الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
نعلم أنّ الناس، والدعاة ناسٌ من الناس، ليسوا سواءا، بل هم على ثلاثة أصناف، منهم صاحب العزيمة، ومنهم صاحب الرخصة. منهم مقدم الأعذار ومنهم الساعي بالإنذار. ثم ثالثهم صاحب التّعللِ والتّحللِ، لا التعليل والتحليل، والفرق بينهما جدُّ جليل.
في هذه الأصناف الثلاثة، صاحب العزيمة، وصاحب الرخصة، والمُتعلل المُتحلل، جاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابي هريرة رضى الله عنه "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" متفق عليه. وقد صرح الحديث نصاً بفئتين من الثلاثة، وإضماراً بالفئة الثالثة.
فالأولى هي فئة من يتحدث بالخير، ويأخذ بالعزيمة ويسعى بالتبشير أو يصرخ بالنذير، لا يمنعه من ذلك عائقٌ من العوائق التى تعترى حياة الناس عامة، مما هو من قبيل ما تجرى به العادات في الحياة، من خوفٍ على نفس ٍ أو رزقٍ، أو من ضَنٍّ بتجارة أو بيع. ومنهم في واقعنا اليوم، على سَبيل المثال لا الحصر، الشيخ الفاضل حازم أبو اسماعيل، والدكتور راغب السرجاني ومحمد القدوسي وكثير من أهل العلم والفضل.
ثم الثانية، وهي فئة من آثر الصمت، لعلة حقيقية أو عذرٍ مشروع، كمرضٍ أو ضعفٍ في النفس، فلم يتحدث بخيرٍ أو شر، ولزم الصمت، ولم ينتصر لفريق دون فريق، ولا لرأي على رأي. ثم إنه قدّم التعليل لهذا الصمت بكل صدقٍ وأمانة. وأضرب مثلاً بذلك من هو من أصحاب المرض وهو كذلك ممن يتردد بين مصر وخارجها، فإن تحدث بما هو حقٌ، خشى الإمتناع عن الخروج، أو السجن والحبس، وهو ما لا يقدر عليه مثله، فلجأ إلى الترخص، مع التعليل والتحليل لمواقفه. وأحسب من هذا الصنف الدكتور صلاح الصاوى، الذي لم نسمع له حِسّاً، سلباً ولا إيجاباً في هذه الأحداث الجليلة التى تمر بها البلاد، بل والذي تجنب السؤال عن بعض أحبائه ورفاق عمره لمّا تعرضوا لمحنة الإيذاء واوققعوا موقع الإتهام في بلاد الغرب. فكان ممن توغل في الرخصة واستعصم بالصمت وتجنب القلاقل.
ثم، يأتي دور من لم تجعل الشريعةَ السمحة له مندوحة، فلا هو قال وبيّن، ولا هو صمت وتأخر. بل هذه الفئة الثالثة هي أسوأ هذه الفئات، وهي التي يقع عليها الذم، بأنها لم تأخذ لا بعزيمة ولا برخصة، بل تحدثت بغير الحق، ونطقت بغير الصدق، ونصرت مذاهب الباطل، معرفة وتحققاً.
هؤلاء الذين خانوا أمانة الكلمة، فتكلموا بها، أو التووا بها، مظهرين إرادة الحق والخير، مضمرين إرادة الذل والهوان، والضعف والإستكانة، هم من لم يعملوا بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يدّعون أنهم من السّلف، بل ومن أصحاب الحديث! لم يقولوا الحق، ولم يصمتوا عنه، بل تحدثوا بعكسه، بل وصفوا من تحدث به بالمُخرّب، كما قالت بعض قيادات الإخوان عن الشيخ الفاضل حازم أبو اسماعيل أنّ الله سيحاسبه على ما يفعل! إذ يضيع عليهم فرصة الفوز بمقاعد مجلس العار الجديد، تحت مظلة العسكر.
ألا تروا يا قوم أن المخلوع في إجازة "مدفوعة الأجر" كما قال فهمى هويدى بحق؟ ألا ترون أن الأمورَ تسيرُ إلى أسوأ مما كانت عليه قبل 25 يناير، بكثير؟ ألا تروا أن إنتخاباتكم المزعومة ستكون حرباً عليكم، وعلى الشعب المسكين المستكين؟
يا شباب الإخوان، ويا شباب السلفيين، لا تغترّوا بمن خالف وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يقل خيراً ولم يصمت. وأخرجوا لوقف تدهور الموقف إلى ما لا يمكن الرجوع عنه. هذا وقتكم، وهذا أوانكم، مع إخوانكم من بقية أهل السنة والعامة من المسلمين، ممن صلحت فطرتهم، فما ساروا وراء أي شيخٍ ولا اتبعوا عمامة.