فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      خاطرة عن الفيسبوك!

      الحمد لله والصلاة والسلام على رَسول الله صَلى الله عليه وسلم

      لست أنتمى إلى جيل الشباب، الذي أصبحت حياته ترتبط بالتقنيات إرتباطاً أوثق من إرتباطه بالأهل والعائلة، حتى المقربين منهم. ومن هذه التقنيات، وعلى رأسها، الفيسبوك، الذي اثبت في الثورة المصرية، أنه اقوى اثراً واشدّ خطراً من شبكة العلاقات الإجتماعية التي تربّينا، نحن الشيوخ، على وسائلها وطرقها، والتي تعتمد على اللقاء وجها لوجه، لا "كيبورد لكيبورد"!

      المهم، خطر لي أن ما كان خطراً على الخلق والدين في وسيلة التواصل الإجتماعي القديم "وجها لوجه"، لا تزال تتمثلُ في وسيلة التواصل الحديثة "كيبورد لكيبورد". وما أوفد هذه الخاطرة إلى فكرى هو ما قدرت، في المرات التي منّ الله علي بها بدخول الفيسبوك، للحديث مع عدد من الإخوة الأحباب، من إمكانية وجود عددٌ من الأخوات الفاضلات العفيفات، ينشرن من المادة الفاضلة ما فيه شفاءٌ للصدور.

      قلت لنفسى: "لكن، إنّ أيّ من الأخوات الفاضلات يمكن أن تكون عضوا في جماعةٍ واحدةٍ "group"، مع عدد من الإخوة الأحباب من الشباب. وهذا يستتبعُ أن يمكن للإخوة والأخوات أن يقرؤوا ما ينشر أحدهم على صفحته، بل أن يتبادلا الحديث عن موضوعاتٍ شتى، تتعلق بما فيه دين وخلق". ولسبب ما، لم ترتح نفسى لهذا الخاطر.

      لم أكن يوما من المُتشددين في تصور أن العلاقة بين الرجل والمرأة مقطوعة مبتوتة، بل كنت أعيب على نساءٍ مسلماتٍ يمر بهن الرجل من الأصحاب، فيلقى السلام، فلا ترد عليه تورعاً، ثم إذا بها تتحدث بعد ساعة مع باعة السوق، ممن لا تعرف! والإسلام يحدّ حدوداً قد اضطربت في عقول الكثيرين، لعدم تحرير مُصطلح الإختلاط تحريراً جامعاً مانعاً، وهو ما ليس محله في هذه الخاطرة.

      إلا إننى أرى والله أعلم، أن تقتصر جماعات “groups” الشباب على الشباب، وجماعات الشابات على الشابات، لأسبابٍ عديدة، منها قوة الشيطان، وسعة حيلته وشدة دهائه، وسطوته على عقل المرء. وهو أمر عرفناه وخبرناه وجربناه، أعاذنا الله من شره. والشيطان يفعل بالوساوس الأعاجيب، وليس أحدٌ في أمان منه، لا في الخطرة ولا في النظرة، سواءاً بسواء. ثمّ إن من أمور النساء وخطراتهن ما لا يصح أن يطّلع عليه رجلٌ، وهذه خصوصياتٌ لا يجب أن تُهتك على الفيسبوك. وقد سألت نفسىى مرة أخرى، سؤالاً حسم الأمر فيما قررت، وهو: هبْ أننى رأيت زوجى تتبادل حديثاُ، عن أي موضوعٍ كان، مع رجلٍ على الفيسبوك، فهل ينتابني شعورٌ بالراحة وعدم الإكتراث، أم شعورٌ بالضيق والغضب؟ أأبارك هذا النوع من التبادل الكلاميّ، أم أطلب اليها، بأدب وحزم أن تكف عنه، وأن تجد لنفسها صديقة تتحدث اليها عن أمور الدين والخلق؟

      حاك في صدرى شيئ من هذا الأمر، ولعلى واهم فيه، فلست من رواد الفيسبوك الدائمين ولا حتى المقلّينن إنما أنا من رواده الملمّين به لماماً، لكن أردت أن انقل هذه الخاطرة إلى شبابنا، لعل منهم من ينتفع بها.