نشرت جريدة التورونتو ستار الكندية[1] اليوم نبأ بعنوان "طول الجونلة يفزع سلطة المطار"، مفاده أن إحدى العاملات بجهاز الأمن بمطار تورونتو، وهي مسلمة اسمها حليمة ميوس والبالغة من العمر 33 عاما – مطلقة وتعول ولداً واحداً ، قد أوقف راتبها إلى أجل غير مسمى، وأُبلغت بإيقافها عن العمل بسبب رفضها أن ترتدى "الجونلة" بالطول المنصوص عليه في اللباس الرسميّ للشركة وهو عند حدّ الركبة. وقد قامت حليمة بتفصيل بديل بنفس الشكل والتصميم ولكن يصل إلى الكعبين. فما كان من الجهة المعنية إلا أن رفضت هذا التبديل رغم أنّ الموظّفة قد شرحت لهم الحدود التي يتيحها لها دينها وأنها مسلمة ملتزمة، قالت "إن هذه الجونلة ليست مختلفة عما يقررونه، إنها فقط أطول قليلا". وقد استمرت الموظفة تلبس هذا اللباس حوالى ستة اشهر إلى أن بدأت ملاحقتها بأن أوقفت يوما عن العمل في أغسطس ثم ثلاثة ايام بعدها إلى أن أوقفت عن العمل كلية. وقد صرحت آن بيكل، المحامية أنه "في مثل هذه الحالة يسهل على المُوظِف أن يسمح بمثل هذا التغيير إذ ليس فيه أيّ خطر أمني أو خلافه". وقد رفضت الجهات المسؤلة عن إعانة "عدم التوظف" أن تدفع لها ماتستحق على أساس أنها هي التي تسبت في ترك العمل وإنه يمكنها أن تستمر في تلقى راتبها إن لبست "تحت الركبة"! كما كان ذلك هو جواب هيئة الإعانة الإجتماعية الكندية.
لا أقول أنّ هذا هو الأساس في التعامل مع المسلمين في كندا بشكل عام، فاللحقّ، إن هناك كثيرات من العاملات في أماكن مختلفة مرتدياتٌ حجاباً أو لباساً كاسياً دون مضايقات تذكر، ولكن هذا الموقف من جهة حكومية يثير تساؤلاً وهو إن كندا هى أول الدول التي اعتمدت مبدأ "التعددية الثقافية" Multiculturalism وتعنى بذلك قبول التعايش بين الثقافات المختلفة بناءاً على الإحترام المتبادل وقبول الآخرين في حدود ما لا يمسّ الأمن القومي. وببساطة، فإن ذلك المبدأ يهتم بتأمين وحماية الحرية اللازمة للأقليات في هذا البلد، من أجل التعايش السلميّ مع إحتفاظ كلٌّ بثقافته الخاصة. ولا ندرى كيف تمسّ بضع بوصات من القماش، تمتد من الركبة إلى الكعبين، بالأمن القوميّ أو تخلّ بالهرمونية العامة للمجتمع!
ولا ندرى كذلك ما يكون الموقف إن طلبت إحدى الجهات الحكومية في مصر موظفة نصرانية بأن تلبس الحجاب تمشياً مع الجوّ العام للعاملين بصفتهم أغلبية مسلمة. والله لقامت الدنيا ولم تقعد، ولإتهمت الدولة كلها بالتعصب الدينيّ، وللجأت الموظفة النصرانية، ومن خلفها كنائس النصارى في أنحاء البلاد، إلى مناصريهم في الغرب يستجدون المساعدة ضدّ هذا التطرف البغيضّ! إلا أن هذا الأمر الذي حدث هنا في دولة غربية لم يثر رأيا عاما دولياً ولم يستثر مسلماً في الشرق ولا في الغرب!
ونصيحة لسلطة المطار الكندية ، أن تلجأ إلى أيّ من مفتى الديار "على جمعة" أو شيخ الأزهر "الطنطاوى" ليدلوا بدلوهما في هذا الموقف بتجريم المرأة المسلمة التي تعارض ما استقر عليه العمل في "بلادهم" وخروجها عن العادات المتبعة!
[1] http://www.thestar.com/News/GTA/article/277286