فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      هل حَمى المَجلس العسكريّ الثورة؟

      الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم

      يتردد على لسان الكثير من المصريين، ومنهم الإسلاميين، أن "جيشنا حمى الثورة"، وانه لم يقم بما قامت به جيوش ليبيا وسوريا واليمن، في مواجهة الثوار. وهو ما صرّح به العسكريون مراتٍ في بياناتهم لوسائل الإعلام، مَنّاً على المصريين أن لم يقتل الجيش أهله واقاربه. وهذا أمر غاية في التضليل والتزييف. قادة العسكر، أعضاء المجلس العسكريّ المُعَيّن من قبل مبارك، يعرفون تماماً أن الجيش المصريّ ليس جيش ليبيا، ولا سوريا ولا اليمن.

      الجيش السورىّ جيشٌ طائفيّ علوى، يدين بديانة حكامه من العلويين الكفار. وقد إختارتهم القيادة العلوية في سوريا على عينها، قادة وجنوداً. والعلويون في سوريا أقليةٌ، أشبه بالنصارى في مصر، لا تزيد نسبتهم على 10%، إلا أنهم مسيطرون على مصادر القوة ومناصب السلطة. وقد أحكموا سيطرتهم على الجيش منذ تولىّ حافظ الأسَد السلطة كأولِ رئيس علوىّ لسوريا، عام 1970، بعد صراعاتٍ دامت منذ سقوط البيت الهاشمي عام 1920. ومن هنا، فلا وجه للمُقارنة بين الجيش المصريّ والجيش السورى. الجيش المصريّ مسلم العقيدة، سنيّ المذهب، ينتمى ويدين بولائه النهائيّ لأبناء الشعب كافة، لا لطائفة منهم. ومن ثمّ، فلا يمكن للقيادة العسكرية، وإن كانت علمانية، أن تجعل أبناءالجيش يقتّلون الشعب، إذ هم لُحْمَة واحدة، ليس كما في سوريا.

      والجيش الليبيّ، استغفر الله، الجَيش القذافيّ المُرتزق، ليس بليبيّ اصلاً، إذ إن القذافيّ قد تعمد إضعاف الجيش الليبيّ، واعتمد على كتائبٍ تتشَكل من مُرتزقة أفارقة وعناصر غير مسلمة، بدلاً من الجيش الليبيّ. من هنا فلا وجه للمقارنة بين الجيش المصريّ والجيش الليبيّ. الجيش المصري وطنيّ ينتمى أفراده لمصر، جنسية ولساناً، بينما لا وجود اصلاً لجيشٍ ليبيّ، بل هي كتائبُ القذافي المرتزقة، تضرب شعب ليبيا بلا رحمة.

      أما اليمن، فإن جيشه لم يقتل أبناء الشعب، كما فعل جيش العلويين. ذلك أن تركيبة الجيش اليمنىّ، تعكس طبيعة الشعب اليمنيّ ذي القبلية الحادّة، ولذلك رأينا إنفصال أفرادٍ ووحداتٍ وكتائبٍ عن الجيش، وانضِمامهم للثورة. كذلك رأينا كيف أن الجيشَ كان أضعفَ من أن يَحمى على عبد الله صالح من هجومٍ كاد أن يودى به، وأدى إلى حرق وجهه وجسده، وخروجه من اليمن كلها. إذن، ليس من الإنصاف الحديث عن الجيش المِصري مقارنة باليمنيّ. الجيش المِصري جيشٌ متجانسُ غير قبليّ، يأتمر بأوامر قادته، إلا إن خرجت تلك الأوامر عن المَعهود والمَقبول.

      فمن التنطّع والتحيّز والجَهل أن نُروّج لقول أنّ الجيش حَمى الثورة، وأنه ربأ بنفسه، إختياراً، أن يفعل ما فعلت جيوش اليمن أو سوريا أوليبيا. الجيش لم يكن له حيلة في أن يقف هذا المَوقف من الشَعب، إذ عرف قادته أن أية محاولة للعنف بشكلٍ شديدٍ لسَحق الثوار، كانت ستُقابل بإحتمالات أقلها التمرّد العَسكرى، وأقصاها الإنقلابُ عليهم.

      ومن هنا، فإن قادة الجيش، المُوالين لمبارك، إتخذوا ما يمكِنهم عمله للسيطرة على الثورة، دون أن يفقدوا السيطرة على القوة الضاربة للجيش. فتركوا الشرطة تضرب الثوار، وحموا ماسبيرو، ومهّدوا الوقت والأداة لرموز الفساد أن يضبطوا أوراقهم ويهرّبوا أموالهم، وعيّنوا حكومة شفيق لتمرر هذه الخيانة، ثم قيدوا حكومة شرف حتى أصبحت ظِلاً لهم، وعينوا أسوأ المُحافظين ليتم لهم السيطرة، وأصروا على أن يُتِم عدو الله والشعب يحي الجمل مهمته في إصدار وثيقة العار العلمانية، ثم كلفوا اسوأ خَلق الله أسامة الغزالي حرب، لكتابة القوانين الدكتاتورية التي أسموها "فوق دستورية". ثم تراجعوا هنّة، أمام كشف الشعب لألاعيبهم، فأطلقوا بعضَ العنانِ لحكومة شرف. لكن، أكاد أجزم أن لا يزال في جعبتهم المزيد من الحيل سيحاولون تمريرها على الشعب. وستشهد الأيام على صحة ما نقول.