فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الإنتخاباتُ المصرية .. بين فُحْشِ النظامِ وغَباءُ المُعارضَة

      تتمتع المعارضة المصرية بقدرٍ عظيم من الغَباء السِياسيّ، في مواجهة نِظامٍ يتمتع بدوره بفُحشٍ أخلاقيّ يصل إلى درجة الكفر، مما يمكنه من فِعلِ ما لا يتخيل الأسوياء من الناس فِعلَهُ. هذه التركيبة المصرية – غباءٌ يقابله فُحشٌّ – هو ما أدى إلى الواقع التي تعيشُه مِصر الآن إباّن وقت ما يُسمونها الإنتخابات.

      فالمعارضة لم تتخذ موقفاً واحداً سواءً بالمشاركة أو المقاطعة، بل آثر بعضَها المُشاركة، كالإخوان والوفد – على إختلاف بينهما في سبب المشاركة - رغم ماهو مَعروفٌ مؤكدٌ من تزوير نتائِجِها لصَالح المَجلسِ المُتَحَكِّم، وهو غباء سياسيّ مؤكد، إذ أصبغ على مهزلة الإنتخابات شرعية تساعدها على تحسين صورتها وكأنما قطاعات الشعب قد شاركت وقالت كلمتها، وهي النصرُ الساحقُ للنظام المُتَحَكِّم. وآثر بعضُها المقاطعةَ، وهو تكتيك افضل وأذكى ممن شارك في هذه المهزلة، إذ المُشاركة في مهزلةٍ هزلٌ ولا شكّ.

      لكنّ الأمرَ أنّه بينَ المشاركين والمقاطعين، فالرابح الأول هو النِظَام المُتَحَكِّمِ، إذ قد أخذ من المُعارضَة ما أراد، مُشاركين ومُقَاطِعين. فقد صَار المُشاركون ورقةُ الشَرعية التي يحمِلها النظامُ في وجه المُعارضة ذاتها، وصار المقاطعون دليل السَلبية التي يزعم النظام أنه يحاربها.

      ومشاركةُ الإخوانِ تمثلُ أغْبى هذه المواقف قَاطِبَة، وأكثرها مُعاونة للنظامِ المُتَحَكِّمِ على تَحقِيق مآربه، إذ إن للإخوانِ قوةٌ وثقةٌ في الشارع المصريِّ، ومشاركتهم، رغم علمهم القطعيّ بالتزوير لا يحتمل إلاّ أحد أمرين، أنهم شُركاء للنِظَام المُتَحَكِّمِ في فُحْشِه وإجرامه، أو أنهم آية في الغَباء السِياسيّ، ومن ثمّ لا يَستحقون ثقةَ الشارعِ المصريِّ البتة. والأخير هو إختيارنا المُفَضّل.

      ومشاركة الوفد هي من قبيل التعاون مع النظام المُتَحَكِّمِ، ومُعاونته في الوصول إلى ما يُريد من تَأبيد عائلة مُبارك في الحُكم، على أن يكون لهم قطعة من الغنيمة تتمثل في عدد محدود من المقاعد. وماذا نتوقع من أمثال السيد البدوى، المليونير رَبيبُ النظامِ وأحدُ عُمَلائه!

      أما مُقاطعة المُقاطعين، فهي من قبيل الواقعية التي ترى أنّ النظام لا يريدها للوصول إلى أغراضه، ومن ثم لن يتيح لها فرصة مهما ضؤلت للفوز بأي مقعد. وهم – على كلّ حال – أفضل بكثير ممّن شَارك من باب "عدم التولى يوم الزحف!"، وهو المُبرّر الشَرعيّ المُضْحِك الذي خَرجَت به الإخوان على النَاس تبريراً للمشاركة.

      وبين المشاركة والمقاطعة، فإن النتيجة محسومة، وقد وقّع عليها أعمدة النظام المُتَحَكِّمِ، بما فيهم قيادات الجيش الذي – كما يظهر – قد شارك في رسم مستقبل مصر السياسيّ تحت ولاية عائلة مبارك، وتحت سيطرة أصحاب رؤوس الأموال والكنيسة.