اليوم، وفي تطور مفاجئّ من قِبَـل الحكومة الكندية، أذهل هيئة الدفاع وخيّب آمال عائلات المتهمين الأربعة عشر في قضية الإرهاب المفتعلة في كندا، قرر ممثل الإدعاء إلغاء المحاكمة الإبتدائية التي بدأت منذ شهر مايو الماضى، وإحالت المتهمين إلى المحاكمة مباشرة! وقد تعددت الآراء في سبب هذا القرار الجائر المفاجئ من جهة الحكومة.
وقد صرّح مايكل مون المحامي عن ستيفن شاند (عبد الشكور) في ساحة المحكمة: "إنهم يخشون تمحيص الأدلة في هذه المرحلة، يخشون ظهور الأدلة الحقيقية التي كانت ستظهر براءة أغلبهم أو كلهم من هذه التهم". وقال المحامي دافيد ميركورى: "إن المحاكمة الإبتدائية تعنى إكتشاف وجود الأدلة، وهو ما لم نتمكن منه، ومن الواضح أن الحكومة معنية بصداقة الإدارة المريكية أكثر من عنايتها بإظهار الحقيقة"[1] . خاصة وأن الحكومة قد نقضت إتفاقا مع المحامين بالسماح لهم بإستجواب الجاسوسين اللذين استأجرتهما لتزييف الأدلة مقابل السماح للإدعاء بتقديم أدلة من غير معارضة الدفاع لتقديمها.
لا نملك إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل. تكرار مريض لتحركات الصليبية المعادية للإسلام والمسلمين، وإبتذال للنظام القضائي الذي يفترض فيه خدمة العدالة والبحث عن الحقيقة، ولا عجب أن الحقيقة لا تعنى أحداً في عالمنا هذا، شرقه وغربه.
ثم إن هذا التطور قد حدث إبّان استجواب الجاسوس الأول، والذي ظهر التناقض في شهادته في مواضع عديدة، وإن حاول قدر استطاعته أن يحتفظ ببعض إحترام النفس والتمسك بمظهر المسلم، فشهد شهادة إيجابية لعدد من المتهمين مما جعل الإدعاء يخشى إنهيار القضية ككل فأوقف المحاكمة الإبتدائية. كذلك فإن الإدعاء قد خشى أن يقدّم الجاسوس المصري الآخر – لعنة الله عليه – فيفتك به المحامون خاصة، وأن قصته كبيت العنكبوت، ليس أوهى منها عند التحقيق، وماضيه وماضى عائلته المغرقة في النصب والإحتيال يجعله هدفا سهلا للدفاع، فكان أن أخفاه الإدعاء إلى حين.
وهدف الإدعاء الذي يُستشرف من هذا التصرف هو إطالة مدة المحاكمة والإحتفاظ بهؤلاء الرجال وراء القضبان أطول مدة حتى يثبت لأسيادهم الأمريكيين أنهم على العهد والوعد في مطاردة الإرهاب "أى الإسلام" وحتى تتوارى عن ذاكرة العامة الكنديين تفاصيل القضية فلا يسبب إطلاق سراحهم في إحراج الحكومة ورئيسها الصليبي اليميني المتطرف ستيفن هاربر.
ولكن الله غالب على أمره، فالدفاع في ثقة من أنّ الأدلة التي يقدمها الإدعاء لا صحة لها، بل هي إما أدلة مفتعلة مختلقة إبتداءاً أو هي أدلة مركبة لتتخذ صورة الدليل أو هي مصيدة كلامية تقصد إلى الحصول على إجابات محددة يمكن تأويلها ضد المسلم المتهم. ولن يفلح الإدعاء في إخفاء الأدلة إلى الأبد. ما يخشاه بعض المحامين الذين تحدثت اليهم يهذا الشأن هو أن الحكومة مصممة على إدانة هؤلاء الأبرياء مهما كان الثمن لحفظ ماء وجهها ولإبقاء كندا داخل دائرة الدول المحاربة للإسلام والمسلمين أسوة بالولايات المتحدة. ثم إن الإنتخابات الكندية على الأبواب ومن الضرورى لهذه الحكومة أن لا يظهر من أمرها ما يدل على هزلها وسقوطها في "فبركة" الأدلة ضد أبرياء، بل يجب أن تحتفظ بمظهر القوى في مواجهة "الإرهاب" الذي أوجدته أجهزتها أصالة.
د. طارق عبد الحليم
[1] Toronto Star, Isabel Teotonio, Sep 24, 07, 3:35PM, http://www.thestar.com/News/article/260004