الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
مرة أخرى، أعيد ما ذكرت من قبل، وكـأنما أصْبحت الإعادة عادة لا إفادة، أن المجلس العسكرى لن يسمح بدستورٍ يرتضيه الشعب المسلم. لن يرتضى العسكر أن يترك الشعب يختار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور دون تدخلٍ لإفسادها، تماما كما كتبنا في 23 يونيو 2011 ، تحت عنوان "الجيش والدستور" من إنّه " تشير كافة المؤشرات والدلائل إلى أنّ الجيش لن يُمرّر عملية وضع الدستور عن طريق الأغلبية، من خلال لجنة ينتخبها مُمثلي الشَعب في البرلمان. فالجيش يَعلم، كما يعلم مُزيفي الديموقراطية من العلمانيين اللادينيين، أن الأغلبية المِصرية مُسلمة، تريد تحكيم شرع الله في الأرض. وهذا لن يوافق عليه الجيش، طواعية." http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-18183
المَجلس العَسكرىّ هو مبارك، بشحمه ولحمه، بجهله وغروره، بغبائه وغطرسته، بديكتاتوريته وفساده. وقد ذكرنا في مقالنا المُشار اليه، أنّ العسكر إنما زَرعوا عدو الله والشعب يحي الجمل للقيام بدور بن سلول، حتى يُصدر ما لفقه مع مجموعة من ملاحدة مصر، تحت اسم "وثيقة الوفاق الوطني"، وفيها ما أسموه "مبادئ فوق دستورية"! وعلى رأسها أنّ اللادينية العلمانية لا يمكن تعدّيها ولا تخَطيهان وأنها ستكون المبدأ الأساس في العقد الإجتماعي الجديدن حسب ما قيدت تلك الشرذمة المارقة عن دين الله.
وقد أوردت في ذاك المقال طريقين يمكن أن يسلكهما العسكر لتحقيق هذه الغاية الخبيثة، أن يتلاعب في تشكيل الهيئة التأسيسية، أو أن يقوم بتكوينها إبتداءاً. وقد ظهر اليوم أنه يسير في طريق التلاعب في تشكيل اللجنة، وفي المبادئ التي لا يخرج عليها الدستور.
وأود أن أؤكد هنا على أمرين: أولهما، أن المجلس العسكرىّ هو الذي قفز على السلطة، وأوهم الناس أنهم بايعوه، وأنهم سلموا له رقابهم وحياتهم وحريتهم راغبين، وهذا كذبٌ وتضليل أحلامن يعرف ذلك كلّ الناس. وخيانة المجلس العسكريّ واضحةٌ في كلّ تصرف أنفذه، وكلّ قرار إتخذه منذ أن استولى على السلطة بطريق الإنقلاب، ورفض، أو تجاهل، مطلب تشكيل مجلس مدنيّ. ومن هنا فإن وجوده هو تكرارٌ لما حدث في إنقلاب 52، بل هو اسوأ من ذلك، إذ إن ضباط 52 كانت لديهم الجرأة للخروج على الوضع القائمن ثم ظفروا بتأييدِ شعب مَخدوع. وهؤلاء العسكر اليوم، كانوا، وما يزالوا، عملاء السلطة الفاسدة، ومؤيديها، لا خارجين عليها، بل حامين لرؤوسها ورموزها .
والأمر الثاني، والأهم، هو ما يعنى هذا بالنسبة للمسلمين، وأقصد منهم من يهتم بمبدأ تحكيم الشريعة في الحياة، وحتمية النزول على أحكامها نصاً وإجتهاداً كما عبّرنا من قبل. ولا نريد أن نستبق الأحداث، وإن كان استباقنا للأحداث من قبل قد صدَّق كل ما ذهبنا اليه، لكن إن صحّ هذا الأمر من العسكر، وفرضوا مبادئ علمانية تعلو على الشريعة، وعلى الدستور قبل أن يوضع، فقد سقطت شرعية النظام السياسيّ، وعدنا إلى ما كنا عليه من قبل، بل أسوأ مما كنا عليه. وعاد حكم الإشتراك في وضع هذا الدستور والمشاركة في الحكم على التحريم لا الإباحة.وأصبح الطريق هو الدعوة والثورة الإسلامية، أيهما يرى المُسلمون إنهم متمَكنون منه في الوقت الحاليّ.
ولعل القوى الإسلامية أن تتحرك لمواجهة مثل هذا الإغتيال السياسيّ للعملية التي يُسمونها الديموقراطية، والتي يُفترض أن يكون المرجع فيها هو الشعب، الذي بوصفه مسلماً، سيختار الإسلام دون العلمانية.
وسَنرى ما تأتي به الأيام المقبلة، "وَٱنتَظِرُوٓا۟ إِنَّا مُنتَظِرُونَ" هود 122.