فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      يا حماة الإسلام ..هُبّوا طالَ نَومُكم!

      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      يا حُماة الإسلامِ .. ليس مثل هذه الأيام ما يتكرّر إلا كُلّ دهر، حين يريد الله تَمحيصَ الصّادق من الكَاذب، والمُخلص من الدعيّ، والمؤمن من المنافق. فقد والله شُرِعت الرايات، وتميّزت الفسطاطات، وتبّاينت المُعسكرات، فمنهم من آمن وعرف طريقه، ومنهم من كفر وشاقّ الله ورسوله وعاند شَرعه. واحتارت بين المُعسكرين، طوائف لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يقفون على أعرافهم متوجّسين من الحق، مُنحازين عن الصَفّ، يقولون بلسان حالهم، ومَرض قلبهم "نَخْشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌۭ " المائدة 52، أظهروا نصرة حقٍ، وما هو إلا باطلٌ مُقنّع، وفسادٌ مبطّن.

      يا حُماة الإسلام .. لا يغرنكم تلك الأحزاب التي يسمونها ويسعون بها بين الناس. "الحرية والعدالة" و "النور"! ونحن نوشك أن نكوّن حزبا جديداً، هو الأجدر بالصدارة في ذلك الهول من الأحزاب، التي تدعى كلها المرجعية الإسلامية"، أيما كانت تعنى هذه المرجعية، وهو حزب "حسبنا الله ونعم الوكيل"! وهو الحزب الذي يلتحق به كلّ من رأي ما تفعله هذه التحزبات ضد إقامة شرع الله، ويدرك أي جريمة يرتكبها اصحاب هذه التحزبات بالثقة في العسكر، والرضا بأن يكونوا مأمورين لا آمرين. هو حزب كل من أسلم لله واستعداه على هؤلاء الخبثاء المستسلمين ممن اعتقد أن العسكر سيرضى بأن يكون للشريعة مكانا.

      وحتى نُنصف هذه الأحزاب "العلمسلامية"، فإن حزب "الحرية والعدالة" ليس لتطبيق الشريعة في جدوله نصيبٌ أصلاً. أمّا حزب "النور"، فإنه تائه في بيداء الخيال، يعتقد أنه يمكنه تطبيق الشريعة من خلال نظامٍ كُفري برلمانيّ، وما أشدها من غفلة.

      أية حُرية وأية عدالة، تأتي من داخل نفس النظام الذي حكم به المخلوع؟ أتغير شئ في نظام المخلوع إلا أسماء نواب البرلمان من طراطير الوطني إلى طراطير الإخوان وبهلوانات النور؟ أهذا هو التغيير المراد؟ أهذه هي الحرية والعدالة، التي وجهنا اليها رب العالمين ورسمت لنا خطتها سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسارت على هدي نشرها صحابته من بعده؟ أتحرّر الشعب لأن الإخوان أصبحوا حازوا 45% في البرلمان بدلا من 20% في 2005، وإن تحكم في البلاد نفس العسكر الذين كانوا متحكمين من قبل؟ أهذا مبلغ إيمانكم ومَطمَح آمالكم؟ أهذا أقصى ما تريدونه لدين الله؟ لا والله بل هو أحرى أن يكون "حزب الخزي والندالة"، إذ ليس في منهاجه حرية ولا عدالة.

      ثم، أي نورٍ هذا الذي يدعو اليه السلفيون؟ من أين أتاهم هذا النور؟ أكانوا يعيشون في الظلام من قبل، ثم أنارت الثورة الشعبية طريقهم فجأة، فلحقوا بمن كانوا لهم أعداء من قبل، في رفض الممارسة السياسية إلا في ظل لا إله إلا الله؟ أيعترف هؤلاء بأنهم لم يعرفوا الظلام من قبل، حتى رأوا النور، الذي أشعلته لهم ثورة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، ثم إذا بهم يُحذّرون منها لا يزالون؟ أفي هذا عقل أو منطقٌ يا أولوا الألباب؟ ألا يرى العميان من مقلديهم ماذا فعل بهم مشايخهم طوال أعوام الظلام الذي عاشوها من قبل الثورة؟ ألم يتساءل إي مغفل من هذه القالب الفكرية التي صبوها على مقاس واحدٍ لماذا كنا إذن نعادى الإخوان؟ وفيم تراجعكم عن استنباطاتكم من قبل، أكنتم على باطل من قبل، ثم ندِمتم؟ أم كنتم على حقٍ ثم تراجعتم؟ لا يمكن أن يكون كلا الموقفين حقٌ، فإما إنكم انتقلتم من نور إلى ظلام، أو من ظلام إلى نور؟ وقد اخترتم الأخير منهما، كما يشهد بهذا اسم حزبكم، فهل يأمن اتباعكم من القوالب المُقلدة أن تكونوا لا تزالون معهم على مذهب "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد"؟

      أمِن الصدفة المحضة أن يكون كلا الحِزبين اللذين فازا في الإنتخابات، هُم مَنْ عَمِى أو رضى عن خطة العَسكر، وسَلم نفسه اليهم؟ ألا يَشْتَمُ أحدٌ المصلحة والمنفعية فيما يحدث، "أم على قلوبٍ أقفالها"؟ أمّا نحن فلسنا في صراعٍ حزبيّ ولا سياسيّ، اللهم إلا صراعٌ لدحض الباطل وإظهار الحق.

