فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الفضائيات العربية والعمالة الأمريكية

      ظاهرة انتشرت مؤخراً في عدد من الفضائيات العربية التي تبثّ في الغرب الأمريكيّ كقناة آرت أمريكا، وهي بثّ إعلانات للجيش الأمريكيّ و الCIA و الِFBI وبعض المؤسسات المخابراتية مثل SOSi تبعث على السخرية من ناحية وعلى الأسى والحسرة من ناحية أخرى. وموضوع هذه الإعلانات هو محاولة تجنيد عملاء عرب، ممن هم من جلدتنا ويتحدثون بألسنتنا، للتجسس على أبناء جاليتهم العربية أو للإيقاع بأبرياء ممن لا يزالون يؤمنون بديموقراطية الغرب ويتحدثون بما يرونه من بشاعة العدوان الأمريكيّ في العلن.

      يبدأ أحد هذه الإعلانات بصورة جنود الإحتلال حاملين السلاح ضد أبناء وطن عربيّ ثم يتلو ذلك صور حمامات سلام! ثم يظهر عدد من مواطني العرب يتحدثون عن السلام والأمن، أمن الأراضي الأمريكية، وكأنّ الأراضي الأمريكية هي التي ترزح تحت العدوان، وكأنها هي التي يحميها الجنود المدججون بالسلاح، لا إنهم معتدون محتلون مغتصبون يُثمّنون بأرخصِ من سعر التراب الذي يمشون عليه في اي بلد عربيّ.

      وتعرض الإعلانات على أبناء الجالية العربية وظائف مترجمين في أمريكا أو في العراق بدخول خيالية تصل إلىUS186,000 في السنة! ويسأل السائل: ما المقابل؟ ما مقابل أن تدفع المخابرات الأمريكية مثل هذه المبالغ لمن ليس له مؤهل إلا التحدث باللغتين العربية والإنجليزية؟ وأعمال الترجمة العادية لا تعود على أصحابها بما يقيم أود عائلة بله أن تعود عليه بمثل هذا المبلغ الذي يماثل دخل طبيب متخصص أو رئيس مجلس إدارة شركة كبرى؟!

      الأمر إذن هو أبعد من مجرد الترجمة، هو تجنيد من هم من جلدتنا ويتحدثون بألسنتنا من ضعاف النفوس ومهترئي الضمائر ومنعدمي الإيمان ليتجسسوا لصالح المخابرات ويندسّوا بين أبناء جاليتهم يتحسسون الكلمات ويتصيّدون الألفاظ، ينسجون منها مؤامرات على شاكلة مؤامرة "الإرهاب في كندا" التي ظهر مؤخراً أنها صنعة ال CSIC المخابرات الكندية بالتعاون مع المخابرات الأمريكية عن طريق الجاسوسين الهندي والمصريّ اللذين جندا لهذا الغرض.

      والجانب المحزن في هذا الأمر هو استهتار هذه الأجهزة بالضمائر العربية ومحاولاتها المكشوفة لإستدراجها بما لم نتعود رؤيته مع أي جالية أخرى من قبل. وهي طريقة جديدة للحرب على الإسلام والمسلمين، التلويح بالمال عياناً، أخسّ الطرق وأحطها لسبك المؤمرات وتلفيق الإتهامات ضد الأبرياء.

      وما نريد أن ننبه اليه ابناء الجالية المسلمة أنّ أمر هذا العمل ليس مجرد خيانة لأبناء الوطن الأم فحسب وليس تمكيناً للعدو من أن يقتل ويشرّد ويغتصب أبناء جلدته، وإنما هو خيانة لله ورسوله، هو أمر إيمان وكفر، هو ولاء لأعداء الله وإنضواء تحت لواء حزب الشيطان. أنظر إلى قول الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدى القوم الظالمين" المائدة 51، والولاء هنا لا يعنى عدم التعامل معهم أو البر بهم، ولكن يعنى مناصرتهم على المسلمين وإطلاعهم على خباياهم مما يعرض المسلم والأمة الإسلامية للضرر، وهو إسقاط للتوحيد وخروج عن الملّة. والآيات في هذا المعنى يزخر بها القرآن الكريم بما لا يحتمل تأويلا أو إلتواءاً.

      فليحذر هؤلاء الذين يستمرؤن اللقمة السهلة المحرّمة فهي حسرة وندامة وهم ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا ينشّؤون أبناءهم إلا بالمال الحرام وبئس ما كانوا يفعلون، هذا عدا تحقير المسلمين لهم وزرايتهم بين أبناء جاليتهم، ومثال ذلك ما حدث من ذلك الجاسوس المصري الفاجر الذي باع ضميره للمخابرات الكندية وافترى الكذب على عدد من أبناء المسلمين ثم كان أن إختفى إلى مكان بعيد لا يعرفه فيه أحدٌ منبوذاً محسوراً، ونسىَ أنّ اسمه معروف لدى العديد من المسلمين وأن العار سيلاحقه وأهله حتى يوم أن يُحشَر وهم إلى جهنم داخرين. ولا ينسى من يبيع نفسه ليشترى بدينه ثمنا ً قليلاً أن الله يُمهل ولا يُهمِل "وما كان ربّك نسيّاً" مريم 64.