فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      همسة في آذان .. شباب السلفيين والإخوان

      "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ ءَامِنُوا۟" النساء 136

      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      سبحان الله العظيم! كم منا من يظن بنفسه الإيمان، وما هو بمؤمن. كم منا يظن أنه على الحق وهو على درب الباطل. كم منا من يظن أنه يقدّم الشّرع على الهوى، وقائده هواه؟

      الأمر، ليس بما نظن في أنفسنا، أو بما نرى ما عليه شيوخنا وقادتنا، بل بمطابقة ما نقول لما نفعل، ومطابقة ما نفعل لما يدل عليه الشرع.

      الإيمان هو أن نقول ثم نَعمل،أن نُعلن ثم نَفعل، أن نَتحدث ثم نَتحرّك. ذلك هو الإيمان الذي طَلبه الله سبحانه ممن قَنع من الإيمان بالقول والحديث، والتصريحات والتأكيدات.

      حين نعلن أن لا حاكم إلا الله سبحانه، فلا حاكم إلا الله سبحانه. هذه قضِيّتنا بألسنتنا، تحدثنا عنها عقوداً، وقرأنا فيها مجلدات، ودوّنا فيها مراجع، وملأنا بها شرائط. فإن كانت هي إيماننا، فلن ندع الفرصة لتحقيقها تفوت، ونحن قاعدون متخاذلون متواطئون، نتحجّج بما يقوله نفر من المَشايخ والقادة، ممن طحنت عزائمَهم الدنيا، وخرّبت ضَمائرَهم أعراضُها، فلم يجدوا حيلة يتحَيّلوا بها على كتاب الله إلا استخدموها، ولم يتركوا مَخرجاً من فَرضِ الله إلا أشاروا به، على الشباب السَامع المطيع.

      نعم، أليسوا هم مشايخنا؟ ألم نؤمر بطاعتهم والسير وراءهم، إذ هم الأعلم والأحكم والأقدم؟ أليس أولئك هم أول من عَرّفنا بدين الله، وأسمعنا كلامه؟ أننسى تلك الرقائق التي حكوا لنا، عن أحوال الصحابة، والتابعين، والفقهاء والمحدثين؟ أليس هؤلاء هم أهل العلم بما عليه فلانٌ وعلاّن من رواة الحديث، الذين ماتوا منذ قرون؟ كيف نخالف إلى رأي غير رأيهم؟ كيف نسير في طريقٍ غير طريقهم؟ هذا والله إثمٌ عظيم.

      لا والله، بل هذا هو الفضل العظيم، أين يا شباب الإسلام تعبدكم الله بقول مشايخٍ، أو ربط فروضَه بقرارات مجلس؟ ألم تكن رسالة محمدٍ صلى الله عليه وسلم هي أن يُخرِجَ الناس من أسْر تقليدِ ما يقوله مَشايخهم، حين يتعارض مع شرع الله وتوجيهاته؟ ألم يقل الله سبحانه "ٱتَّبِعُوا۟ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ مِن دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءَ"، أيّا كان هؤلاء الأولياء. الإتّباع هو لما أنزل الله، والله سبحانه أنزل حكمه من فوق سبع سماوات، أنّ لا حكم إلا حكمه، لا شراكة فيه ولا توافقية ولا تدرّجية في هذه القضية، إن الحُكم إلا لله، فعلاً لا قولاً.

      شوّش عليكم هؤلاء الضُعفاء المُخادعون، من الذين "تأرْنَبوا" حين زَمْجَرَت الضّباع. ليس هذا هو الإيمان الذي أراده الله من عِباده الصالحين، بل الإيمان الذي أراده الله منّا هو أن نكون ممن يزأر زَئير السباع، في وجه الضّباع، لا أن نستخرج من كلام الله ما نجعله عِضين، يضرب بعضه بعضاً. فنقول بأفواههنا "نحن نريد حكم الله" ثم ننصح العسكر، الذين يصرحون بإستحالة أن يدعوا حكم الله في الأرض نافذاً، بقتل من يخرجون عليهم، من المُسلمين الرّافضين لتَنحية حُكم الله، أو من العلمانيين الذين لا يريدون إلا الحرية.

