فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      رأي بناء

      الحمد لله تعالى حمداً دائماً، وأشهد أن لا إلله إلا الله وحده لا شريك له في الملك والحكم، وأشهد أن محمداً عبده و رسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة و تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، صلاة الله و سلامه عليه.

      مقالً قرأته في إحدى الصحف العربية لكاتب صحفي إسمه د. علاء الأسواني سماه "ظاهرة الدين البديل"، لعل ما شد إنتباهي له رغم الإنحراف الواضح في فكر صاحبه عن منهج أهل السنة الذين وصمهم "بالتيار الوهابي" وقرن بينهم وبين النظام السعودي، بل وعدّ من زلات النظام السعودي نشر هذا المذهب!!، هو توجيه الكاتب للقراء إلى النظر إلى الأبعاد الأخري للإسلام و للخروج مما نحن – المسلمون - فيه من هوان وشقاء و ذلة إلى العزة التي إرتضاها لنا الله –جل وعلى- وتبني روح الدين الحقيقية  بدلاً من مجرد التشدق بكلمات واهية لا معنى لها و لا مغزى.

      فلم يكن مقصد الشارع – سبحانه و تعالى – أن يعلو شأن هذا الدين بعدد المساجد الخاوية أو بسعتها أو بزخرفتها، ولا بطول الثوب و قصره، ولا بلون الحجاب، ولا بطول اللحى، و الدليل هو قول الصحابي: "أن جاءنا هذا الدين ليخرجنا من عبادة العباد (أي طاعة العباد) لعبادة رب العباد -  سبحانه"، ثم قول عمر رضي الله عنه "كنا قوماً أذلاء فأعزنا الله بالإسلام، فمن أراد العزة في غيردين الله أذله الله". فهذه الأحاديث تتماشى مع مفعوم الشهادة الحقيقي الذي قضى بعبادة الله وحده و الكفر بالطواغيت (أي رفضها) مهما كانت مسمياتها أو أشكالها.

      و أردت أن أُضيف أن المقال لم يناقش إلا بإيجاز فئة "المُنخلعين"، وهم غالبية الشباب الغاضب الذين خلقهم الله في أوساطنا و على أشكالنا و هم يحاولون التنصل من الدين إما برفض واقع المسلمين "المؤلم" والتشبه بالكفار أو بإظهار عدم الرضى و السخط،أو التستر وراء حجاب "هموم ومشاغل الدنيا" وهؤلاء مع إنهم يُعدّون حمل على عاتق الأمة و لكن يمكن إصلاحهم بالقدوة الحسنة و التعليم و الصبر.

      كما لم يتعرض كاتب المقال لأهل البدع، ويعلم الله لأي مذهب ينتمي، من علماء هذه الأمة، كالصوفية والشيعة والمعتزلة والقدرية والمرجئة و غيرهم من الفئات الضالة التي فضحها علماءنا الأفاضل من قبل، وهؤلاء يمثلون الأغلبية الإمَّعة – تبعة الحكام - و في أيديهم زمام  الأمور، و عليهم يقع وزر إضلال هذه الأمة من عدة نواحي:

      أولها -  عدم الإنتفاع بالعلم في تعليم شباب هذه الأمة أو تضليلها عمداً، و غالبية المسلمين يسمعون لهم بل و يتبعون هذه الفئة،

      ثانيها -  الإفتاء بهوى الحكام و عدم تذكيرهم بالله ولا بالحساب، وموافقتهم على الظلم و الفساد و الحرب المشنّة على الإسلام "الإرهاب"،

      ثالثها -  و أهمها أنهم هم المسؤلون عن حركة "التمييع" المتعمدة للدين بزعم "تجنب الفتن الطائفية"، حتى أصبح المسلم الملتزم إرهابي إبتدائاً – إلى أن يثبت عكس ذلك و عدم إنتمائه لفئة "المتشددين"، وبات الإسلام هو دين العنف والكراهية وبالتالي يجب "إثبات عكس هذا المفهوم" وفتح باب لحوار "الأديان و الحضارات" – مع تحفظنا بأن الدين هو الإسلام و غير ذلك لا يسمى ديناً، و أضحى الكفار الذين يرفضون ديننا إبتداءاً ويقتلونا و ينهبون أراضينا ويغتصبون نسائنا هم السادة من أهل الكتاب الذين لا يصح قتالهم، بل و لهم علينا "ذمة"!!!

      فماعت الأمور وضاعت الشريعة وسط تقنين المرتدين من الحكام تحت ستار الحداثة و العلمانية و أصبح الإعلام الموجَه هو مصدر العلم الرئيسي عند غالبية المسلمين، واختلط الإيمان بالكفر وولِدَ عصر الفوضى المنظمة، فلا أحد يدري ما الحق وما الباطل، ولا الحلال من الحرام.

      و تزامنت هذه الفوضى مع حرب صليبية جديدة شرسة ضد المسلمين في البوسنة وكوسوفو و في الشيشان وأفغانستان والعراق والسودان ومناطق أخرى عديدة، ومع إستباحة اليهود للمسجد الأقصى و إصطفاف الحكام و الجيوش و الشرطة العربية لمساندة اليهود والصليبيين، والقتل العشوائي لرجال المسلمين وتعذيبهم، وقتل الشيوخ والنساء و الأطفال. بل في كثير من بلدان الشعوب المسلمة قامت حكوماتها بالإستعانة بمرتزقة من الصليبيين لقتل المسلمين من أهل البلد مثلما حدث في الجزائر، أو دعوة الكفار الصلبيين لقصف وقتل جماعي للمسلمين في بلادهم كما حدث في اليمن وباكستان.

      وسقطت أمة المسلمين في أيادي عصابات من الحكام الخونة الكفرة الذين يمتصون أقوات الشعوب ويستحلون الدماء، يعينهم على حكمهم الصليبيون واليهود ويدعمهم علماء الضلالة بالرأي الكاذب.

      هذا ولم ينجو المسلمون الذين استوطنوا خارج بلادهم هرباً من الظلم والملاحقة والتعسف والمضايقات، بل و أكثر من ذلك تعرض الكثير منهم للخطف والقتل والتعذيب.

      والحاضر يشير إلى أن الأوضاع ستزداد سوءاً قبل أن تنفرج "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". هذا و قد قَدَّر الله سبحانه الأسباب المطلوب إتباعها للخروج من تلك الأزمات، فما علينا إلا أن نتحرى هذه الأسباب ثم أن نتبعها، فيأتي نصر الله و الفرج بإذن الله وبدون تأخير.

      و في المقال القادم بأمر الله تعالى سوف نحاول مناقشة حقائق و أبعاد الفتن الطائفية بحثاً عن من هم وراء تلك الفتن و المقصود منها، والله المستعان و هو نعم المولى و نعم الوكيل.

      عبد الرحمن ابو كريم