      انقسم الناس على أرض الواقع لا حلبة السياسة، إلى حزبين، حزب النصرة والتوحيد، وحزب التلكئ والتمديد. حزبٌ يرتفع بنفسه وبمنتسبيه أن يكون خادماً للعسكر، مقبلاً للأيادى، يسير خلف طواقيهم ذليلا منكسراً، يسرع اليهم إن طلبوه ويتأخر عنهم إن أعرضوا عنه، ثم يدعى الحرية والعدالة والنور. ألا إنها أحزاب الخزى والندامة والعمالة.

      لقد تركنا دينكم يهمل وشريعتنا تترك، وسنتنا تهجر، فإلى متى نرضى بهذا الضيم؟ أيكون أتباع البرادعيّ وأنصار العلمانية أخوف على حريتهم منا؟

      لن يكون ممن رزح تحت أغلال العبودية سنيناً موقفاً لله، فإن هذا من سنن الخالق ومن طبائع الأمور.

      إن ما فيه هؤلاء من خنوع وعبودية وذلة، ليس إلا أثراً جانبياً لقبولهم العمل تحت قبب البرلمانات الكفرية، وفي ظل النظم الفاسقة. إن الشرع الحنيف، حين حذرنا وحرّم علينا العمل من خلال هذه الأنظمة، لم يكن يرعى فقط البعد العقدي، ولكن يرعى معه، على نفس القدر، البعد التربوي، إذ لن يكسب هؤلاء العاملين في ظل تلك الأنظمة الفاسقة الظالمة الكافرة، إلا التعود على العبودية وخفض الرأس وتلقى الصفعات على الوجه، والإستماع للأوامر من الأعلى، قائدهم الأعلى أيا كان.

      من تعوّد العبودية أبى الحرية. والحر يولد حراً ويعيش حرا ويموت حراً. ولا يكون ذلك إلا بالبعد عن مواطن الإستعباد، فإن للإستعباد طبائعٌ لا ينجو منها أحد، وأولها كسر أعناق الرجال إن رضوا بالعمل من خلال نظمها وترتيباتها.

      • ألا ترَون أنّ موسى عليه السلام، لمّا أراد الله سبحانه له أن يقود بنى اسرائيل، قيّد له أنْ لا ينشأ بينهم مُسَتعبداً لفرعون، بل أن ينشأ في نظام مُلكٍ، ليرتفع بنفسه فوق طبائع العبودية ولوازمها.
      • ألا ترَون أنّ يوسف عليه السلام، قد اختار الله سبحانه له أن ينشأ في بيت مُلكٍ، ثم لمّا بدأ عَوار النظام الفاسق يدنو منه، أبعده عنه سنيناً، داخل سجن، ليبتعد عن المشاركة فيه، فسقاً أو حكماً، ثم لمّا عاد اليه، عاد متمكناً قائداً مُتشَرِّطاً، مالكاً لا مملوكاً، سيداً لا عبداً، جالساً على العرش، لا متربعا على كرسى برلمانٍ أمره بيد غيره، ليرتفع بنفسه فوق طبائع العبودية ولوازمها.
      • ألا ترَون أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم، لمّا اختاره الله سبحانه لقيادة البشرية، قد اختاره من قمة الشجرة القرشية حسباً ونقاءاً، وهم من هم من أمة كانت أبعد ما تكون من معاني الذلة والتبعية والعبودية، فلم يكن حتى من أواسط الناس، بل أعلاهم قاطبة، ثم لم يجعله من أولئك الملأ المؤتمرين المتنفذين في قومه، حتى لا يكون لأحدٍ عليه قولٌ في أمر، وليرتفع بنفسه فوق طبائع العبودية ولوازمها.

      يا قوم، ألا تقرؤن القرآن "أم على قلوبٍ أقفالها". لقد أصابتكم الذلة من واقع عَملِكم، ومن رضاكم بالدخول في البرلمانات السابقة قبل أن تتحاكم إلى شرع الله، وقبل أن ترتفع عنها ظلال العبودية من الفسقة أنصار الطغيان والظلم، فكنتم عبيدا وظَللتم عبيداً، انتم ومن ربيتم على معاني العبودية وطبائع الإستبداد.

      اليوم يوم الصدق، يوم الإيمان، يوم العهد والوعد، يوم أن يَتلقى أهل الظُلم والفسق دَرساً في الإيمان، وينخذل أتباعهم ممن قُدت عقولهم من طينة العبودية، تحت رداء الإسلام ظلما وزوراً. وماذا نتوقع ممن تربى على أيدى العبيد؟ إلا أن يشاء ربنا شيئاً.