      لا والله، إن العلمانيين من طالبي الحرية، أقرب لكم، في هذه القضية، من مشايخ السوء المُضلين عن سبيل الله، فإن الحرية هي مقصد الشريعة الأعلى، الحرية من عبادة الطواغيت والخضوع لها، سواءً كانت سلاطيناً أو ملوكاً أو حكاماً أو مشايخ سوء مُضلين. وأنتم أغلبية ساحقة، لا يضيركم بعض الخبث، وإن رافقكم، فإن من هذا الخبث ما قد يتطهّر بطهركم، ومنه ما سينحسر بقوتكم. أما هؤلاء الذين يتلاعبون بكم، وبمشاعركم، وبطهارة شبابكم وقلوبكم، ويصوّر لكم أنّ إتباع غير رأيهم خروجٌ عن الشرع، فأولئك هم الضّالين المُضلين، على علمٍ ويقين.

      هؤلاء، يا أبناء الإخوان والسلفيين، قد صَرَعتهم المصالح، وضيّقت أفق ضمائرهم المناصب، فصاروا ساسة خساسة، لا ساسة شرع وحكمة.

      ثقوا بالله برسوله صلى الله عليه وسلم، وبما حَباكُم به من طهارة الشباب الواعد، في أن تتحسّسوا طَريقكم خارج تلك الأزمة التي وضعها فيكم من ترونهم مَشايخ وقادة. لستم منهم وليسوا منكم، وإن أرادوا أن يوهمونكم بذلك، فإنهم هم من يحتاجكم ليكون لهم أتباع يتكاثرون بهم، وترتفع أسهمهم الفضائية بأعدادهم، وتكثر صفوف نوابهم بتأييدكم.

      خَبّروني بالله عليكم، يا أصحاب العقول من الشباب، إن وقف هؤلاء المشايخ موقف العزّة ممن يرفضون إقامة دولة "لا إله إلا الله" من العسكر، ما الضّمان لهم أن يَحتفظوا بفضائيّاتهم، وبجمهورهم ومستمعيهم؟ ألا تعلمون أن الأتباع هم فتنة المشايخ؟ أنتم، يا شباب الإسلام لم تعرفوا يوماً شهوة أن تروا عشرات الآلاف ينصتون اليكم خاشعين، كأن على رؤوسهم الطير، وكأنهم أنصاف آلهة ينطقون. كنتم دائما في صفوف المُصَفّقين، لا تعلمون ما يفعل الشيطان بعقول هؤلاء المتأمّرين. إنها والله فتنة حَذّر منها سلفنا الصالح، لا تودى بالمشايخ المتخاذلين وحدهم، بل بمن سار وراءهم سير القطيع، دون أن يرى إنحرافه في المسير. ألم تروا ما جاء عن بن شيبة أن "ابْنَ مَسْعُودٍ نَاسٌ فَجَعَلُوا يَمْشُونَ خَلْفَهُ فَقَالَ : أَلَكُمْ حَاجَةٌ؟ قَالُوا، لاَ، قَالَ، ارْجِعُوا فَإِنَّهَا ذِلَّةٌ لِلتَّابِعِ فِتْنَةٌ لِلْمَتْبوعِ". وهذا عبد الله بن مسعود، كما جاء عن عمر مثلها.

      يا شباب الإسلام، "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ ءَامِنُوا۟"، هذه فرصتكم أن تؤمنوا، بعد إيمانكم، وأن يرى منكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، تأويل هذه الآية الكريمة، التي تدعونا أن نرفع قولنا إلى مستوى العمل، وأن نتبع تصديقنا بيقين الفعل، وألا نقنع بأن نكون آذاناً صاغية وعقولاً خاوية، يَصُبّ فيها هؤلاء القادة والمَشايخ ما يريدون، وقتما يريدون، لصالح ما، ومن يشاؤون.

      يا شباب الإسلام، لا تجعلوا هؤلاء القادة والمَشايخ يقفون بينكم وبين الله سبحانه، فهناك من المشايخ والقادة من عرفوا معنى الآية، وفهموا عن الله مراده، وهم كثرٌ والحمد لله تعالى، منهم الشيخ حازم أبو اسماعيل والشيخ رفاعي سرور والشيخ الشاذلي (على رفضنا القاطع لإجتهاد دعم الإخوان)، والشيخ وجدى غنيم، وكثيرٌ يصعب حصرهم، فسيروا وراء من هم بابٌ إلى الله وكلماته، لا من همْ سَدّ وصَدّ عنه وعن كلماته سبحانه