الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
لا أدرى ماذا اعتراني حين سمعت نبأ أنّ عدو الله والناس الثاني "على السلمي" قد أعلن أن المَبادئ فوق القرآنية التي أعلن عنها من قبل، في طريقها إلى طاولة المُداولة استعداداً لإعلانها. نوعٌ من هبوط الطاقة، وتسارعٌ في دقات القلب، واضطراب في الأفكار المتتابعة في العقل. هذا ما يحدث حين تترقب أمراً وشيكاً، كان قابعاً في زوايا النفس، خائفاً يتربص، لا يريد أن يُفصح عن نفسه، خَشية أن يتحقق على أرض الواقع، إن خرج إلى حيز النقاش.
وقد كنت آملُ، أملاً لا دليل عليه، أن يكون هذا الموضوع قد "خَد الشرّ وراح"، كما تقول العامة، ولكن، الحقيقة الصادمة تتكلم، أنّ أهل الشرّ والعدوان، لا يُسكتهم النباح والعويل، بل يُسكتهم القراع والصليل.
القوم لهم هدفهم الذي لا يحيدون عنه، لا محاورة ولا مداورة، ولا مجاملة لأحد. القوم يؤمنون بالشيطان، ويعادون الرحمن، ويريدون أن يجعلوا مصر بلداً علمانياً لادينياً أولاً، ثم بلداً محكوماً بالعسكر ثانياً.
هذا الأمر هو طامة كبرى، يكرّسها حكم العسكر الذين لا يزالون مُسيطرين على دفّة الحكم في مصر، بلا أدنى رغبة في تخفيف هذه القبضة، بله إطلاقها.
والعجيب أنه ليس من المعلوم المحدد، من هي تلك "القوى السياسية" التي يجلس اليها ذلك المأفون السلميّ، أو ما هو جدول أعمالها، ومن هم الذين وافقوا على مبدأ وضع هذه المبادئ أساساً. فهي لجنة ذاتية مفبركة، توحى للشهب أن هناك مناقشاتٍ ومحاوراتٍ، وأنها جدية لا كرتونية، ثم إذا بالدستور قد قيدته تلك المواد، وفقد الشعب قوله في دستوره، وانحصر عمل ممثليه الشرعيين في تفصيل ما قُدم اليهم، دون خروجٍ على محتواه! فيالها من ديموقراطية، ويالها من شرعية دستورية، وياله من حكم الشعب لنفسه!
ولاشك أن التوقيت الذي رجع فيه هؤلاء المرجفون إلى إحياء هذا الأمر، محسوب مدروس. فقد علموا أنّ ما يدعى بالتيارات الإسلامية مشغولون عن المضى قدماً بالثورة إلى أهدافها وبالشعب إلى تحقيق آماله، باللهاث وراء كراسى المجالس الكرتونية الجديدة، كما صرحوا أنفسهم به، وكما صدرت خيانتهم للشيخ حازم أبو اسماعيل في محاولاته لإنقاذ الأمة من الطغيان اللائح.
هذه المواد فوق القرآنية التي يريد الخونة إصدارَها، رغم أنف الشعب، هي المسمار الأخير في نعش ما أطلقوا عليه ثورة 25 يناير، وهي إنهاء لذكرى الإنتفاضة الشعبية التي حدثت في ذلك التاريخ. تسعة أشهرٍ لا غير، تمكنوا فيها من إحباط هذه المحاولة المجيدة، واستغفال الشعب كله، وترويض "الإسلاميون" الذين باعوا الأمانة رخيصة، واستمرأوا الخنوع والذلة والإستكانة، واستسهلوا الركون إلى الذين ظلموا.
اللهم إلا أن يقوم الشباب المسلم، بقيادة من أبرأوا الذمة من هذا التلاعب الأثيم، من الشيوخ الأفاضل العاملين، فانتفضوا في وجه هذا العدوان على الشعب وعلى مقدراته، وحياته، وعلى دينه وشريعته، ورضوا أن يقدموا الغالي والنفيس في سبيل الله ودينه ورسوله، وأن لا يتبعوا خطوات الشيطان، ومن والاه ممن تبرأ من مبادئه، وانخلع من مُسلماته، التي ظل يدعو اليها دهراً، ثم إذا به يتنكر لها، ويدهل ساحة السياسة الوضعية، مستبدلاً البدلة و"الكرافت" بالجِلبابِ والغترة!
الأمل في هذه العُصبة الواعية، التي ستتحرك إن شاء الله في 18 نوفمبر، لتضرب على يد الظالم، لتزدجره عن الباطل زجراً، وتأطره على الحق أطراً، والله معهم، هو مولاهم ونعم النصير.
2 نوفمبر 2011
(دونت المقال قبل إعلان مجلس العسكر نية إصدار الوثيقة في الساعات القادمة)