فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      فك الحصار وإسقاط الجدار

      الدرس الأول والآكد من عملية إسقاط جدار رفح هو القوة الهائلة التي تتمتع بها الشعوب إن أراد أفرادها أن يسقطوا نظاماً ظالماً وضع للتحكم في حياتهم وتكبيل حريتهم، تماما كما كان حال جدار العزلة والفرقة في رفح. والعجب أن الشعوب لا تدرك هذه القوة الهائلة التي يمكن أن تنطلق منها فتصلح إعوجاج المعوجّ دون هرج كثير أو سفك دماء أوتدمير ممتلكات. بل الأمر يكمن في خروج الكافة والتصدى للظلم في الشارع والميدان، وهو أمر لا يمكن لأي قوة بوليسية أو أمنية أن تصدى له، فكيف التصدى لمئات الآلاف أو الملايين من البشر إن زحفت زحفة واحدة لا يثنيها عن غرضها ثان. ولم تتمكن مصر بجيوشها المعدّة لقمع أهليها ولا القوات الصهيونية من الحيلولة بينها وبين حريتها الهضيمة.

      والرئاسة المصرية، التي أنكرت حق العبور على الفلسطينيين أولا، خضعت لإرادة الجماعة المتحدية العازمة، وخرج رأسها يعلن، بعد سقوط الجدار بالفعل، أننا "لن نسمح بتجويع الفلسطينيين"! موقف بطولي مصطنع تحت وطأة الإرادة الفلسطينية، ومن المعروف أنّ اتفاقيات كامب دافيد تنصّ على عدم وجود أية قوات للجيش المصري في سيناء، إلا بعض قوان الأمن التي لا تتجاوز ألف شرطيّ أو ما إلى ذلك، مما لا يمكن له التصدى للجماهير الفلسطينية الزاحفة.  فلم يكن أمام الرئاسة المصرية مخرج إلا القبول بالأمر الواقع وإخراجه في صورة الوطنية المتصدية للظلم الصهيونيّ. ثم يأتي القرار الأخير بتفضيل تولىّ الرئاسة الفلسطينية، صاحبة الأقلية الفلسطينية، العلمانية البهائية الموالية صراحة للعدو الصهيونيّ الصليبيّ، الصامتة على هذا الحصار إلا من كلمات فارغة لا تحمل دَسَماً، تفضّل الرئاسة المصرية أن تشرف هذه الهيئة العميلة على المعابر، وهو الأمر الذي رفضه الجميع حتى العدو الصهيونيّ الذي يعرف أن هذه الهيئة العميلة لا قوة لها على فرض نظام على الأغلبية الفلسطينية.

      وهذا الموقف المصري الرسميّ لا يعبّر عن الموقف المصريّ الشعبيّ الذي وقف إلى جانب الإخوة في غزّة ورفض الخنوع الرسميّ للصهاينة، وإن كان الأولى أن تتحرّك الجماهير المصرية إلى العريش لتشارك في هدم الجدار وفكّ الحصار... ولكن كلّ آت قريب ...

      د. طارق عبد الحليم