوحد فمنح المسلمين صك البراءة من تبعة الأحكام الشريعة! فطالما الإسلام دعوة وإرشاد وتأمل وأحكامه اختيارية! فلم يتعب المسلم نفسه في الالتزام بهذا الدين! فمن شاء أن يكون يهودياً فليكن! ومن شاء أن يكون نصرانياً فليكن! ومن شاء أن يكون ليبراليا مرتداً فليكن! فلا تكاليف في الإسلام! والله نخشى أن تنزل علينا حجارة من السماء!!  

      وانظر أيضأً إلى قول شيخ السلفية البرلمانية في حواره مع جرية الوطن الكويتية:

      يقول دهقان السلفية البرلمانية عن صفة المترشح لرئاسة مصر أن يكون وطنياً!! أين الإسلام! فص ملح وذاب! ببركة اجتهاد شيخ السلفية الديمقراطية!!

      يسأله الصحفي: س: "وما رأيك في المرشحين المحتملين للرئاسة الآن؟

      ج: كلهم لا يصلحون لحكم مصر. فمصر تحتاج الى شخصية وطنية غير حزبية ولم تقفز على ميدان التحرير"أهـ

      ثم يتزلف للعسكر قائلاً: "وثمة أمر اخر اريد ان اقوله ان في اعناق المصريين جميعم دينا عظيما للمجلس العسكري الذي حقن دماءهم وحمى مصر من الانزلاق نحو الفوضى والخراب، واستطاع ان يصل بالمصريين الى بر الامان ان شاء الله تعالى، وان يؤسسوا نظاما يقوم على الشورى والتعددية والاختيار الحر، وسيظل هذا الدين في اعناق الاجيال القادمة من المصريين، وعليهم ان يذكروه ويحمدوه. وعموما على كل الاحزاب ان تطرح مشروعا لانقاذ مصر"أهـ

      أقول: الذي لا يعلمه شيخ السلفية الديمقراطي أن الجيش تدخل لينقذ نفسه بعد أن رأى بأم عينه أن المارد خرج من قمقمه..

      وأن التذمر بدأ في وحدات الجيش وانضم بعض الضباط من الرتب المتوسطة للثورة والتحموا مع الجماهير ورأينا بعضهم يحمل على الأعناق!

      فماذا عسى عواجيز المجلس العسكري! أن يفعلوا إلا أن يكبحوا الموجة ويعلنوا خلع الطاغية تحت زئير الجماهية الثائرة في كل محافظات مصر وليس في التحرير وحده!

      ولو افترضنا أن العسكر كان قد اتخذ قراراً بضرب الجماهير! فمن الذي سينفذ هذه الأوامر ويقوم بمذبحة جماعية؟! هل عواجيز العسكر؟!

      بالطيع لا. فالذي يسنفذ الأوامر بعض الضباط من الرتب العالية ومعظم الرتب المتوسطة والصغيرة! وفي هذه الحالة فإن مصير العسكر سيكون مرهوناً لهؤلاء الضباط الأقل رتباً!

      وسيتفقون في النهاية على اعتقال قادة المجلس العسكري وإعلان انقلاب عسكري وستصفق لهم الجماهير! وسيضغط الغرب لتحقيق مصالحه!

      وهذا ماحدث فعلاً حيث ضحت أمريكا والغرب بعميلهم الخائن الطاغية المخلوع في مقابل أن يقوم عواجيز المجلس العسكري وهم حلفاء أمريكا والغرب بحماية وتحقيق مصالحهم!

      وهذا ماحدث بالفعل! فالعسكر لم ينضموا للثورة حباً فيها ومروءة نزلت عليهم فجأة من السماء!! بل إنهم اضطروا حماية لأراوحهم، وخشية أن يكون مصيرهم كمصير كبيرهم الذي علمهم الظلم والفساد!

      ولا يزال شيخ السلفية الديمقراطية يردد ما يشيعه العسكر: لولا العسكر لكان مصيرنا مثل سوريا واليمن وليبيا!!

       والقاصي والداني ومن لديه أدنى معرفة بأحوال الأمم والدول يعلم أن الحالات المذكورة لا تمت لدولة المؤسسات الحديثة بصلة..

       فالولاء في اليمن لقيبلة ولعشيرة على عبد الله صالح وبعض المتحالفين معه بني الأحمر الذين لايزال بعضهم مستمسكاً بتحالفه معه!

      أما في ليبيا فأين هذه الدولة؟! جيش من المرتزقة اشتراه القذافي بأموال الأمة! فالولاء كان للقذافي وعائلته! ولم يكن هناك جيش بالمعنى الاصطلاحي الحديث!

      وأما سوريا فحكومة نصيرية متحكمة في الجيش والمخابرات والسياسة والاقتصاد والإعلام! فتحالف هذه الطائفة تحالف عقدي حياة أو موت! فلا يوجد جيش احترافي بالمعنى الاصطلاحي بعد أن باعه ودمره حافظ الأسد وطائفته على مدار أكثر من أربعين سنة!

      فلو كان عواجيز المجلس العسكري لديهم هذا الولاء كما في سوريا واليمن! لما تورعوا في اقتراف المجازر ضد الشعب المصري المسلم لأنهم يعلمون أن ولاء معظم العسكر لهم بحكم ولائهم الطائفي مثلاً!

