لا شك أن الإتفاق بين حكومة المالكي العميلة في واشنطن على وشك التوقيع بعد تمثيلية الخلاف الهزيلة التي لعبها المالكي ليدخل في روع الأمة أنه حريص على شرف بلاده وحرية قراراتها. والأمر هنا أن العراق قد وقع فريسة بين النفوذ الصفوي الرافضى وبين الإحتلال الصليبي الأمريكيّ، وكلاهما باطل منكر لا خير فيه، بل تجب مقاومته على كلّ مسلم قادر. ولكن الواقع الحاليّ يفرض نفسه علي الأرض ويضع الوصايتان الصليبية والصفوية على العراق ومن ثمّ على المنطقة العربية كلها، أمر لا مفر منه، والسؤال الوارد هو هل يتعارض النفوذ الصفويّ مع الإحتلال الصليبي الأمريكيّ؟ هل تتعارض المصالح الأمريمية في المنطقة مع طموحات التوسع الرافضيّ الإيرانيّ؟
والحق أنّه بالنسبة للروافض والصليبيين فإن كليهما يفضّل أن ينفرد بالسيطرة على العراق وعلى المنطقة كلها، ولكن المصالح تتضارب وأصبح من الواضح أنه لابد للطرفين من أن يصلا إلى صيغة للتعامل تسمح بتبادل المنفعة على الأقل في هذه المرحلة من اللعبة السياسية. والحق كذلك أن هذه الصيغة ستكون على حساب أهل السنة في العراق وفي المنطقة كلها، والمحقق في الصورة السياسية الحالية يجد أن كلا الطرفين يستغل ورقه الضغط التي يملكها علي الطرف الآخر، فالرافضة يستغلون مرتزقة الصدر ليزعزعوا السيطرة الأمريكية التامة ولتكون رساله واضحة على أنهم قادرون على التأثير المباشر غلى الأحداث في العراق، وفي المقابل تستخدم الصليبية الأمريكية ورقة النووي الإيراني ليكون إنذاراً للرافضة على أن ضرب مصالحهم ممكن ووارد ومبرر.
ولكن، هذه السيناريوهات إن هي إلا استعراضاً لما في جعبة الفريقين المتناحرين للسيطرة على العراق وعلى المنطقة العربية كلها. وهي سيناريوهات لن ترى النور إذ إنها ليست في صالح ايّ من الفريقين المتناحرين. بل سيكون هناك إتفاق على إقتسام المصالح وحدود التدخل والتداخل، وسيكون ذلك على حساب حرية الشعب العراقي بأكمله وبكل طوائفه وبخاصة اهل السنة، إذ ستتوالى مجاذر السنة على ايدي الرافضة والصليبيين على السواء. وسيتوالى النزوح السنيّ إلى دول الجوار، وستكون العراق قاعدة صليبية صهيونية لضرب ما تبقى من قوى عربية إسلامية في المنطقة والإستيلاء الواقعي على مصادر البترول، كما ستكون العراق موطئاّ ومنطلقاً للمشروع الصفوى الذي رُسمت خطوطه وتحددت معالمه للسيطرة الرافضية المجوسية على لبنان ثم السعودية والخليج العربيّ واليمن.
والعرب السنة، تحت وطأة الحكومات العلمانية العميلة، قد سلبت إرادتهم بالكلية وأصبحوا كالشاة التي تنتظر الذبح، فهل يهم من الذابح؟