فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      التدليس الإخوانيّ.. ومنهجية التخاذل

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      تَحدّثتُ من قبل، في مقالات عديدة، عن أهمية تحرير المَفاهيم، وتنقية التَسمِيات من المُشتركات المُوهمة، إذ إنها مَسْرَبةٌ للخطأ ومَدعَاةٌ للزّلل، سواءً بقصدٍ أو بغير قَصدٍ.

      وقد تناولت ألفاظاً، دارت في غالبها قبل أحداث 25 يناير، في أروقة الفكر، التي تتصل بالواقعِ قليلاً، وإن كانت، من خبثها تؤسس لإتجاه عاميّ منحرف.

      ومن هذه الألفاظ مثلا، الحداثة، وتعنى نبذ المأثور الثابت، والوسطية، وتعنى التوسط بين الحق والباطل، والتجديد، ويعنى التخلى عن الثوابت، والمواطنة، وتعنى إلغاء الفارِق بين الديانات، وغير ذلك مما اشتهر به عدد من منافقى الفكر الإسلاميّ، ومنحرفيه، وعلى رأسهم محمد سليم العوا، والغنوشي والترابيّ ,امثالهم من هذه الطبقة.

      لكنّه يجب أن ننتبه إلى أن هناك عدد من التسميات والألفاظ الموهمة، التي ظهرت في واقعنا، على الأرض، بعد أحداث 25 يناير، قد تبنتها طائفة من منافقى السياسة "الإسلامية"، الذين يدينون بدين البرلمان، قبل الإسلام وفوقه.

      من هذه التسميات التي تُنشأُ مفاهيماً مَغلوطة، التوافقية، والمدنية ذات المَرجعية الإسلامية، والتحَالفَات الإنتِخابية.

      فأولها، هذه التوافقية المَزعومة، التي تتناقَض في أصلها مع أصل الديموقراطية الغَربيّة المُلحدة، التي تستند إلى حكم الأغلبية. فليس لهذا المصطلح الذي يطرحه أمثال العلمانيين من أبناء حركة الإخوان، كالعريان ومحمد مرسى، أيّ وجودٍ على أرض الواقع، سواءً إسلاميّاً، إذ الغالبية ليست على حقٍ إلا إن وافقت الشرع، ولا وضعياً، فإن الغالبية إن انتخبت أحداً لم يجز لأقلية أن تترعب في هذه النتيجة تحت أي مسمى، توافقيّ أو تخالفيّ.

      ثم الدعوة المدنية، المتخفية من وراء المرجعية الإسلامية، التي لا تغنة من الحق شيئاً، فإن هذه الحَركة الإخوانية البِدعية، قد أوضحَتْ بما لا يدع مجالاً للشك أن هؤلاء فيهم دَخَلٌ دينيٌّ لا شكّ فيه، فقد وَردَنى فيديو من أحد الإخوة المعلقين، لمحمد مرسى رأس هذا الحزب البدعيّ، http://www.youtube.com/watch?v=rsQ7ry2kdkQ، يقول فيه صَراحة أنه "لا خِلاف عَقائديّ بين كل المِصريين" و أنه "مصر فيها مسلمون ومسيحيون، وليس هناك خلاف بين العقيدة الإسلامية والمسيحية"، ثم يلقى بكلمة يخفّف بها وقع هذا الكلام الكفريّ، بقوله أنه "لكلٍّ الحُرية أن يعتقد ما يشاء".. هو ما يمكن أن يحمل تصريحاً على التماثل بين العقيدة الإسلامية والمسيحية، وهو كفر بواح، ""أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ ﴿35﴾ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" القلم 36، وأن يحمل إحسانا للظن على أنه يقصد به أن لا فرق في مجال الإختيار الشخصي، وهو تأويل بعيد للكلام، لكن قد ينجى صاحبه من الكفر في حكم الدنيا.

      ثم هو يتحدث عن "الولاء الإنتخابي" قبل الولاء البرلمانيّ، ومعلوم أن البرلمان هو الهيئة التشريعية، فيكون الولاء الإنتخابيّ للفوز بالمقاعد مقدّم على الولاء التشريعيّ، وهو، مرة أخرى ليس من دين الله ولا من عقيدة المسلمين.