      ويستمر شيخ السلفية الديمقراطية: (العفو عن الطاغية) بطاماته الاستفزازية لمشاعر من اكتووا بنيران حسنى المخلوع وأركان نظامه حيث يطالب الرئيس المصري بأن يكون أول قراراته العفو عن الطاغية حسني وأركان نظامه!! اقرأ ما جاء في حواره:

      "س: ما اول قرار ينبغي ان يصدره رئيس مصر القادم في رأيك؟

      ج: ارجو ان يكون اول قرارات الرئيس القادم العفو عن حسني مبارك واركان نظامه. فالادعاء يطالب باعدام مبارك لكني ارجوهم ان يعفوا عنه كي نحافظ على وحدة البلد ولحمته. فاذا قتلنا واعدمنا وملأنا السجون والمعتقلات بهؤلاء فسيقع شرخ في الامة لن ينتهي. فالفرصة متاحة الان للملمة الشعب المصري ولن يكون هذا الا بالعفو، ولكن لا عفو عن مبارك واركان نظامه الا بعد ادانة المحاكم لهم على ما ارتكبوه وبعد استرداد اموال الشعب المصري التي نهبوها"أهـ

      أقول: الله أكبر! العفو عن الطاغية المخلوع القاتل للمسلمين في مصر وفلسطين والعراق وأفغانستان والسودان!

      حسني مبارك الذي دك جزيرة أبا في السودان بحمم القنابل! وضرب الأبرياء في ليبيا إبان النزاع بين السادات والقذافي!!

      خيرة شباب وشيوخ وسناء وأطفال مصر الذين قتلهم ليس في الثورة المصرية الأخيرة فقط بل على مدار أكثر من ثلاثين سنة!

      بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمشوهين وفاقدي الأعين والأطراف!! يطلب شيخ السلفية الانهزامية الديمقراطية أن يعفو الرئيس القادم لمصر عن حسني مبارك! وليس حسني مبارك فقط بل لكبار قادته من السفاحين وكبار القتلة كوزير الداخلية حبيب العادلي ورئيس مباحيث أمن الدولة حسن عبد الرحمن، الذين كانوا يغتصبون الحرائر في مقار أمن الدولة؛ بل كانوا يغتصبون أطفال ونساء المجاهدين كما في مصر والسودان واليمن وباكستان وغيرها!!

      فهل يملك الرئيس القادم أو حتى خليفة المسلمين ولو كان أتقى الأتقياء! أن يعفو في قصاص أو أطراف وولي الدم أو المجني عليه على قيد الحياة؟!! ف

      هذا حق أصيل لولي الدم ولأهل القتيل وللمجني عليه في جارحته وأطرافه! هو وحده الذي يملك العفو أو يطالب بالقصاص أو الدية!!

      أي دين هذا يا ياشيخ السلفية الديمقراطية! هنئياً للبراليين والعلمانيين ولليهود والنصارى وسائر الملل غير المسلمة بك وبآرائك!

      فلم يكتف هذا الرجل السلفي الديمقراطي بتمجيد التجرية العلماني الأوردغانية التركية وجلعها مثلاً يحتذى به كما في حواره! بل إنه يفتخر بأنه منذ أربعين سنة وهو يدعو إلى دين الديمقراطية ويفتخر بذلك ويقول في حواره المذكور عندما سأله الصحفي :

      " س: ماذا قلت للسلفيين في مصر كي يتغيروا كل هذا التغيير؟

      ج: الححت على الاخوة في مصر بان الباب قد فتح لهم، ولابد ان يدخلوا في هذا المجال الذي اصبح مهيئا لانتخابات نظيفة. والحمد لله بادروا وكانت هذه النتائج الطيبة وقد تواصلت معهم فكريا وسياسيا فقرأوا ماكتبت وقد ناشدتهم بالله ان يشاركوا في الانتخابات وان يبادروا الى تكوين احزاب اسلامية سياسية. وقد فعلوا سواء اكان حزب النور ام بقية الاحزاب السلفية ومازلت اتواصل معهم"أهـ

      أقول: الرجل يفتخر بأنه أول من أسس للباطل وكتب ونشر وألح للسلفيين على قبوله!

      لقد صدق من أطلق عليه "بولس الحركة السلفية"!! فكما خرب بولس النصرانية .. ها نحن أولاء نرى في أيامنا الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يخرب الحركة السلفية! بولس السلفية نسخة معاصرة! ولله في خلقه شؤون!

      أقول: بعد ما ذكرناه حول انسلاخ السلفية من مبادئها وهم أقرب المعاصرين إلى الاستمساك بالهدي الظاهر والزعم بالسير على خطى السلف الصالح!!

      فمن هي الحركة الإسلامية أو الكيان الإسلامي في مصر نستطيع أن تحالف معه!

       هل نتحالف مع إسلاميي الفلول! هل نتحالف مع من سقطوا في حمأة التراجعات المشينة إبان حكم المخلوع! ثم بين عشية وضحاها نرى كتبة تقارير أمن الدولة ثواراً يؤسسون حزباً إسلامياً؟

      هل هؤلاء يتحالف أو يتحد معهم! وقد صارواً عبابيد العسكر وحلفاء أعداء الإسلام!!

      فكيف نتحالف مع جماعة ترى العزة في التغيير عبر البرلمان؟! كيف نتحالف مع قوم يرون العزة في الدعوة لمجلس تشريعي ينازع رب العالمين في حاكميته؟!

      كيف نتحالف مع حركة ترى العزة في التزلف للعسكر وتلبس على الأمة بأن العسكر خط أحمر!

      كيف نتحالف ونتحد مع جماعات اتخذت من الخارجين على الشريعة أولياء وأنصاراً بل وبطانة من دون المؤمنين؟!