فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      من هَـديّ النُبـوّة: حلاوة الإيمان

      حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)." رواه البخارى، كتاب الإيمان

      هذا الحديث الجليل ينضح أوله وأوسطه وآخره بمعنى الولاء، الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، وبمعنى البراء، البراء من الكفر والشرك ومن الكفار والمشركين. فحب الله ورسوله ليس بحبٍ عادي، وإنما هو حبّ يفوق أي حب ويعلو على أي هوى وودّ مهما كان "سواهما"، من ولد وأب وأهل ووطن وعشيرة ومال ونساء، وكل ما في الدنيا من متاع، وهذا الحبّ لا يكون إلا بالولاء له، فالمحبة قرينته. والولاء لله بإلتزام شرعه والوقوف على حدوده ومن ثمّ محبة أهله وأنصاره، ثم البراء من الكفر والكفار ومن ثمّ كراهة أهله.

      والولاء لله ولرسوله والمؤمنين أصل من أصول التوحيد، تواترت الآيات الأحاديث وأحداث السيرة النبوية على تأكيده كركن من أركان التوحيد، قال تعالى:"إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" المائدة 55 بصيغة الحصر، و"الله ولي الذين آمنوا"البقرة 257، ثم البراء من الكفار " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" المائدة 51، و "لقد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدت بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده" الممتحنة 4، هكذا بشكل مطلق لا تحايل فيه ولا مواربة. هذا هو الحبّ الحقيقيّ لله حين يكتمل بكراهة الشرك والمشركين التي عبّر عنها القرآن بالعداوة والبغضاء، إذ العداوة هي الصورة العملية للبراء، والبغضاء هي الصورة النفسية له. فالمؤمن يكره الكفر ومن ثم يكره الكفار وموالاتهم كما يكره أن يلقى في النار.

      ومحبة الله ورسوله يعيش بها المسلم ليله وتهاره، ويمارسها في كلّ أمر من أمور عيشه، وصور البلاء والبراء عديدة يعيشها المسلم كل ساعة من ساعات نهاره وليله كذلك، فنشر الخير والحضّ عليه ولاء لله، وفضح الشر والتحذير منه براء من الكفر، والتزاور والتواصل ومساعدة أهل الإسلام والإيمان هي محبة لله وولاء له ولرسوله وللمؤمنين، ومقاطعة أهل البدعة والكفر،– بضوابطها الشرعية - ومن والى الكفر والشرك كالجواسيس الذين يعيثون في أرض المسلمين فساداً ويوقعون بالمسلمين دون جريرة، والتحذير منهم هي محبة لله لرسوله وللمؤمنين كذلك.

      فمدعى المحبة مع البقاء على ودّ الكفار كاذب في دعواه، موال للكفر والشرك. والله تعالى أعلـم

      د. طارق عبد الحليم