فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      العدالة الكندية في الميزان

      مرة أخرى وخلال أقل من اسبوعين، أثبتت الحكومة الكندية اليمينية المتطرفة بزعامة ستيفن هاربر استهتارها بقيم العدالة ونبذها لحقوق الإنسان انقياداً لمخطط اليمين المسيحيّ الأفنجليكانيّ المتطرف الذي يتولى كبره بوش الأصغر. فبعد أن ألغت الحكومة المحاكمة الإبتدائية فيما يعرف بقضية الإرهاب نظرا لخوفها من أن يقوم القضاء بإطلاق سراح المتهمين لعدم توفر أدلة، أعلنت اليوم أنها لا تعتزم ممارسة اي ضغط على الحكومة الأمريكية لنقل محاكمة عمر خضر الكندي المصري الأصل والمسجون في باستيل الأمريكان المعروف بجوانتينامو منذ خمسة سنوات، إلى كندا لضمان محاكمة عادلة .

      وعمر خضرالذي يبلغ من العمر إحدى وعشرين عاماً مما يجعله أصغر معتقل في هذا المكان إذ قبض عليه وهو في الخامسة عشر لا غير! قد اتهمته الحكومة الأمريكية بإلقاء قنبلة في أفغانستان مما أدى إلى مقتل أمريكي من القوات المحتلة. وقد تعالت المطالبات من كافة المؤسسات السياسية المعارضة وبعض الجهات القضائية وهيئات الدفاع مطالبة حكومة هاربر المتطرفة بالعمل على إعادة خضر إلى كندا أسوة بما حدث مع عدد من المعتقلين من مواطني دول أخرى ليواجه محاكمة في بلاده. ولكن الحكومة الحالية أولت هذه الأصوات آذاناً صمّاً وقلوباً غلفاً وتحدت جماهير مواطنيها لتثبت لأسيادها في البيت "الأبيض" أنّهم على العهد في مهمة إذلال المسلمين والقضاء على دينهم.

      وقد صرّح المتحدث باسم الحكومة أن عمر خضر يواجه "تهماً خطيرة،ويجب أن نترك العدالة تأخذ مجراها"! والعجب أن تذكر العدالة في هذا الموقف الذي فيه يعتقل المئات من المسلمين دون محاكمة أو حتى توجيه تهم لسنوات عدة! عجيب أمر هذه العدالة ذات الشق الواحد، عدالة الظالم الجاني الذي لا يأبه بحق أو ينصاع لضمير. فعمر قد إعتقل وهو في سن الحداثة، وتحت أي قانون كان من المفترض أن يتم حبسه في مركز أحداث1 حتى يتم إختبار الأدلة ضده وتكون محاسبته طبقاً لقانون الأحداث.

      ولو كان عمر خضر يهودياً لقامت الدنيا ولم تقعد، ولو كان سامي الحاجّ أو تيسير علّوني صحافيين أوروبيين بدلا من أنهما سوداني وفلسطينيّ، لكان سراحهما قد أُطلق منذ الأسبوع الأول، مع الإعتذار اللائق! ألم يُطلق سراح الممرضات البلغاريات المجرمات اللواتي حقنّ أطفالا ليبيين بجرثومة الإيدز! نعم والله أطلق القذافي المختلّ سراحهم مقابل رضى الأسياد عنه! ولكن عمر خضر وأمثاله لا يستحقون دفاعاً ولا عدلا ولا إنسانية إن كان لهؤلاء البغاة إنسانية.

      وعلى المعارضة الكندية أن تتشبث بما دلّ عليه القانون الكندي وما تعارفت عليه الثقافة الكندية التي عُرفت بالتسامح أضعاف ما عليه جيرانهم الأمريكيون، وعليها أنْ تُثبت للعالم أن أزمة الضمير التي تمر بها البلاد أزمة طارئة ستنقضى بسقوط هذه الحكومة اليمينية المتطرفة حين تسقط حكومة بوش الأصغر محمّلة بالخزى والعار.

      د. طارق عبد الحليم

      1 Juvenile correctional center