فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الإخوان .. وكتابة الدستور

      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      هناك أمْرُ مُريبٌ يجرى الآن تحت طاولة المُفاوَضات بين "الإخوان البرلمانيون" والعسكر، أحسبه تكملة لمعاهدة "كامب سليمان"، وهو الإتفاق على مواد الدستور التي ستضمن للعسكر وضعاً خاصاً، مادّياً وسياسياً، فوق الدولة، وتضمن الحفاظ على المادة الثانية بصياغتها البالية، التي لا تُمثل إسلاماً، بل تكرّس شِركاً في الحُكم، وتزرع مواد الوسَطية الشركية كالمواطنة والتعدّدية.

      التصريحات الإخوانية الأخيرة تدُلّ على أن الهيئة التأسيسية ستوكَلُ آخر الأمر لنواب البرلمان، لكن بعد أن يُتفق على بنودها الأساسية، ويقوم نواب الإخوان بدَعمه والدّفع في سبيل تَمريره، بتكتلٍ بينهم وبين بعض أحزاب العلمانية، كالوفد، إذ العلمانيون والعسكر موافقون على المادة الثانية، وعلى التوافقية والتعددية والمواطنة، وهذه البنود الشركية التي روّج لها محمد العوا وأمثاله من قبل. كذلك بعد الإتفاق على أن يترك الإخوان المناصب السيادية والأمنية في يد من ينصّبه الجيش طوال الدورة الأولى، والله يعلم ما بعدها، ويَتوَلّون هم شؤون الشاي والسكر، ويبحثون أمور الدجاج والصابون! طالما هم قابعون في المجلس، فعلى الدنيا السلام.

      الحزب الذي أعلن الإخوان أنهم لن يَتكتّلوا معه هو حزب النور، وأحسب أنه خارج هذه التفاوضات، لسَذاجة مُنتميه، وتشويشِ أفكاره وانتماءاته، بين العمل السياسيّ وبين الإلتزام بمبادئ التوحيد، التي يُصارع أفراده أنفسهم، لا يزالوا، كي لا يَنخلعوا عنها بالكليّة كما انخلع الإخوان من قبلهم.

      أخشى أنّ أمرَ الدستور قد حُسِم بالفعل، أو في طريقه للحَسم، ليكرّس دولة مِصرية "علمانية/إسلامية" جديدة، تختفى وراء بعض اللحى المُنَمّقة، التي تُصدّر تاريخ جَماعة، ابتلينا بها في السّتين عاما الماضية، وكأنه تاريخ الإسلام في العَصرِ الحَديث! زكما صرح عريان الإخوان أنّ جماعته ستصوت للبرادعيّ إن "توافق" عليه السياسيون! سبحان الله، الست يا عريان تملك 45% من البرلمان، ويملك النور 25% منه؟ لماذا ترشح علمانيا عتيداً إذن؟ إلا لصفقةٍ تمت بليل. ولقد ظهر اليوم أن البرادعيّ - على علميانيته - أخلص لوطنه من هؤلاء جميعاً إذ رفض الترشح في هذا الجو الموبوء المصطنع.

      الخيانة لا زالت مُستمرة، والأمر جدُّ خطير، فإن كِتابة الدستور، حسبَ دين الإخوان المُحَرّف، سيكون وَبالاً على الأمة المِصرية المُسلمة، وسينقُض كل أملٍ في أن يجنى المسلمون الصادقون من أتباع دين التوحيد الحق، أيّ ثمرة لإنتفاضة 25 يناير، وسيكون أعضاء البرلمان الإخوانيّ هم وحدهم الفائزون، دون الشعب جميعاً.

      لا أدرى كيف نتحسّب لمثل هذه الخيانة أو أن نجازى مرتكبيها، إذ إنها أوضح من أن نسعى لإظهارها، يعرفها اليوم كلّ عاقلٍ متجردٍ، إلا من لحس الإخوان عقولهم وأبطلوا مفعول فكرهم.

