مجرد رأي 4
الفرق بين دعاة الإقدام وبين دعاة الإستسلام ..
الفارق بين من يدعو إلى انتهاز هذه الفرصة الأخيرة والوقوف في وجه العسكر، وبين من قد سلم مقاليد الأمر إلى العسكر، مقابل كراسى البرلمان، هو في حقيقته فرق في النظر والإعتبار، وفرق في المرجعية والمنهج.
فإن التسليم للعسكر الآن، والسير على خطتهم التي وضعوها، لا يعنى إلا الثقة بهم، إن أحسنا الظن بالدوافع، وإعتبار أنهم يقولون ما يفعلون، ويحفظون العهد والوعد. هذا من باب النظر والإعتبار. ثم إنهم يرجعون في ذلك إلى ما أولوه من عدم الخروج على الحاكم، وضرورة التزام بقول ولي الأمر من ناحية، وإيمانهم بأن ما لم يؤخذ بالقوة، سيؤخذ من طريق الديموقراطية، وسيادة الأغلبية. هذا من ناحية المرجعية والمنهج.
أما من رأي أن الخروج في وجه العسكر اليوم هو فرض عين على كل مسلم قادر مكلف، لإزاحة الطغاة مرة واحدة، فإنما يقوم اجتهاده هذا على أن الثقة بالعسكر هي وهم من أوهام الشيطان، فهؤلاء لا ثقة فيهم ولا عهد لهم ولا كلمة، يشهد بهذا تاريخهم وحاضرهم، بل وتاريخ كل عسكرٍ مرت به الأمم الإسلامية وغير الإسلامية، منذ فجر التاريخ. فأن يقال أن هؤلاء العسكر سيتركون الشره يجرى والأمن يمضى لَهُو وهم من الأوهام وعلة من العلل، التي لن يشفي منها إلا وقع الحق عليهم يوم أن ينقض عليهم العسكر، وهو واقع قريب.
والخروج على هؤلاء واجب فرض، لا يمت لمسألة طاعة ولي الأمر بصلة، لا من قريب ولا من بعيد، فهؤلاء اغتصبوا حقاً، قتل في سبيله ألف شهيد، وما تمكنوا بعدها إلا عن طريق دعاة الإستسلام، الذين باضت دعوتهم وفرّخت في عهد المخلوع، وخدّرت آلاف مؤلفة من الأتباع، كما أراد النظام، تحسباً لمثل هذا اليوم، إذ تركهم يدعون بقنواتهم الفضائية، يسحرون بها أعين الناس، واستنسخوا قوالب متشابهة، إيمانها التقليد، ودينها الشيوخ، فهم اليوم آلة في يد هؤلاء، إينما يوجهونهم لا يأتون بخير. وهو تماما ما أرادت منهم اجهزة أمن الدولة التي صرح "حَسّانهم" أنهم إخوة أحباء له، وأنه كان ولا يزال متعاوناً معهم.
هذا هو الفرق، وما أوسعه من فرق، فرقٌ بين الحق والباطل، وبين الصحيح والزائف، وبين الخير والشر.
"قُلْ كُلٌّۭ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًۭا"الإسراء 84