الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
بعدما دوّنتُ مقال اليوم، والغد، قرأت خبر خروج الأقباط في تظاهراتٍ لإسقاط المُشير. قلت لنفسى: والله إن في هذا لتمويهٌ وتزييفٌ خطيرٌ، قد يجُرّ القادة والمشايخ الإسلاميين إلى مواقفٍ أكثر راديكالية في تثبيت حكم العسكر والولاء لهم. أليست النصارى ضِده، ويهتفون بسقوط رأسه؟ الخير إذن في عكس ما تريده النصارى. هكذا، بمثل هذا المنطق الصبياني البسيط. وهو ما ستقبله جموع شبابهم بلا تمحيص ولا مراجعة. فما كان إلا أن شرعتُ في محاولة استدراك هذا الخَلل، وما أكثر مواضعه التي يجب أن تستدرك، لكنه جهد المقلّ على أية حال.
أولا، وكَمبدأٍ عامٍ، قد يتفق فريقان متناقضان في الأيديولوجية والمَرجعية والعَقيدة والتوجّه، في تفصيلٍ من التفاصيل، بل وفي هدفٍ من الأهداف في بعض الأحيان. وهذا لا يعنى، بالنسبة لأيّهما أي شئ، أكثر من ظاهرِه. وفي بعض هذه الحالات، يزن الفريقان مدى أهميةَ وقوة الإتفاق وحدوده، ومدى جدوى العمل على السير في طريقه معا، لإدراكه، مع مراعاة الضوابط الشرعية إن كان الأمر يتعلق بشأن الإسلام والمسلمين. ومن هنا تنبُع بعض تلك التحالفات "السياسية"، التي تنجح حيناً وتفشل أحياناً أخرى، وما ذلك إلا لعدم الدّراسة الواعية لتلك النقاط، منها ما نرى في تلك التحالفات الهّشّة التي يدخلها الإخوان مع العلمانيين، ثم يخرج منها العلمانيون بأسرعِ ما دخلوا.
المسلمون والنصارى يُريدون أن يهتِفوا بسقوطِ المَجلس العسكريّ، ولكن لكلٍ وجهةٌ هو موليها في هذا الأمر. النصارى لا يريدون حقيقة أن يسقط المجلسُ العسكريّ. وهم يعرفون أنه مَدعوم من أمريكا، وليّتهم وحاميتهم بزعمهم. كما يعلمون أنّ هذا المجلس يعمل جاهداً ليكرس العلمانية التشريعية في مصر، ويفرض سيطرته الدائمة على البلاد والعباد، وإن جاء رئيسٌ مَدنيٌّ ذو مسؤلياتٍ مَحدودة ومُحدّدة. وإنما هذه الهتافات، وهذا الصراخ والعويل، إنما هو بغرضِ الضغط على الغالبية المسلمة لقبول اية تعديلات مجحفة بالمسلمين، معينة للنصارى، بتأمين مبررٍ للمَجلس العَسكريّ لإصدار مثل هذه التشريعات، لا الضغط عليه.
أما المسلمون، وهم بقية أبناء الشعب، بنسبة 95%، فهم يحتاجون أن يهتفوا ضِدّ مجلس العَسكر، وأن يعملوا على إزاحَته من الحُكم على الفور، لتأمين حُكمٍ شَرعيٍّ عادلٍ متزنٍ، يأخذ بيد هذه الأمة، ينتشلُها من الحَضيضِ الذي اداركوا فيه على يدِ الحُكم العلمانيّ الديكتاتوريّ الفرديّ الفاسد، خلال العُقود الستة الخالية.
ومن الواضح أن الغرضين لا يلتقيا ولا يتماسّا، على أي مِحورٍ من المحاور، أو في أيّ نقطةٍ من النقاط. ومن الواضح أنه، وإن كان من الحكمة ألا يتدخل المسلمون في هذا الاشتباك حتى تنجلي الصورة، إلا إنه يجب علينا:
- أنْ نعرف أنّ المجلس العسكريّ لا أمان له ولا حبيب ولا وليّ إلا الأمريكان والصهاينة، وأنه لابد أن يعمل المسلمون على أسقاط المجلس، لا الجيش، وتحويل السلطة إلى أيدٍ مدنيةٍ أمينة على دين الأمة وأبنائها، بالقوة والتضحية إن لزم الأمر، كما هو ظاهر.
- أن للنصارى يومٌ أتٍ قريب، يلقَّنون فيه درساً لا ينسَوْنه أبدا في مُستقبل حياتهم القادمة في مصر. ولا تغرنّكم فزّاعة الأمريكان، فهم والله أضعف ما يكونوا في أيامنا هذه، إقتصادياً وعسكرياً، بعد إنهاك عشرة سنين من الحرب الخاسرة في أفغانسان والعراق، وبعد أن قضَت الصهيونية الرّبوية على مَصادرهم المَالية القومية، وأغرقتهم في ديونٍ يصعب على العَقل تصورها، وهو ما نأملُ أن يدفع بأحد رؤسائها في يوم قادم لا محالة، أن يقف منهم موقف هتلر، بعد أن أغرقوا المانيا بالديون عقب الحرب العالمية الأولى. ولعل بشائر ذلك لائحة في تلك التظاهرات التي تجرى هذه الأيام في واشنطن ونيويورك، تهاجم الإقتصاد وتطالب بالعدالة الإجتماعية! أمرٌ تشهده أمريكا لأول مرة في تاريخها الحديث.
القصد، أن ينتبه المسلمون لردود أفعالهم على مثل هذه التحرّكات، فهي أفعالٌ محسوبةٌ مدروسة مُخطّطة، ولينتبِهوا لردود أفعال المَجلس العسكريّ، الذي يطبق قانون الطوارئ على المسلمين دون النصارى، عملاً بأوامر أسياده في البيت الأبيض. وإلا فكيف يترك هذا الكلب الذي يدعونه شنودة، وبقية كلابه المُحرّضين على هذه الأحداث، طلقاءً أحراراً، بينما يُحبس أبو يحي وخالد حربي؟ ألا لعنة الله عليهم من تسعة عشر!
الصورة منقولة عن facebook