فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      همسة في أذن الشيخ أبو مريم محمد الجريتلي

      الحمد لله والصلاة والسلام على رَسول الله صَلى الله عليه وسلم

      في المقال الممتع، المنشور على صفحة مركز المقريزى، للأخ أبو مريم محمد الجريتلي، تحت عنوان " السياسة والعمل بالدستور العلماني الديمقراطي"، أشار الأخ الحبيب إلى الشيخ العلامة عبد المجيد الشاذلي، والأخ الشيخ محمد شاكر الشريف، وشخصى المتواضع، بما أخجلنا بداية، وأحزننا نهاية. والحقّ، أنني لا أقصِد إلى الردّ على أخي، فإن ما قال كله صحيحٌ غير مُختلف عليه، وهو في الجانب الموضوعيّ، تِكرارٌ لمَا ذكره كافة منْ إتخذ هذه الوجهة، من إستدلال بعموماتٍ لا يختلف عليها مسلمان. ومن ثم، فإننى أجد نفسى مضطراً أن أتجاوز عن موضوع المَقال، وأحيل القارئ إلى ما دوّنت في هذا الأمر، وهو كثير. إلا إننى أود أن أعلق تعليقاً قصيراً أتناول فيها نقطتين محددتين، أقدم لهما بهذه الفقرة من قول أخي أبي مريم: قال، جزاه الله خيراً:" 3. وأقرب منهم حالا "دعوة الشيخ عبد المجيد الشاذلي والشيخ طارق عبد الحليم والشيخ محمد شاكر الشريف" التي حمل أصحابها لردح من الزمن دعوة أهل السنة والجماعة يدافعون ويواجهون الباطل بكل أصنافه ولهم مواقف في مواجهة الطواغيت تحسب لهم عند الله والله حسيبهم لكنهم بضغط الواقع سنوات وسنوات ثم الانفراجة غير المتوقعة جعلت الخيار صعب هل نختار ما فيه تخفيف على الناس وفتح السبيل أمام الدعوة التي ظلت مضطهدة سنيين حتى من أبناء الدعوة وترمى بالتشدد والتكفير حينا وترمى باعتزال المجتمعات والحكم عليها بالكفر وكل ذلك بهتانا وزورا.. فقالوا نخرج للناس نبين دعوتنا ونصحح مسار العمل ونضع بصمة بما نحمله من فهم عقيدة السلف الصالح بلا شائبة فكان الخيار العمل السياسي بما فيه المشاركة في المجالس أو التأييد أو الانتصار للقول بالحجج التي طالما ذكروها وردوا على أصحابها بأقوى حجة فتخرج قصة النجاشي ويوسف عليه السلام وحلف الفضول ... وتظهر شبهة الخطاب الديني والخطاب السياسي لترسي عند الناس مبدأ الازدواجية في التصور .. ندرس للناس في مجالسنا التشريع كفر ولا يجوز المشاركة فيها والديمقراطية دين ونحن نكفر بكل دين يخالف الإسلام ثم نحن سياسيا نمارس الديمقراطية ( ولا نرضى بها في الباطن طبعا !! ) وأرى والله أعلم أن هذا نوع من الإرجاء عجيب نفصل الدين عن الممارسات العملية ونقول ممكن نعتقد بطلان شيء ونعمله .. علما أن أصحاب هذه الدعوة هم فرسان حلقة مواجهة الإرجاء في العصر الحديث فكيف غاب عنهم ذلك غفر الله لهم .." اهـ

      أقول إبتداءاً، إنني والشيوخ الذين ذكَر، لا نزالُ والحمد لله تعالى نحمِل دعوة أهل السّنة والجَماعة ما يقرب من نصف قرن، والحمد لله على المِنة والفَضل، ولا يكفي أن نُحْمَل بعيداً عنها بمقالٍ، إلا إن كان الأمر يجرى مَجرى الهزر واللعب. ثم لا أدرى كيف حَمل منطق الأخ أبو مريم قلمَه إلى تناقضٍ عَجيبٍ في القول، إذ كيف يقال إنه بينما كان ضغط الواقع شديداً وقبضة الظلم والكفر عاتية، لم يخضع من تحدث عنهم، بل واصَلوا مقاومة الظلم، ومن يُعاونه من المرجئة، كما شهد أبو مريم غفر الله له، ثم إذا إرتفع الضغط، وخفّت القبضة، إذا نحن نرتكِس إلى ما كنا نُحذّر منه في أيام الظلم والقهر! وليس لهذا المنطق لدي إلا أربعة تحليلات، تفسر تساؤله "فكيف غاب عنهم ذلك":

      1. أن نكون، نحن من متقاعدى شيوخ أهل السنة والجماعة، في غفلة، فلم نعد نفقه ما نقول، طعناً في السنّ أو خطلاً في القول.
      2. أن نكون، نحن من متقاعدى شيوخ أهل السنة والجماعة ، مصابون بعقدة إيذاءالنفس، فنتعرّض على الدوام لما يؤذينا، ونفِرّ مما ينفعنا.
      3. أن نكون، نحن من متقاعدى شيوخ أهل السنة والجماعة ، كنا طلاب شهرة، سعينا لها بالمخالفة في وقت الظلم والقهر، وبالموافقة حين أصبح الموافق ذا وجه أكثر قبولاً.
      4. أن نكون، نحن من متقاعدى شيوخ أهل السنة والجماعة ، لنا رأي فقهيّ أصوليّ مبنيّ على علمٍ صَحيح، ومنطقٍ صريح، مدعومٌ ببحث عقودٍ خمسة، وحكمة السنّ الذي يصقل القراءة ويوقعها على مناطاتها، خلافاً لأهل الحرف واللفظ، من حاملي علماً مُحدثأ، لم يتوجّه بحكمة ولم يصقل ببحث.

      ونترك للقارئ مهمة أن يُدرجنا تحت واحدة من الأربعة توجهاتٍ السابقة.

      الأمر الثاني، والأخير، هو انه لا أدرى أين تحاججنا بحزب الفضول؟ أو بحكم النجاشيّ أو سيدنا يوسف؟ ولماذا لم يقرأ الأخ أبو مريم ما ذكرنا من إننا لا نقول بحل المشاركة في المجالس النيابية، القائمة على دستور علمانيّ، بل قلنا، بغاية البساطة والوضوح، أن "إبداء الرأي بالقلم،، هو هو "إبداء الرأي بالقدم"، فيستوى من تظاهر لتحكيم الشريعة ومن دوّن ذلك على ورقة إستفتاء على تحكيم الشريعة، والمُفرق بينهما مُفرِقٌ بين متماثلين بتحَكم وهوى، خاصة، وأكرر خاصة، أن البديل هو سيطرة العِلمانية المُلحدة، ونجاح مؤامرة محو الدين من عقول الناس كما محوه من حياتهم. وهذا ليس أخذا بالمصلحة والمفسدة، ولكنه تحكيمٌ لوجوب حفظ الدين، لا يفقهه إلا من اضطلع على أقوال العلماء، خاصة بن عبد السلام، والجوينيّ والقرافيّ والشاطبيّ وضربائهم، ونظرَ فيها نظر التحقيق لا نظر التحليق. أما مشاركة المجالس النيابية فلا تحلّ حتى يكون دستوراً يعتمد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مرجعاً أوحداً، هذا وإلا فقد صدق أبو تمام:

      السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحدُّ بين الجد واللعب