      لا أدرى من في مصر يقف في وجه هذا المُخَطّط الشِّركي البِّدعي، إلا ما ظهر من الشيخ حازم أبو اسماعيل، ومن على دربه من الشيوخ، ومن يتّبَعهم من الشباب، على بعض التنازلات هنا وهناك، لا يزالون. وللأسف، إن من هؤلاء من لا يزال يدعو إلى تأييد حزب الإخوان، من منطلق لا يعلمه إلا الله. وهو مالا نؤيدهم عليه، ولا نعينهم على السير فيه، بل نقف ضده بشدة، وننقده بحدة. ولا يعلم هؤلاء المؤيدين للإخوان، من أهل السنة والجماعة، أنهم يلقون بتاريخهم كله وراء ظهورهم، ويخسرون رصيدهم تدريجياً، إذ إنهم يؤيدون تصريحات الإخوان ضمناً، ولا يمكن الفصل بين حزب الإخوان وتصريحات قادته الضالة.

      والإخوان سيكونون عوناً على الشعب، وسيدعَمون الشّراسة الأمنية، خاصة ضد من يكشف تحريفاتهم للدّين، من المسلمين الصادقين من أتباع دين التوحيد الحق. فإما أن نتبعهم على تحريفاتهم، أو نكون من الخارجين على الشرعية، وعلى الداخلية أن تتولى التنكيل بنا. وهو ما أحسب أنه أحد أغراضهم في ترك الداخلية والأمن للعسكر في هذه المرحلة، لتصفية خصومهم الشرعيين، دون أن يكون لهم يد ظاهرة في ذلك. ومواقفهم المُخزية من القتل والسحل وإختطاف النساء المسلمات يدل على هذا الهوان ونقص الرجولة.

      هناك بعض الشباب من أتباع العلمانية، الذين رأوا أنّ هذا الوَضع الجديد، الذي يقف بين الإسلام والشرك على مسافة متوازيةٍ، لن يمكنهم من الحُرية الطليقة التي يريدونها، فاتّحدت وسائلهم مع المسلمين الصادقين من أتباع دين التوحيد الحق، في الرغبة في الإطاحة بالعسكر وبالإخوان المُحالفين لهم، رغم إختلاف أهدافهم. وهم أصحاب الدعم الوحيد الذي أراه في الشارع المصريّ للمسلمين الصادقين.

      الإخوان إذن يَضعون اللّمَسات الأخيرة في  مُخطط "كامب سليمان"، ويُسلِمون السّلطة الفعلية للعَسكر، ويكرّسون بقاء النظام السابق، تحت أسماءٍ جديدة لامعة تنتمى لحزبهم. وهم يبيعون دم الألف شهيد بمائة وتسعين مقعداً لا غير، المقعد بخمسة شهداء وربع (يا بلاش)! ويعلنون تنَازلهم عن دِماء الشهداء وكأنهم أولياء دمهم، خيّبهم الله أني يؤفكون.

      القصاصُ من الخائنين لمِصر الإسلام والوطن يجب أن يَشمل قيادات الإخوان، جنباً إلى جنب مع المَخلوع وأولاده. الخُروج الآمن من السلطة، هو ما يجب أن يَسعى له قواد هذه الجَماعة قبل أن تَنالهم يَد العَدالة الإلهية.

      وإنى لأدعو كل من فيه بقية دينٍ وحبٍ لله ورسوله ولوَطنه، كل من فيه بقية ضمير من أصحاب العقول التي تحرّرت، لا العقول التي تَسمّرت، والنفوس التي تتشوّف لعِزّة الإسلام وتعاليم رسوله، لا لهوان الإخوان وتوجيهات قادَتهم، كل من لم تأخذه العزة بالإثم فظنّ أنه على حق في تبنى مصالح ومفاسد طالما تلاعب بها الإخوان أنفسهم من قبل، أن ينادى بزوال هؤلاء، فقد نصحنا عشرات المرات، وحذرنا مئات المرات، من أن ينتخب الشعب هؤلاء، لكن العقول لا تستوى والأفهام لا تتساوى، وحَسبُنا الله ونعم الوكيل.

      حين ننادى بسقوط العَسكر، يجب علينا أن ننادى بسقوط أتباعهم ومواليهم من قادة الإخوان المُحَرّفين لدين الله، البائعين لوطنهم ودماء أبناء وطنهم، فهم الأحرى بالزوال قبل العسكر.