      مثل هذه المفاهيم، هي التي تدعونا إلى أن نُنحى بأنفسنا جانباً من هذه الزمرة من البشر، التي تلتحى، ثم لا تستحى! وتتبنى "إسلام الأقلمة"، الإسلام الذي ينبنى على مفاهيم مغلوطة في أول أمره، إسلاماً لا يعرفه الله ولا رسوله.

      2) الإنتفاضة الشعبية

      إنّ الإنتفاضة الشعبية التي قامت في 25 يناير، وإن لم تكن إسلامية في طبيعتها، إلا إنها كانت محمولة على أعناق المسلمين، ولا تزال جذوتها تحت الرماد، وما أخمد نيرانها إلا هؤلاء المنحرفين من الإخوان، والعملاء من السلفيين. ونحن نراهن على  أنها باقية تحت رماد كثيف، لكن، هل يعنى هذا أن نحمل خراطيم الماء لمن يريد أن يطفأها بالمرة، أم ننفخ فيها بأفواهنا، ونهُش عليها بأيدينا لتعود جَزعة تسترِّد حق الله والناس؟ ثم كم الشباب اليوم من يريد الخروج لإسقاط العسكر، وليكن بعدها ما يكون، ولتكن المواجهة، إذ نعلم أن هؤلاء الكفار لا يريدونها سلمية أبداً، بل سيقتلون ويسحلون، وهنا تأتي الفتنة، وهنا يأتي معنى حب الموت كراهية الدنيا.

      إن الواقع المصريّ ليس بعيداً عن أحدٍ اليوم، بل يعيشه كلّ مصريّ في أي بقعة من بقاع الأرض، ثم إن هذا الأمر أمر مبدأ لا مناط. التوجه الإخوانيّ مرفوضٌ جملة وتفصيلاً.

      قد يكون الإخوان منقسِمين على أنفسهم، وقد يكون منهم من يرى إنتخاب حازم ابو اسماعيل، لكنه يرهب بطش العسكر إن أعلن ذلك، ومنهم من يرى إنتخاب البرادعي من جيل الوسط المُتمَثل في عِصام العِريان وأمثاله. لكن الأمر أنّ ما يخرج من تصريحاتٍ عن الإخوان، كجماعة أو كحزبٍ، بشكل عام، لا ينبؤ إلا عن التخاذل والتواطئ. وهم بشكلٍ عامٍ على خَلل عَقديّ لا يُخالف فيه أحد. فإما أن يظهر لنا منهم ما يَدلّنا على إتجاة كلّ منهم، أو أن يكونوا كلهم كتلة واحدة في مُواجهة دعوة الحق. وليس أمامهم إلا أسابيعاً ثلاثة يحسمون فيها أمرهم، ويعودون لصوابهم، ويخرجون من ضبابية الإنتخابات وفتنة البرلمانات.

      وقد يختلف الناس في تقييم قوة الشعب المصريّ وقدرته على الوقوف في وجه العسكر، فمنهم من يرى أن الشّعب لا يرى الدين على حقيقته، بل هو مشوشّ فيه، كما هو مشوشّ في كل ما عداه، وهو قدر فيه الكثير من الصحة. وقد يرى البعض أن هذا التشويش وذاك الغبش، لا يزال يمكن استغلاله من قادة "التيارات الإسلامية"، إن أرادوا ذلك، وإن تخلصوا من عقدة الخوف وبرؤوا إلى الله من فتنة البرلمان المختلط.

      ومن هنا فإننا نرى أن البصيص الباقي تحت رماد الإنتفاضة الشعبية، هو الأمل الذي يجب أن يُركّز عليه شَباب الإسلام ودُعاته في هذه المَرحلة، التي قد لا يتجاوزُ عمرها الثلاثة أسابيع القادمة، فإما أن تخرج الجُموع للإطاحة بالعسكر أو أن نستسلم لحكمهم العلمانيّ الديكتاتوريّ إلى أن يشاء ربنا شيئاً.

      ديسمبر 31 2011