فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      يا إسلاميون .. الجُمعة .. يومُ المَلحمةِ

      الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم

      أصبح يوم 18 نوفمبر قاب قوسين من الزمن إن شاء الله. يومها سيكشف الله عن خبايا النفوس، وأوهام العقول، وسقطات اللسان. يومها، من خرج، فقد خرج لله سبحانه، لا لغيره، ولا على سبيل غير سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. لم يعد هناك فرصة أخرى يتيحها لنا الله سبحانه، نسترد فيها كرامتنا، وحريتنا، وديننا، وأقواتنا، من يد الذين اغتصبوها منذ 1952، وإلى اليوم.

      ستجدون بينكم مثبطين، ومخذلين، ومبطّئين، وداعين إلى التراجع، ممن وَجلت قلوبهم من خشية غير الله "أتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" التوبة 13. فلا تلتفتوا لهم، ولا تسمعوا لحديثهم، فقد أورثهم طول الإستكانة إلى الباطل، حسّاً جلداً، وقلباً مرباداً، واتبعوا أهواءهم بغير علمٍ، وإن التصقوا بالعلم وتوشحوا بوشاحه.

      يوم الجمعة، هو يوم الثورة الإسلامية. هو "يَوْمُ يَنفَعُ ٱلصَّـٰدِقِينَ صِدْقُهُمْ" المائدة 119. قد أفلتت منكم الإنتفاضة التي حَرّكها إرادة عوام الناس في 25 يناير، فقدموا أنفسكم اليوم، كونوا القادة، لا المُقادين، وكونوا الأسوة لا المُتأسّين، فإن وصية الله سبحانه لإبراهيم عليه السلام "قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًۭا" البقرة 124، وهي دعاء المتقين من بعده "وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" الفرقان 74.

      الله الله في دينكم، لا تخدَعنّكم سياسة عن دينكم، فوالله الذي لا إله إلا هو، إن هي إلا ألفاظٌ خدّاعَاتٌ مروِّعاتٌ، جوفاءٌ، لا ينبت بها زرعٌ ولا يحصد بها ثمر. هي عُملة الفَاشلين، ووَسيلة المُتعطّلين. فلا تلتهوا بها مع اللاهين، إذ غرضكم ليس من غرضهم في شئ. هم يريدون أن يشاركوا العلمانية والكفر، على مائدة واحدة، يقتسِمون الطعام، ويلقون على بعضهم السّلام، وأنتم تريدون إعلاء دين الله في الأرض، ووضع كل ما عدا شريعته تحت أقدامكم، لا أقل، فشتان بين الغرضين.

      تارة سيخَوفوّنكم بقوة حشد العسكر، وضعف إمكاناتكم، وأن حفظ النفس واجبٌ، وأن السِلم أسلم، وأن الحِكمة ضّالة المؤمن، وأن السياسة ستصل بنا إلى بر الأمان، و.. و.. أوهام وتضليل أحلام. فاض الكيل، وانصرمت المهلة، وعلا الشيطان، ويوشك أن يتحكم اللئام، فلا محل لهذا اللغو المُثبِط بعد اليوم "ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُوا۟ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَـٰنًۭا وَقَالُوا۟ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ" آل عمران 173. هؤلاء لم يَجنحوا للسَّلم، بل أنتم جَنحتم له، وطَلبتم منهم التخلى عن الغَطرَسة والكبر والبغيّ بغير حق، فلم يرتَدعوا، وصَمّموا على بغيهم وأقاموا على وثيقة سلميهم، فلا يختلط في أذهانكم الجنوح للسلم، مع الرضا بالإستكانة ولبس البراقع، قال "وَإِن جَنَحُوا۟ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ" الأنفال 61.  

      أمر الغد، أيها المسلمون، ليس أمر وثيقة السلميّ، كما يتمحك الإخوان والسلفيون، إنما هو أمر تسليم السلطة إلى مدنيين، ليصلوا بنا إلى بر الأمان، والإسلام، دين الأغلبية. لا تنشقوا على أنفسكم، إن قرروا في منتصف الطريق، خشية المواجهة، أن يسحبوا وثيقة المُرتد السلميّ، فهي لعبة لشقِّ صفوفكم، وإيهان عزيمتكم. غرضكم أكبر من ذلك. غرضكم أن تكونوا إئمة للناس بدينكم. فلا تعودوا إلى بيوتكم هذه المرة إلا ومعكم النصر، أو الشهادة.

      وتارة سيلعبون عليكم بتزوير كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتحريفه عن مواضعه، ليتم لهم غطاء جبنهم ورعدة مفاصلهم. منهم من سيقول لكم: لا تخوّنوا المجلس العسكري، وهؤلاء هم أهل النفاق الصريح الفصيح الفضيح.. ومنهم من سيقول لكم: إياكم والفتنة، "وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّى وَلَا تَفْتِنِّىٓ ۚ أَلَا فِى ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُوا۟" التوبة 49. هؤلاء هم مشايخ أرباب القصور، ومفتييّ ربات الخدور، ممن يتباهى ويفتخر بعدد تابعيه، لا بما هم تابعيه عليه. فلا تهتموا بهؤلاء ولا تلتفتوا اليهم، بل سدوا آذانكم عنهم، وضعوا فيها أصابعكم إن مررت بهم، أو بأوليائهم.

      ماذا تنتظرون؟ إنها والله إحدى الحسنيين، جاءت فرصتها إلى موضع أقدامكم، إما أن تروا مصر، مرة أخرى، مسلمة قوية عزيزة مستقلة، لا تتبع شياطين الصليبية ولا الصهيونية، ولا يسيرها الفسدة والفساق من سارقى الأموال، عسكر أو مدنيين، أو أن تموتوا ميتة الحياة، وتعيشوا أحياءَ عند ربكم ترزقون، أرواحكم في حواصل طيرٍ في الجنة إلى يوم يبعثون "وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَ‌ٰتًۢا ۚ بَلْ أَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" آل عمران 169. أنتم والله الفائزون، على أي الحالين أراد الله سبحانه.

      أيها المسلمون، قد خاطبكم الله سبحانه قائلاً "وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحْزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" آل عمران 139. فحذر سبحانه من الوهن. فإن لم يتم نصره آنياً، وهو آتٍ إن شاء الله، فلا تحزنون، وعلام الحزن، فوالله إنما يحزن من قعد عن الواجب وخذل عنه، ساعة يأتي نصر الله. ثم إذا هو يفرح يوم يتأخر عنكم النصر، وكأنما هو الفائز العاقل الأريب الناصح الأمين "وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَـٰبَتْكُم مُّصِيبَةٌۭ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَىَّ" النساء 72

      لا تتأخروا فيؤخِّركم الله، ولا تجزَعوا فيوكِلكم الله إلى أنفسكم، ولا تَعتَدوا، فقد خرجتم مُسالمين، مطالبين بحقٍ مغتصبٍ، بلا سلاح ولا عتادٍ إلا إيمانكم، وما أشده من سلاحٍ في وجه من نزع الله منه الإيمان، وأسلم روحه إلى الشيطان.

      أيها الإسلاميون، سيروا في ركب مَشايخ الصدق والقوة، أمثال حازم أبو اسماعيل، وراغب السرجاني ووجدى غنيم وغيرهم، لا في ركب مشايخ الذلة والهوان، وأنتم تعلمون اليوم من هؤلاء ومن أولئك، فقد ميّز الله الخبيث من الطيب، في هذه الآونة الأخيرة، فأقام الحُجة على الجميع، ولم يدع قولاً لمُتخرصٍ، حتى لا يتعلل أحدٌ بالخلط والضبابية.

      أيها الإسلاميون، أنتم تدافعون عن حق، وهؤلاء العسكر يتشبثون بالباطل، فشتان ما بينكما. أنتم تدافعون عن حقكم، وحق أبنائكم وبناتكم في الحياة الكريمة الطاهرة، وفي أن تروا نصيبكم من الدنيا فلا تنسوه، وهؤلاء الشرذمة القليلون يدافعون عن غصبٍ اغتصبوه منكم ... من آبائكم، منذ ستين عاماً مضت، لم تمتلئ أعينهم ولا بطونهم ولا خزائنهم مما سلبوا ونهبوا. شاركوا المخلوع سنوات نهبه، وسّهلوا له أمر تهريب مسروقاته، وتواطؤا على عدم المساس به، إلا صورياً، لزوم الإستغفال، ومن نحن بمغفلين. ثم أتوا اليوم يحاربوكم على حقكم. هذا والله لهو الخسران المبين.  لستم سواءا .. من سقط منكم فهو شهيد، ومن سقط منهم فهو طريد.

      ثم أعدوا للمواجهة ما يمكنكم، من طعام وشرابٍ، واجتمعوا في حٍلقٍ، لا ينفردن أحد عن مجموعته، ولا تبدؤا بعدوان، فإن الله لا يحب المعتدين، لكن دافعوا عن أنفسكم، فأنتم لم تبادروا بشرٍ، ولم تؤذوا نفساً.

      ويا أبناء جيشنا الباسل، لا تورّطوا أنفُسكم في دمِ الأبرياء من أهلكم وإخوانكم وعشيرتكم، من أجل رفعة طغمة الفساد "التسعة عشر"، ولا تَلِغوا في دم الشباب الذي لا يريد إلا الحرية لكم ولأهليهم. قِفوا معهم صفاً واحسموا الأمر، فأنتم منهم وهم منكم، لَعنَ الله من فرّقكما.